تراث طرابلس

Categories
من علماء طرابلس

الشيخ محمد خالد العمادي

الشيخ محمد خالد العمادي

(1877-1963)

  المتدين والواعظ الأخلاقي

  كانت ولادة الشيخ في طرابلس (1877) وسمي على اسم جده الشيخ خالد العمادي من أصحاب الطرق الصوفية.

  تلقى علومه على مشايخه في طرابلس وهم: الشيخ خليل صادق، والشيخ عبد اللطيف نشابة، والشيخ محمد إبراهيم الحسيني. ونال منهم الإجازة بالتدريس.

  وتولى التدريس والإمامة في بعض المساجد، كما كان ينوب عن الشيخ عبد الكريم عويضة في التدريس في الجامع المنصوري الكبير. ويقوم بأمانة مكتبة الأوقاف الإسلامية والتي كانت ضمن الجامع المذكور.

  وأنشأ في العام 1946 مجلة “الرياض” في طرابلس، وتولى في العام 1952 عضوية مجلس أوقاف طرابلس.

 واقتنى الشيخ العمادي في حياته العديد من الكتب. وقام أنجاله مشكورين بعد وفاته بإهدائها إلى مكتبة البلدية بطرابلس (في مركز رشيد كرامي الثقافي البلدي).

  وتوفي الشيخ عن عمر يناهز الخامسة والثمانين عاماً (1963) وكان معروفاً بالتقوى والصلاح ودماثة الأخلاق وطيب المعشر.

  وقد ترك عدداً من المصنفات بقي أكثرها مخطوطاً. وهي:

1- الرسالة الحميدية في بعض الفنون الدينية (مخطوط).

2- المناقب الدرية في الشمائل المحمدية (مخطوط).

3- تحذير الأصحاب من النرد والألعاب (مخطوط).

4- زبدة الواعظين في حياة روح المتعظين (مخطوط).

5- رسالة الجهاد، طبع في حياة المؤلف، ونال عليها وساماً برونزياً من أنور باشا التركي، ونجمة فضية من السلطان عبد الحميد.

6- تنبيه الغافلات من النساء المتبرجات. وجاءه كتاب تنويه من شيخ الإسلام في 1324هـ.

 

Categories
من علماء طرابلس

الشيخ عمر الرافعي

الشيخ عمر الرافعي

(1881-1960م)

  الشاعر والمفتي.

  والده هو الشيخ عبد الغني الرافعي الذي كان رئيساً لمحكمة استئناف الحقوق في مدينة صنعاء باليمن. وقد ولد عمر فيها. غير أنه تلقى علومه الابتدائية والإعدادية في طرابلس، ثم أكمل دراسته الإعدادية في بيروت وبعدها غادر إلى استانبول حيث التحق بكلية الحقوق، إلا أنه لم يكمل دراسته، فسافر إلى مصر متفقهاً في العلوم الدينية، آخذاً عن أساتذته ولا سيما الإمام الشيخ محمد عبده، والشيخ حسين المرصفي، والشيخ بخيت وغيرهم من العلماء.

  عندما أنهى دراسته في الأزهر، حاول أن ينشىء جريدة في حلب إلا أن السعاة وشوا به، فلم يحصل على الإذن بإصدارها (1906). عاد بعدها إلى طرابلس 1907 ليعمل في المحاماة. وعندما حصل الانقلاب العثماني 1908 رغب في الالتحاق بسلك القضاء. فعين عضواً ملازماً في محكمة بداية نابلس. وبعد بضعة أشهر نقل إلى بيروت ثم إلى طرابلس، ثم عاد إلى محكمة بيروت بناء على طلبه. وبعد ذلك كلف بعضوية محكمة بداية حماه، لكنه اعتذر عن قبول المنصب وانصرف عن خدمة الحكومة، وعاد إلى سلك المحاماة بدمشق 1912. وعندما نشبت الحرب العالمية الأولى 1914 أصابه ما أصاب أمثاله من الأحرار من اضطهاد وتعذيب وسجن. فقد اتّهم بأنه كان يدعو إلى إقامة حكومة عربية في بعض أجزاء الممتلكات العثمانية، فألقي القبض عليه في إحدى ضواحي طرابلس، وكان الوالي التركي عزمي بك يلاحقه ملاحقة شديدة. وجيء به مكبلاً بالأصفاد إلى بيروت ثم أرسل إلى دمشق ليحكم عليه بالإعدام. إلا أن الحكم خفّف إلى السجن المؤبد. وكان سجنه بدمشق حيث مارست السلطات بحقه شتى أنواع التعذيب (من منع من الاختلاط إلى سوء تغذية، إلى حمل السلاسل والسير بها زمناً طويلاً، إلى المنع من النوم، إلى الإهانات) وكان ذلك سبباً لابتلائه بعدد من الأمراض، فدخل المستشفى للمعالجة، بعد أن ساءت حالته الصحية كثيراً.

