تراث طرابلس

Categories
جوامع

المدارس الدينية

المدارس الدينية[1]

 

  تضمّ طرابلس عدداً كبيراً من المساجد والمدارس الدينية، فقد ذكر النابلسي عام 1112هـ/1700م أن “ببلدة طرابلس المحمية مدارس وزوايا ومساجد لا تعدّ ولا تحصى، وسمعنا أنه كان بها ثلاثمائة وستون مدرسة ولكن أكثرها متهدم وغالبها مهجور…”[2]. ونظراً لكثرة هذه المدارس، فقد رأينا أن نوجز الحديث عنها، بذكر ما تبقى منها بحالة جيّدة حتى مطلع القرن العشرين.

اسم المدرسة

مكان وجودها

تاريخ إنشائها

ملاحظات

الدبوسية

حي الدبابسة – الحدادين

حُولت إلى مستودع اليوم

الخاتونية

محلة أق طرق قديماً – زقاق البلاط حديثاً.

775 هـ

تضم كتابات تاريخية هامّة.

السقرقية[3]

محلة أق طرق

قبل 760 هـ

تضم كتابات تاريخية هامة.

الدايم الله

الحدادين

حُولت إلى مستودع اليوم

الشيخ رجب

حي الدبابسة – الحدادين

عرفت بالرجبيّة ومدرسة حسين الجسر

المحمودية

حي العوينات – الحدادين شرقي جامع المعلّق

حوالي 997 هـ

جدّدها علي آغا في ربيع أول 995 هـ

الشمسية

النوري – قرب الجامع الكبير

مملوكية

 

النورية

النوري – مدخل سوق الصياغين

733 هـ

محرابها من أجمل محاريب طرابلس

القرطاوية

النوري ملاصقة للجامع الكبير

716 – 726 هـ

تضم أهم النقوش الكتابية في طرابلس

الناصرية

النوري قرب مدخل الجامع الكبير

حوالي 755 هـ

تشغلها جمعية دفن الموتى اليوم

خيرية حسن

النوري – قرب مدخل الجامع الكبير

709هـ/725هـ

 

الرفاعية

الرمانة – مدخل سوق الكندرجية

مملوكية

جُدد بناؤها وحُوِّلت إلى جامع

الحباك

المهاترة – تحت القلعة

 

الدبّهاء

زقاق سيدي عبد الواحد

1234 هـ

في صحنها مقبرة فيها عدّة أضرحة

الشيخ قاسم

سوق العطارين

في صحنها مقبرة فيها عدّة أضرحة

التدمرية

التربيعة

724 هـ

كانت تعرف بمدرسة سنجر

القادرية

الحديد – سوق السمك قديماً

مملوكية

 

الزاهرية

قرب حمّام عز الدين في باب الحديد

 

سبط العطار

الحديد – السوسية

750- 800 هـ

 

البرطاسية

ضمن الجامع البرطاسي

مملوكية

 

القاضي أوغلو

الرمانة سوق الكندرجية

عثمانية

 

الطواشية

عديمي المسلمين- سوق الصياغين اليوم

قبل 875 هـ

 

الأشرفية[4]

زقاق الرفاعي

جدّدها شرف الدين الرفاعي سنة 1293 هـ

 

 


[1]  – د. فاروق حبلص: طرابلس/ المساجد والكنائس، دار الإنشاء للصحافة والطباعة والنشر، طرابلس، ط1، 1988م، ص80.

[2]  – عبد الغني النابلسي: التحفة النابلسية في الرحلة الطرابلسية، مخطوط، ص 75.

[3]  – ذكرها التميمي السكركية (التميمي وبهجت: ولاية بيروت، دار لحد خاطر، بيروت، 1979، ج2، ص 125)

[4]  – سمّاها التدمري الرفاعية، وهي تحمل نقشاً كتابياً يشير إلى اسمها: “جدد بناء هذه المدرسة الأشرفية السيد محمد شريف الرفاعي في 11 محرم الحرام سنة 1293 هـ”.

