تراث طرابلس

Categories
الصفحة الرئيسية دراسات في تاريخ طرابلس وحاضرها شريط آخر المقالات

أكبر خانات طرابلس عرضة للإهمال

بقلم رحاب نصر

   خان التماثيلي، الشاهد على دور طرابلس في التجارة الدولية، هو في حالة مزرية. فالمبنى التاريخي تسكنه أكثر من 40 أسرة فقيرة جداً حوّلت غرفه وباحته إلى مكان إقامتها الذي لا يملك أي مقومات الحياة الكريمة.

   تحفة مملوكية غدر بها الزمان وتآمر عليها الإنسان. هذا تعريف بسيط عن خان التماثيلي الشاهد الحي على التجارة الدولية في ميناء طرابلس. عمره سبعة قرون ويتميّز بخصائص معمارية اشتهر بها بانوه: المماليك. مقرنصات وتجويفات تعلو الزوايا الأربع في الأروقة العليا. لكن رؤية هذه التحف الفنية تطلب مجهوداً كبيراً، فالخان مقرّ لأسر فقيرة منذ عقود.
هندسة خان التماثيلي لا تختلف عن غيرها، فهو مؤلف من طبقتين: الأولى كانت مستودع البضائع ومسرج الخيول ومعلف الماشية ومخازن للبيع والشراء، والثانية كانت مكاتب التجار وغرف النوم. لكن، تغيرت جهة استعمال الخان. فالمستودعات باتت محالّ لإصلاح السيارات، ومناشر للخشب… أما الباحة، فهي مملوءة بالنفايات وبعض هياكل السيارات المعطلة. وبركة المياه باتت اليوم ممتلئة بالمياه المبتذلة التي تأتي من الطبقة الثانية التي تسكنها الأهالي.
45 غرفة واسعة متجاورة تؤلف الطبقة العلوية من خان التماثيلي الذي تزين 34 قنطرة ممره الأساسي. غرفه تطل كلها على الشارع العام، فهي كانت مقر الوكالات الأجنبية، من هولندية ويونانية وغيرها. كان القناصل يجلسون فيها لاستقبال بواخرهم إلى جانب التجار. لكنها اليوم باتت منازل لتلك الأسر. سكان الخان يعيشون في ظروف صعبة جداً، فالمبنى لا تتوافر فيه أي شروط صحية للعيش مع غياب البنى التحتية من مياه الصرف الصحي واستفحال الرطوبة والنش داخل الجدران. وقد عمل بعض الأهالي على تحسين ظروف إقامتهم باستحداث غرفة ومطبخ وحمام داخل حصتهم من الغرف، ومن مالهم الخاص. وقام البعض الآخر بـ«توريق» الجدران بالباطون ودهنها من جديد، ما شوّه منظر الخان وأفقده طابعه الأثري. هذا، بالإضافة إلى الملابس المتدلية عن الشرفات فتحجب المنظر العام للباحة الواسعة التي تتوسطها بركة ماء كانت تستعمل لري الحيوانات وباتت ممتلئة بالمياه المبتذلة بعدما حول الأهالي مصارفهم الصحية إليها.