  وعندما دخل الجيش العربي مع الحلفاء دمشق أطلق سراحه مع سائر المساجين 1918 ولم يجد الشيخ عمر عند حكام دمشق الجدد أذناً صاغية فيئس وعاد إلى طرابلس.

  وفي العام 1919 عين معاوناً للمدعي العام بطرابلس ثم رقي إلى وظيفة المدعي العام في صافيتا، ثم أعيد إلى بيروت قاضياً للتحقيق، وما لبث أن تقلب في مناصب قضائية في عدد من البلدات إلى أن أحيل إلى التقاعد في العام 1930.

  بعد تقاعده انصرف الرافعي إلى المطالعة ولا سيما في كتب الصوفية، وآثر العزلة عن الناس، والتأمل في كيفية العمل لإنهاض أمته. وما لبث أن انخرط في الطريقة النقشبندية.

  وفي أخريات أيامه جرى انتخابه مفتياً 10 آذار 1948 لكنه لم ينل المنصب رسمياً، غير أن جماهير المدينة انطلقت تهتف: لا مفتي إلا عمر، فاعترف به الناس مفتياً شعبياً وجرى تتويجه في دار أحد الوجهاء الطرابلسيين كما يذكر ذلك الدكتور درنيقة في كتابه (ص209).

مؤلفاته

  ترك الشيخ عمر الرافعي عدداً من المؤلفات لم يطبع منها سوى ديوانه (مناجاة الحبيب) الذي جمع فيه قصائد طويلة في مدح الرسول وآل بيته وأصحابه (المطبعة العصرية صيدا1952) في مجلدين، ومن مؤلفاته:

– أساليب العرب في الشعر والرسائل والخطب، 800 صفحة.

– القضية المضرية في القضية العربية.

  وله قصائد متفرقة نشرها في جرائد طرابلس والصباح والبرق والحوادث والراصد وصدى الشعب والرأي العام ومجلة العرفان.

  وصفه د. تدمري فقال: “وكان ممتلئ الجسم، طويل القامة، منور الوجه والشيبة، مستدير الوجه عليه سيماء الصلاح والتقوى، محترماً من الجميع، له هيبة ووقار، وكان ديّناً ورعاً، تقياً، صالحاً”. (مجموعة علماء المسلمين، ج 3، ص 398).

Categories
من علماء طرابلس

الشيخ عبد اللطيف عبد السلام زيادة

الشيخ عبد اللطيف عبد السلام زيادة

(1924-2001)

  قاضي الشرع الحنيف بطرابلس وعضو المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى.

  ولد في طرابلس، ودرس في القسم الشرعي في كلية التربية والتعليم الإسلامية. وكان من أساتذته الشيخ كامل الميقاتي والشيخ عبد الحميد الحامدي والشيخ جميل عدرة، والشيخ صلاح الدين أبو علي مبعوث الأزهر الشريف والشيخ فؤاد اشراقية.

  بعد تخرجه من القسم الشرعي سافر إلى مصر 1945 والتحق بكلية الشريعة في الأزهر حيث نال الإجازة العالية. وكان أثناء دراسته يميل إلى القضاء الشرعي فتخصص فيه ونال فيه إجازة عالية.