 

Categories
جوامع

مسجد الحجيجية

مسجد الحجيجية

 

  يقع في محلة الرمانة، ويطلُّ على سوق النحاسين. ولا يذكره الرحالة الذين زاروا طرابلس من أمثال النابلسي والعطيفي وابن محاسن الذين عدّدوا المساجد الجامعة في طرابلس، مما يعني أنّه لم يكن من المساجد الجامعة. ويضم هذا المسجد أعمدة رخامية مزخرفة، وله مئذنة مختلفة عن سائر مآذن المدينة، له مئذنة مربّعة بها تأثيرات صليبية، اعتبرها الدكتور تدمري من بقايا برج كنيسة صليبية حوّلها المماليك إلى مسجد[1]، ويرجح تاريخه الى سنة 861هـ/1456م؛ تغيرت مساحته قبل نحو ربع قرن، ونصب فيه منبر.

  وقد عثرت في سجلات المحكمة الشرعية في طرابلس على وثيقة تعيين مدرّس في هذا المسجد، تعود إلى العام 1150هـ/1738م. جاء فيها: “بمجلس الشرع الشريف المشار إليه قرّر متوليه مولانا وسيدنا الحاكم الشرعي، حافظ هذا الكتاب الشرعي فخر… الشيخ محمد بن محمد أفندي الأزهري.. في وظيفة قراءة جزء شريف بمسجد الحجيجية…”[2].


[1]  – عمر عبد السلام تدمري:  – تاريخ طرابلس السياسي والحضاري عبر العصور، دار البلاد، طرابلس، 1978، ج2، ص 294؛

                                  – تاريخ وآثار مساجد طرابلس، دار البلاد، طرابلس، 1974، ص 314.
                                  – الأوقاف في بلاد الشام منذ الفتح العربي الإسلامي إلى نهاية القرن العشرين، من المؤتمر الدولي السابع لتاريخ بلاد الشام (17-21شعبان 1427هـ/10-14 أيلول 2006م، المجلد 4، عمر عبد السلام تدمري، تحرير محمد عدنان البخيت، منشورات لجنة تاريخ بلاد الشام – الجامعة الأردنية، عمان، 1431هـ/2010م، ص50.

[2]  – سجلات المحكمة الشرعية في طرابلس: سجل 8، ص32.

Categories
جوامع

جامع طينال

جامع طينال[1]

 

  يقع في مدخل طرابلس الجنوبي، باب الرمل. يسمّيه العامة طيلان، ويشاركهم في ذلك ابن بطوطة[2] والرحالة الشيخ عبد الغني النابلسي بقوله “…الثاني جامع طيلان، وهو جامع لطيف نيّر واقع خارج البلدة، قريب من الجبانّة، وأسلوبه عجيب، وتكوينه غريب”[3]، وعدّه الأمير محمد علي باشا، أكبر مساجد طرابلس، فقال عنه: “وذهبنا مع سعادة المتصرّف وبقية أصحابنا إلى الجامع الأكبر المسمى بجامع طيلان”[4]. كما ذكره العطيفي بقوله: “وبها جامع يقال له طيلون في الطرف الغربي من جهة البحر وهو جامع كبير ومعهد خطير، معدّ لمصلّى العيدين وللاجتماع في الامور العظائم وغير ذلك…”[5]. وذكره التميمي باسم طايلان[6]. أما الرحالة ابن محاسن، فقد ذكره باسم طينال، وقال عنه “… والثاني جامع طينال خارج المدينة من جهة باب أق طرق[7] المشهور بين الناس بباب إخترق، وهو جامع عظيم غالبه بالرخام الجسيم ولا سيما أرضه فإنّها كلّها بالرخام والباني مدفون به…”[8]. وكذلك ذكره محمد أمين صوفي السكري وحكمت شريف باسم طينال[9]. ويبدو أنّ تسمية طينال هي الأصح، لأنّ بانيه هو الأمير سيف الدين طينال الحاجب الأشرفي، نائب السلطنة في طرابلس سنة 736 هـ/1336 م كما يتّضح من النقش الكتابي الذي يعلو الباب الداخلي للمسجد، وهذا نصه: “بسم الله الرحمن الرحيم، أمر بإنشاء هذا الجامع المبارك المقر الأشرفي العالي المولوي الأميري الناصري نائب السلطنة الشريفة بطرابلس المحروسة، إتماماً في أيام الملك الناصر في شهر رجب سنة ست وثلاثين وسبعماية”.. وفي نص الوقفية المنقوشة إلى جانب هذه الكتابة نجد إسم نائب السلطنة كما يلي: “بسم الله الرحمن الرحيم، أمر بإنشاء هذا الجامع المعمور بذكر الله تعالى مولانا المقر الأشرفي العالي المولوي الكافلي السيدي المالكي المخدومي السيفي طينال المالكي الناصري كافل الممالك الشريفة الطرابلسية…”.