عمره سبعة قرون ويتميّز بخصائص معمارية اشتهر بها المماليك

أما البوابة الضخمة للخان، المصنوعة من الخشب المصفح بالحديد، فيصل ارتفاعها إلى ستة أمتار، ويعلوها عقد متسع الدائرة تتوسطه سنجات متعاشقة متناسقة التصميم والألوان. لكن لم يبق اليوم من البوابة الضخمة إلا بعض ألواح خشبية مهترئة آيلة للسقوط.
ما كان عليه خان التماثيلي لا يشبه أبداً ما آل إليه، بعدما استوطنت الأسر غرفه وأفسد فيه الدهر والإنسان معاً. لم يعد هذا المعلم الأثري يحتفظ بشكله الأصلي، فلم يبقَ من خصائصه المميزة الفريدة سوى هياكل تعيسة بعدما طالتها عملية تشويه من الأهالي عبر ترميمهم الغرف على طريقتهم الخاصة. فتبدلت معالم الغرف بحسب الحاجة التي استعملت لها. فهنا باب حديدي كبير إلى جانب باب خشبي، وحتى النوافذ لم تسلم من الأهمال، فكل نافذة اتخذت شكلاً مختلفاً عن الأخرى، لتؤلف لوحة لا تعرف التناسق والانسجام، وتغطي الأعشاب البرية الجدران، وبعضها وصل إلى الطابق العلوي.
رغم هذه الصورة، إلا أن محاولات عدة قد جرت لانتشال هذا الخان الأثري من براثن الأهمال، لكن المشكلة التي تبرز مع كل حديث عن ترميم الخان وتأهيله ليؤدي دوره الأثري في هذه المدينة في عملية التأهيل، هي وضع السكان القاطنين. فالخان ملك لعائلة الخانجي التي باعت وأجرت العديد من الغرف للقاطنين في الخان. وهنا، بدأت عملية الشد والجذب بين السكان وبلدية طرابلس.
يقول إبراهيم حبيب: «وعدتنا البلدية بأنها ستوفر لنا مبالغ من المال لإخلاء الخان، لكننا ما زلنا ننتظر منذ سنوات». صرخة إبراهيم تلقى قبولاً عند مروان مصطفى الذي يخبر عن الوضع المزري الذي يعيشونه من إهمال وغياب النظافة، لكن لا بديل من هذه الغرف المتواضعة. أما محمد صالح، فقد ملّ ـــــ كما يقول ـــــ من «تقديم الأوراق الثبوتية لملكيتنا للمنازل إلى البلدية، واستدعينا مرات عدة، وتفاوضنا مع البلدية، ولم نصل إلى حل حتى اليوم».
في انتظار الحل الذي سينقذ المبنى من براثن الدمار، لا بدّ من الإشارة إلى أهميته التاريخية والهندسية في هذه الواجهة البحرية. فيقول رئيس لجنة التراث والآثار في بلدية طرابلس، الدكتور خالد تدمري: «خان التماثيلي في طرابلس يوازي خان الإفرنج في صيدا، حتى إن التماثيلي أكبر من الإفرنج من حيث المساحة. لذا، فهذا المبنى مؤهل لأن يمثّل بعد الترميم مشروعاً سياحياً أو مركزاً ثقافياً ينبض بالحياة».

نشر في جريدة الأخبار بتاريخ ٢٣ تموز ٢٠١٠

Categories
home page about شريط آخر المقالات

تراث طرابلس

وكم عانى الباحثون من أبناء طرابلس، ومن العلماء الذين أحبوا طرابلس من بلدان شتى عربية وأجنبية، كم عانى هؤلاء من مشقة البحث عن المراجع والمصادر الأصلية الخاصة بطرابلس، هذه الوثائق المبعثرة في عواصم شتى، بين استامبول والقاهرة، إلى باريس ولندن، بل حتى في قلب المدينة، هي أيضاً مبعثرة في مواقع شتى، وإن وجدت فهي تفتقر إلى الحد الأدنى من التوثيق والفهرسة والأرشفة الدقيقة والصحيحة، الأمر الذي يعرقل ويحدّ من إطلاق الدراسات الجادة حول تاريخ طرابلس ودورها الحضاري بشكل واسع. لهذه الأسباب تلاقت جهود المركز الثقافي للحوار والدراسات مع الدور الطليعي الذي تقوم به جمعية العزم والسعادة الاجتماعية على المستوى التنموي في مدينة طرابلس لإطلاق مشروع إحياء الإرث الوثائقي.

Categories
الصفحة الرئيسية شريط آخر المقالات

الانفوميديا والاعلام الشبكي

الانفوميديا والاعلام الشبكي واشكالية الهوية الثقافية

 الدكتور عبد الغني عماد

    إذا كان الباب الاقتصادي والسياسي قد شرع أمام العولمة، فإنه من الطبيعي أن يصبح المجال الثقافي بكل أبعاده مجالاً خصباً لتداعياتها. ولعل هذا المجال بالتحديد من أخطر النتائج المترتبة على العولمة لاتصالها بالشخصية الثقافية والهوية والانتماء للشعوب والأمم التي أصبحت مكشوفة أمام مؤثرات وتحديات لم تعد تنفع معها الدفاعات الثقافية التقليدية السابقة للحفاظ على الخصوصيات والهويات المحلية.

      كانت الثقافة ولا تزال أحد المجالات المصاحبة للصراع بين الأمم والحضارات. وهي اقتصرت في الماضي على التأثير والتأثر المتبادل عبر التجاور الجغرافي والسفر والتجارة، ومن ثم عبرالحروب التي تفرض في نتيجتها ثقافة الغالب وطرائقه في العيش عبر آلية التقليد والمحاكاة التي أجاد العلامة ابن خلدون  تفسيرها، فالمغلوب “مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده”.