  يعدّ هذا الجامع من أجمل جوامع طرابلس على الإطلاق، وهندسته لا تتبع النظام القديم للمساجد الإسلامية. وهو يختلف عن سائر مساجد المدينة بأنّ جدرانه الداخلية ليست مطلية بالملاط الأبيض؛ وبيت الصلاة فيه مقسّم إلى حجرتين كبيرتين يفصل بينهما باب داخلي كبير نقش بأعلاه اسم مؤسس الجامع ووقفيته. وهذا الباب هو أجمل ما في المسجد، وكذلك القباب الثلاث الواسعة التي تعلو سقف بيت الصلاة. وله منبر مزخرف تعلوه لوحة نقش عليها تاريخ إنجازه: “بسم الله الرحمن الرحيم، إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلاّ الله، فعسى أولائك أن يكونوا من المهتدين، تكمل هذه منبر في شهر ذي القعدة سنة ست وثلاثين وسبعمائة”.

  كما حفر بأعلى باب المنبر اسم بانيه: “عمل المعلم محمد الصفدي رحم الله من ترحّم عليه”. وبجوار الجامع 4 حجرات لقضاة المدينة على المذاهب الأربعة.


[1]  – وردت هكذا في سجلات المحكمة الشرعية في طرابلس: سجل 1، تاريخ 1077- 1078 هـ/1666- 1667 م، ص 139.

[2]  – إبن بطوطة: الرحلة، دار صاد، بيروت، 1964 م، ص 64.

[3]  – عبد الغني نابلسي: التحفة النابلسية في الرحلة الطرابلسية، مخطوط، ص 75.

[4]  – محمد علي باشا: الرحلة الشامية، دار الرائد العربي، بيروت، 1981، ص 196.

[5]  – رمضان بن موسى العطيفي: رحلة من دمشق الشام إلى طرابلس الشام، تحقيق إسطفان فيلد، نشر بإسم رحلتان إلى لبنان بيروت 1979، ج2، ص 20.

[6]  – التميمي وبهجت: ولاية بيروت، دار لحد خاطر، بيروت، 1979، ج2، ص 121.

[7]  – ويعرف أيضاً “باب الغنشاه، ينظر سجلات المحكمة الشرعية في طرابلس: سجل 8، ص 176.

[8]  – إبن محاسن: المنازل المحاسنية في الرحلة الطرابلسية، تحقيق عدنان البخيت، دار الآفاق الجديدة، بيروت، 1981، ص 82.

[9]  – محمد أمين صوفي السكري: سمير الليالي، مطبعة الحضارة، طرابلس، 1327هـ، ج1، ص 103. وحكمت شريف: مخطوط تاريخ طرابلس الشام، 1332هـ، ص 150. أنظر أيضاً: الأوقاف في بلاد الشام منذ الفتح العربي الإسلامي إلى نهاية القرن العشرين، من المؤتمر الدولي السابع لتاريخ بلاد الشام (17-21شعبان 1427هـ/10-14 أيلول 2006م، المجلد 4، عمر عبد السلام تدمري، تحرير محمد عدنان البخيت، منشورات لجنة تاريخ بلاد الشام – الجامعة الأردنية، عمان، 1431هـ/2010م، ص30.

Categories
جوامع

جامع سيدي عبد الواحد

جامع سيدي عبد الواحد

 

  يقع في زقاق ضيق في محلّة المهاترة. بناه الشيخ عبد الواحد المكناسي وهو من بلاد المغرب كما يتبيّن من تسميته (المكناسي)، ويعدُّ من الأولياء، نزل مدينة طرابلس بعد فتحها من قبل المماليك. وفي داخل المسجد، وفوق الدعامة المواجهة لنافورة الماء التي تتوسط المسجد اليوم، النقش الكتابي الآتي: “أنشأ هذا المكان المبارك العبد الفقير إلى الله تعالى عبد الواحد المكناسي غفر الله له ولمن كان السبب فيه، وذلك في تاريخ سنة خمس وسبع مئة”[1].

  ويتميز هذا المسجد بالبساطة التامّة فهو يقوم على عقود ضخمة، قليلة الارتفاع، وهو صغير المساحة. وطراز قبّته وعقوده ودعائمه تجعله أقرب إلى مساجد المغرب الإسلامي من مساجد بلاد الشام. ومئذنته تختلف عن سائر مآذن طرابلس[2]. وقد كان لهذا المسجد صحن واسع تتوسطه نافورة ماء، إلاّ أنه يبدو اليوم من غير صحن، بعد أن تمّ عام 1396 هـ توسيع بيت الصلاة، مع الإبقاء على نافورة الماء في وسطه، وأقيم في طرف البناء الجديد مكان آخر للوضوء؛ ثم وضعت، داخل المسجد، لوحة رخامية، بالقرب من مدخله، لتخليد ذلك جاء فيها: “إنّما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلاّ الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين. شُيّد بناء هذا البهو وهذه القبّة من مال المحسنة الحاجة صبحية السيد حرم أمان السويسي في 3 محرم الحرام سنة 1396 هـ”.

  وممّا يلفت الانتباه أن النابلسي وابن محاسن[3] اللذين عدّدا مساجد طرابلس الجامعة في القرنين السابع عشر والثامن عشر، لم يأتيا على ذكر جامع عبد الواحد، علماً بأنه ثاني جوامع المدينة من حيث القدم؛ مما يحمل على الظنّ بأنه لم يكن من المساجد الجامعة، أو أنه كان مهملاً في ذلك التاريخ.


[1]  – عبد العزيز سالم: طرابلس الشام في التاريخ الإسلامي، الإسكندرية، 1967، ص 408 وقد ذكر في بحثه (سبعمائة)؛ أنظر أيضاً فاروق حبلص: طرابلس/ المساجد والكنائس، دار الإنشاء للصحافة والطباعة والنشر، طرابلس، ط1، 1988، ص42 وقد ذكر في بحثه بأنها كتبت (سبع مئة) وأوردها كذلك.

[2]  – السيد عبد العزيز سالم: مرجع سابق، ص 408.

[3]  – إبن محاسن: المنازل المحاسنية في الرحلة الطرابلسية، تحقيق عدنان البخيت، دار الآفاق الجديدة بيروت 1981، ص (81- 84)؛ انظر أيضاً الشيخ عبد الغني النابلسي: التحفة النابلسية في الرحلة الطرابلسية، مخطوط، ص 75- 76.

Categories
جوامع

جامع المعلق

جامع المعلق

 

  يقع في محلّة الحدادين، ويمرُّ من تحته الشارع الرئيس المؤدي إلى سوق العطارين، لذلك عرف بالمعلق مئذنته سداسية الأضلاع، له مصلى صيفي كبير. وذكره النابلسي باسم جامع المحمودية نسبة إلى بانيه محمود بن لطفي الزعيم[1]. ويحمل هذا الجامع نقوشاً كتابية تدل على اسم بانيه وتاريخ بنائه. فعند عتبة باب درج الجامع، نجد الكتابة الآتية: “لا إله إلاّ الله محمد رسول الله ربي. أنشأ هذا المكان العبد الفقير محمود بن لطفي الزعيم سنة 969هـ/1562م”. وعند نهاية الدرج، بأعلى مدخل الجامع نقشت آية قرآنية والعبارة الآتية: “… وكان تمام إنشائِه في شهر ربيع الأول من شهور سنة سبع وستين وتسعماية”. كما نجد فوق نافذة تطلّ على الطريق من الجهة الشمالية، الكتابة الآتية: “الحمد لله محي الرمم المنشئ من العدم، أنشأ هذا المكان العبد الفقير محمود بن لطفي الزعيم في شهر محرم سنة 963” نستنتج من ذلك أنّ بناء الجامع كان في أوائل الحكم العثماني في بلاد الشام، في عهد السلطان سليمان القانوني.

 


[1]  – عبد الغني نابلسي: التحفة النابلسية في الرحلة الطرابلسية، مخطوط،، ص 75.