     لقد كانت العوامل العسكرية والاقتصادية القائمة على استعمال القوة المادية هي الحاسمة في إخضاع الآخرين وفرض شروط المنتصرين عليهم، لكننا نشهد اليوم تحولاً جذرياً في أدوات وتقنيات إدارة الصراع، سببه التطور الذي نشهده في ميدان إنتاج المعارف والأفكار والرموز والقيم، أي أن ميدان الثقافة انتقل من كونه عاملاً مساعداً ليصبح من أبرز حقول الصراع المعاصرة[1]. وما الحديث عن صدام الحضارات الذي دشّنه هانتنغتون مصنفاً فيه الإسلام من الحضارات المتحدية إلا دليل على المكانة التي أخذ يتبوأها هذا الرأسمال الرمزي الممثل بالثقافة- الحضارة، بوصفها فعل ممانعة ينتج خصوصيته وأتباعه وأدواته، خصوصاً في المناطق التي لم ينجح فيها الاستعمار التقليدي في الحصول على تسليم ثقافي وحضاري كاملين كما في اليابان والوطن العربي والصين والعديد من الدول الإسلامية، وذلك بخلاف ما جرى في معظم أفريقيا وأمريكا الوسطى والجنوبية، فضلاً عن أمريكا الشمالية التي نجح فيها الاستعمار الانكلوساكسوني ومن ثم البرتغالي والإسباني والفرنسي، وتمكن من مسخ شخصيتها الحضارية وتوطين لغاته وثقافاته على حساب ثقافات سكان البلاد الأصليين.

 


[1]  كريم أبو حلاوة، “الآثار الثقافية للعولمة: حظوظ الخصوصيات الثقافية في بناء عولمة بديلة،” عالم الفكر، السنة 29، العدد 3 (كانون الثاني/يناير-آذار/مارس 2001)، ص 181.

لمزيد من المعلومات أنظر الرابط التالي:

الانفوميديا والاعلام الشبكي واشكالية الهوية الثقافية

Categories
الصفحة الرئيسية شريط آخر المقالات

رواد طرابلسيون في عالمي المسرح والسينما

صلاح تيزاني (أبو سليم) الكوميدي القيادي المبدع

   يعتبر صلاح تيزاني (ابو سليم الطبل) أحد أبرز الممثلين الكوميديين الأوائل في لبنان، الذين شاركوا في تكوين الذاكرة الفنية لشريحة واسعة من الجمهور اللبناني.

   عشق منذ بداياته الفن بشكل عام، والكوميديا بشكل خاص، واعتبر الفرح واضحاك الناس هدفاً سامياً لا يقل أهمية عن أي هدف آخر.

   لم يحلم “ابو سليم الطبل” بغير الفن، رغم أنه الحلم الأصعب لطفل نشأ في مجتمع محافظ، وفي زمن تعاطى فيه الناس مع الفنان على أنه “مشخصاتي”، فكيف اذا كان فناناً كوميدياً يضحك الناس.

   لم يكتف “أبو سليم” بالتمثيل، وهو الذي عرف منذ صغره بشخصية قيادية، فأسس أكثر من فرقة مسرحية، وكتب وأخرج غالبية أعماله المسرحية، وكانت له صولات وجولات في مختلف الوسائل الاعلامية، أهمها مسيرته التلفزيونية الطويلة التي بدأت في تلفزيون لبنان، واستطاعت أن توصله الى أكبر عدد ممكن من المشاهدين، الأمر الذي انعكس ايجاباً على أعماله المسرحية التي استطاعت ان تستقطب قاعدة جماهيرية عريضة ظلت وفيّة له ولفرقته على مدى عقود.

   هو صانع “الكاركترات”، وناقد اجتماعي أجاد اضحاك الناس، وعالج بسخرية مضحكة حيناً، ولاذعة أحياناً، المشكلات الاجتماعية، وتنطلق هذه المعالجة من أفكار شعبية بسيطة ومحببة، وتخلص الى ان الحكمة تخرج من أفوه البسطاء ومن داخل المعاناة.

   أنجز تيزاني أكثر من 2250 حلقة تلفزيونية و750 حلقة اذاعية و11 مسرحية و4 أفلام سينمائية. وهو بعد أن أمضى أكثر من ستين سنة في خدمة الفن، لا يزال في كلامه عزم وارادة واصرار على متابعة المسيرة والرسالة التي نذر حياته لأجلها.

لمزيد من المعلومات أنظر الرابط التالي:

رواد طرابلسيون في عالمي المسرح والسينما