Categories
جوامع

جامع العطار

جامع العطار

 

  يقع في محلّة العدسة بين الملاحة والتربيعة (في باب الحديد اليوم) شمالي خان المصريين، وله ثلاثة أبواب، نقش بأعلى بابه الشرقي المطلّ على سوق البازركان الكتابة الآتية: “بسم الله الرحمن الرحيم، هذا الباب المبارك والمنبر عمل المعلم محمد بن إبراهيم المهتدي[1] سنة أحد وخمسين وسبعماية”. ويبدو من هذه الكتابة أنّ بناء هذا الباب والمنبر القريب منه جاء في وقتٍ لاحقٍ لبناء الجامع، مما يؤكد ما ذكره كرد علي من أن بناء هذا الجامع تداعى ثم أعيد بناؤه[2]. كما يتّضح أن القسم الذي تهدّم وتمّ تجديده، هو الجزء المحيط بهذا الباب فقط. إلا أنّ الدكتور عبد العزيز سالم، التبس عليه الأمر فرأى أن تاريخ ترميم الجامع وبناء بابه الشرقي، هو تاريخ إنشائه عام 751 هـ[3]، وعزا بناءه إلى بدر الدين بن العطار، أحد العطارين الأثرياء في طرابلس. أمّا حكمت شريف ومحمد أمين صوفي السكري فقد نسباه إلى ناصر الدين العطار المتوفى سنة 749 هـ[4] ويرجّح هذا الرأي الأخير، لأنّ بناء الجامع سابق طبعاً لتداعيه ثم ترميمه عام 751 هـ، وسابق، أيضاً لوفاة بانيه. أما الدكتور عمر تدمري فيرجع بناءه إلى ما قبل سنة 735 هـ وينسبه إلى بدر الدين أو ناصر الدين العطار، وقد ذكر  مجدداً الدكتور عمر تدمري في مرجع “الأوقاف في بلاد الشام” بأن صاحب الجامع هو محمد بن أحمد حمّال ولقبه ناصر الدين، وتاريخ بناءه يعود إلى ما قبل سنة 716هـ/1316م.[5].

  ويُعدّ هذا الجامع من أجمل جوامع طرابلس القديمة، وأجمل ما فيه بوابتاه الشرقية والغربية، ومئذنته التي تُعدُّ من أفخم مآذن طرابلس المملوكية[6]. وليس لهذا الجامع صحن، أمّا بيت الصلاة فهو عبارة عن صالة واسعة تعلوها قُبّة تختلف عن سائر قباب طرابلس، مهندسه أبو بكر ابن البُصَيص كان من كبار المهندسين في عصره ببلاد الشام.

  وقد ذكر النابلسي أن أصل هذا الجامع كنيسة: “قيل إنّ أصله كنيسة وقد عمّره رجل كان عطاراً وكان ينفق من الغيب فنسب إليه. وفي هذا الجامع أربع صفف، كل صفّة لها مدرّس له معلوم يتناوله من وقف الجامع المذكور”[7]. ويوافقه في الرأي كامل البابا الذي كتب وصف جوامع طرابلس لمحمود كرد علي، فقال: “والمشهور عند أهالي طرابلس أنه (أي جامع العطار) كان كنيسة في زمن الصليبيين، ثم تحول إلى جامع بعد الفتح الإسلامي”[8]. ورأى الدكتور عمر تدمري أنّ “سقف الجامع وخاصّة القسم القبلي منه يوحي لمن يراه بأنّه ليس بناءً إسلامياً ومن المحتمل أن هذا القسم ظلّ سليماً من الكنيسة الصليبية، ثم ألحق به القسم الشمالي حيث تقوم القبة وتنفتح بوابتا الجامع الشرقية والغربية”[9].

  وعلى يمين الباب الشرقي، نقش كتابي محفور على لوحة رخامية، وهو عبارة عن مرسوم صادر عام 821 هـ/ 1418 م عن السلطان المؤيد شيخ، يمنع فيه المتولين على وقف الجامع من تكليف المستأجرين للأراضي والمساكن التابعة له أعباء إضافية على بدل الإيجار المتّفق عليه. وهذا نصّه: “لما كان بتاريخ العشر الأول من ربيع الأول سنة أحد وعشرين وثمان مائة ورد المرسوم الشريف من السلطان المؤيد أبو النصر شيخ بأن لا يؤخذ من سكان وقف جامع العطار للمحتسبين من قدوم شهر ولا أذاً مكروه، إستجلاب أدعية المصلين ومن عمل به له أجره ومن خالف عليه غضب الله ولعنة الملائكة والناس أجمعين آمين”.


[1]  – كتبها سوبر نهايم المهندس وأيضاً عبد العزيز سالم: طرابلس الشام في التاريخ الإسلامي، الإسكندرية، 1967، ص 414.

[2]  – محمد كرد علي: خطط الشام، ج6، ص 54.

[3]  – عبد العزيز سالم: مرجع سابق، ص413.

[4]  – محمد أمين الصوفي السكري: سمير الليالي، مطبعة الحضارة، طرابلس، 1327هـ، ج1، ص 103؛ انظر أيضاً حكمت شريف: مخطوط تاريخ طرابلس الشام، 1332هـ، ص 150.

[5]  – عمر عبد السلام تدمري: – تاريخ طرابلس السياسي والحضاري عبر العصور، دار البلاد، طرابلس، 1978، ج2، ص 291؛

                                  – تاريخ وآثار مساجد طرابلس، ص 190- 191.

                                   – الأوقاف في بلاد الشام منذ الفتح العربي الإسلامي إلى نهاية القرن العشرين، م4، تحرير محمد عدنان البخيت، منشورات لجنة تاريخ بلاد الشام – الجامعة الأردنية، عمان ، 1431هـ/2010م، ص22.
[6]  – عبد العزيز سالم، مرجع سابق، ص 414.

[7]  – عبد الغني النابلسي: التحفة النابلسية في الرحلة الطرابلسية، مخطوط، ص 75.

[8]  – محمد كرد علي: خطط الشام، ج6، ص 54.

[9]  – عمر عبد السلام تدمري: تاريخ طرابلس..، ج2، ص 291؛ وتاريخ وآثار…ص 194.

Categories
جوامع

جامع التوبة

جامع التوبة

 

  يقع في الدبّاغة قرب خان العسكر، عرّفه التميمي باسم جامع الطوبا[1]، وذكره معظم الرحالة العرب الذين زاروا طرابلس في القرنين السابع عشر والثامن عشر[2]. وهو لا يحمل كتابة تبيّن تاريخ بنائه، لذلك اكتفى معظم المؤرخين بإرجاعه إلى عهد المماليك[3] لأن هندسته تشبه هندسة الجامع الكبير، وإن كان أصغر منه مساحة، ولأنه يحمل كتابة مملوكية تعود إلى عام 817 هـ في عهد دولة السلطان المؤيد أبي النصر شيخ وأرجع بعضهم تاريخ بنائه إلى ما بين (709- 741 هـ) في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وذكر أنّه كان يعرف بالجامع الناصري نسبة إلى بانيه[4]، والدكتور عمر تدمري يرجح تاريخ بنائه إلى فترة حكم السلطان الناصر المذكور للمرة الثانية أي بين (698ه/1299م – 708هـ/1308م).
 
وفي أقصى الجهة الشرقية من صحن الجامع نجد الكتابة الآتية: “الحمد لله الذي منّ على عبده من جريان فيض فضله ويسّر هذا الخير على يده وهداه إلى العمل بقوله سبحانه وتعالى، إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله، فحلّ وجدّد هذا الجامع الشريف لوجه الله الكريم بعد هدم جداره ومنبره ومحرابه وسبيل مائه من الفيضة الكبرى في سادس عشر ذي القعدة سنة عشرين بعد الألف، الواثق بالملك الباري أحمد بن محمد الشربداري الأنصاري كتخداي حضرة حسين باشا بن يوسف باشا السيفي أمير الأمراء بطرابلس أيّد الله تعالى الدولة والسعادة عليهم وعفا عنهم وعن المسلمين أجمعين آمين، تمّ بناءه في شهر ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وألف ختمت بالخير”. يتبين لنا من هذا النص أن سيلاً هدم جزءاً من الجامع عام 1020 هـ/1612 م، فأعاد أحمد بن محمد الأنصاري كتخدا حسين باشا بن يوسف باشا سيفا، بناءه عام 1021 هـ/1613 م. وقد التبس أمر هذه الكتابة على التميمي فعدّ عام 1021 هـ تاريخ بناء الجامع
[5].

 


[1]  – التميمي وبهجت: ولاية بيروت، دار لحد خاطر، بيروت، 1979، ج2، ص 131.

[2]  – عبد الغني النابلسي: التحفة النابلسية في الرحلة الطرابلسية، مخطوط، ص 75؛ انظر ايضاً رمضان بن موسى العطيفي: رحلة من دمشق الشام إلى طرابلس الشام، تحقيق إسطفان فيلد، نشر بإسم رحلتان إلى لبنان، بيروت، 1979، ج2، ص 21؛ وإبن محاسن: المنازل المحاسنية في الرحلة الطرابلسية، تحقيق عدنان البخيت، دار الآفاق الجديدة، بيروت، 1981، ص 82.

[3]  – محمد كرد علي: خطط الشام، ج6، ص 53. وعبد العزيز سالم: طرابلس الشام في التاريخ الإسلامي، الإسكندرية، 1967، ص 47. والتميمي وبهجت: مصدر سابق، ج2، ص 131.

[4]  – عمر عبد السلام تدمري: تاريخ طرابلس السياسي والحضاري عبر العصور، دار البلاد، طرابلس، 1978، ج2، ص 283، وتاريخ وآثار مساجد طرابلس، ص 136- 137.

[5]  – التميمي وبهجت: ولاية بيروت… ج2، ص 131.

Categories
جوامع

جامع البرطاسي

جامع البرطاسي

 

  يقع في محلة باب الحديد على ضفّة النهر، يذكره الرحالة العرب باسم البرطاسية[1]، يصفه العطيفي بقوله: “وبها جامع يقال له البرطاسية، من بابه إلى محرابه مفروش بالرخام المنّوع الذي يدهش الأبصار ويحيّر الأفكار وكذلك حيطانه.. وسقف معقود بالأحجار، وبه من الجام الملوّن ما يشبه النجوم والعقد المنظوم… وبه بركة ماء مفصّصة بأنواع الرخام الملّون”[2]. وهو من أجمل جوامع طرابلس، به تأثيرات فاطمية، وبيزنطية، ومغربية، وأندلسية، ومحرابه أجمل محاريب الجوامع المملوكية في لبنان على الإطلاق[3]. تزيّنه فسيفساء مذهّبة، ورسوم نباتية، وتقاطع رخاميات مختلفة الألوان. أمّا مئذنته فتحمل طوابع أموية أندلسية وسمات مغربية، يحملها عقد مجوّف، هو آية في الإعجاز العمراني، ومن حوله غرف للطلبة على المذهب الشافعي [4].

  ورد اسم مؤسس هذا الجامع في كتابة منقوشة عند مدخله، جاء فيها: “بسم الله الرحمن الرحيم، أوقف هذه المدرسة المباركة العبد الفقير إلى الله تعالى عيسى بن عمر البرطاسي عفا الله عنه، على المشتغلين بالعلم الشريف على مذهب الإمام الشافعي، وإقامة الجمع والصلوات المكتوبة وشرط أن لا يُرسم فيها على أحد ولا يسكنه من لا له الحق في ذلك”. وقد طمس من هذه الكتابة الجزء الذي يتحدّث عن زمن بناء المسجد، مما جعل تاريخ بنائه مجهولاً. إلا أنّ المؤرخين اجتهدوا في ذلك، ورأى بعضهم أن طراز بنائه وزخارفه وأسلوب كتاباته تعود إلى أواخر عصر المماليك البحريين[5]، أي إلى السبعينات من القرن الرابع عشر لأن دولة المماليك البحريين امتدت من سنة 1250 م إلى سنة 1382 م. ورأى الدكتور عمر تدمري أن بناء الجامع كان حوالي سنة 710 هـ/1310 م. وأضاف إلى اسم مؤسسه (الذي ورد في النقش الكتابي عيسى بن عمر البرطاسي)، نسبة الكردي. فقال أنه “عيسى ابن عمر البرطاسي الكردي” ثم وصفه بالأمير، فقال عنه أنه “أحد أمراء الطبلخاناة”[6] وهي صفة لم نرها في النقش الكتابي، علماً بأنها من الألقاب التي كانت تلازم أسماء حامليها، كما يظهر في النقوش الكتابية في سائر المساجد[7].


[1]  – عبد الغني النابلسي: التحفة النابلسية في الرحلة الطرابلسية، مخطوط، ص 75، وإبن محاسن: المنازل المحاسنية في الرحلة الطرابلسية، تحقيق عدنان البخيت، دار الآفاق الجديدة، بيروت، 1981، ص 83.

[2]  – رمضان بن موسى العطيفي: رحلة من دمشق الشام إلى طرابلس الشام، تحقيق إسطفان فيلد، نشر بإسم رحلتان إلى لبنان، بيروت، 1979، ج2 ص 21 .

[3]  – عبد العزيز سالم: طرابلس الشام في التاريخ الإسلامي، الإسكندرية، 1967، ص 426، وعمر تدمري: تاريخ طرابلس السياسي والحضاري عبر العصور، دار البلاد، طرابلس، 1978، ج2، ص 307.

[4]  – عبد العزيز سالم: مرجع سابق، ص 427.

[5]  – التميمي وبهجت: ولاية بيروت، دار لحد خاطر، بيروت، 1979، ج2، ص 132. انظر أيضاً محمد كرد علي: خطط الشام، ج6، ص 54.

[6]  – عمر عبد السلام تدمري: تاريخ طرابلس.. ج2، ص 306؛ وتاريخ وآثار مساجد طرابلس، ص 208.

[7]  – فاروق حبلص: طرابلس/ المساجد والكنائس، دار الإنشاء للصحافة والطباعة والنشر، ط1، 1988، ص54.

Categories
جوامع

جامع الأويسية

جامع الأويسية

 

  يقع في محلّة باب الحديد عند طلعة السمك عند القلعة[1]، ويذكره ابن محاسن باسم اليونسية، فيقول: “جامع اليونسية بالقرب من المحكمة الكبيرة غالبه مبني بالرخام في غاية الإحكام”[2]. ويذكره النابلسي باسم الأوسية[3]. وهو لا يحمل كتابة تشير إلى تاريخ بنائه، إلا أنّ قبّته تعود إلى تاريخ 865هـ/1460م مما يحمل على الظن بأن بناءه كان في ذلك التاريخ[4] على يد رجل عرف بمحيي الدين الأويسي. ويعتقد أن هذا الأخير كان أحد شيوخ الطريقة الأويسية[5] لذلك نسب هذا الجامع إلى أتباع طريقته، وعرف بجامع الأويسية. وفي عهد السلطان سليمان القانوني، عام 941هـ/1534م، جدد رجل يدعى حيدرة بناء مئذنة الجامع كما يظهر من نقش كتابي حفر في أعلاها[6].

  وفي عام 1224هـ/1809م، وبناء على طلب وجهاء الطائفة الأرثوذكسية في طرابلس تمّ الاتفاق بين المسلمين وأبناء الطائفة على تحويل كنيسة مار نقولا التي كانت قائمة بجوار جامع الأويسية، إلى مصلّى للمسلمين عرف بجامع السروة، وأعطي المسيحيون مكاناً آخر من محلة التربيعة لبناء كنيستهم عليه[7]. وبعد ذلك ألحق مسجد السروة بجامع الأويسية واختفى اسم جامع السروة من لائحة جوامع المدينة. وفي صحن الجامع ضريح أحمد باشا أحد ولاة طرابلس. وقد ورد في سجلات المحكمة الشرعية في طرابلس أنّ متولي أوقاف ضريح أحمد باشا، هو الشيخ علي أفندي شيخ تكية المولوية، مما يدلّ على أن الجامع تحول من أصحاب الطريقة الأويسية إلى أصحاب الطريقة المولوية[8] وذلك في تاريخ 1078هـ/1667م.


[1]  – ورد اسمه الأويسية في سجلات المحكمة الشرعية في طرابلس، سجل 1، ص 34.

[2]  – إبن محاسن: المنازل المحاسنية في الرحلة الطرابلسية، تحقيق عدنان البخيت، دار الآفاق الجديدة، بيروت، 1981، ص 82- 83.

[3]  – عبد الغني النابلسي: التحفة النابلسية في الرحلة الطرابلسية، مخطوط، ص 75.

[4]  – السيد عبد العزيز سالم: طرابلس الشام في التاريخ الإسلامي، الإسكندرية، 1967، ص416- 417 وكرد علي: خطط الشام، ج6، ص 54.

[5]  – عمر عبد السلام تدمري: تاريخ طرابلس السياسي والحضاري عبر العصور، دار البلاد، طرابلس، 1978، ج2، ص 300.

[6]  – السيد عبد العزيز سالم: مرجع سابق، ص 417. وكرد علي: مرجع سابق، ج6، ص 54.

[7]  – مخطوط عبد الله غريب ص 43- 44. محفوظ في منزل حفيده الأستاذ عبد الله غريب في طرابلس.

[8]  – سجلات المحكمة الشرعية في طرابلس: سجل 1، ص 121.