  وعندما رجع إلى طرابلس، مارس المحاماة الشرعية، كما ساهم في القضايا الوطنية والمطلبية فخطب في الجماهير وقاد المظاهرات، وتعرض لمحاولة اغتيال (17 تموز 1915).

  وفي العام 1953 تولى تدريس الإفتاء ثم تولى القضاء الشرعي في طرابلس 1959 فكان من ألمع القضاة، كما وجهت إليه وظيفة الإمامة والتدريس والخطابة في عدد من مساجد طرابلس. واشتهر بتخريجاته الفقهية. وفي مطلع السبعينات راح ينشر مقالات وأحاديث دينية وأخلاقية في جريدة الحضارة الطرابلسية بعنوان “مع الله” وكذلك في جريدة “التمدن”.

  قبيل وفاته صدر له كتاب “لقاء الإيمان في رحاب القرآن” في 231 صفحة.

  الإهداء: “إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه”.

  يشتمل الكتاب على مقدمة (ص4-6) وفيها يتحدث عن طفولته ودراسته في المدرسة السلطانية بطرابلس (الجديدة اليوم) وملازمته والده سنتين في مكتبه الكائن في (خان المصرية) لمساعدته في “تنظيم دفاتر الأوقاف”، على أن يتخذها مهنة له بتدبير من والده، غير أن القدر كان يهيئه لعمل آخر، وهكذا كتب له أن يدخل القسم الشرعي بدار التربية والتعليم الإسلامية، فيتخرج منه، ثم يلتحق بالأزهر الشريف، حيث تابع تحصيله خلال ست سنوات. ولم يكتف بالزاد الذي تلقاه عن مشايخه في الأزهر كما يقول: “.. ذلك لأن برامج التعليم المقررة آنذاك بحدودها المعروفة لم تكن تشبع رغبتي كطالب علم يتهيأ لحمل أدق رسالة في عصر مخيف غزت فيه أفكار الشباب رسالات أخرى، فصممت على حملها بشكل صحيح متكامل يحدد العلاقة التي أردتها بيني وبين الناس خاصتهم وعامتهم على السواء”.

  ويقول: “من أجل ذلك أخذت أحلم بالمزيد من الزاد خارج نطاق الكلية أوقات فراغي وأصبح البحث عن مجهول لا أعرفه هاجسي الوحيد ليعطيني من الزاد ما نقص.. ولما كانت الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى، فقد جمعني القدر في رحاب هذا المجهول الذي كنت أفتش عنه. ولم أدر حتى الآن هل كان ذلك خيالاً في منامي أم حقيقة في يقظتي.. والذي يمكنني تقريره هو أن هذا المجهول قد شدني إليه شخصه قبل أن استمع إلى سحر بيانه، قامته متوسطة، كثيف اللحية، عريض الجبين، رأسه بالشيب قد اشتعل، محدوب الظهر، مما يشير بأن عظمه قد وهن. تكسوه مسحة من نور.. وما إن بادرته بتحية الإسلام حتى تلقيت أحسن منها فأذن لي بالجلوس وابتدأ اللقاء..” (ص4-6 المقدمة).

  وتستمر اللقاءات حتى بلغ تعدادها العشرة. وفي كل لقاء كان الشيخ عبد اللطيف يسأل والشيخ الوقور الجليل يجيب والأسئلة والأجوبة كلها تدور حول مسائل إيمانية.

  وفي نهاية آخر لقاء يكشف لنا الشيخ عبد اللطيف الحقيقة فيقول: “.. وسألت نفسي عما إذا كانت هذه اللقاءات في اليقظة أم في المنام؟ أم كانت حقيقة أم خيالاً؟ ومكثت غير بعيد، ثم أيقنت بأنني كنت أحاور نفسي بنفسي، وكنت السائل والمجيب في آن واحد، وأن لقائي مع أبي الأنوار لم يكن إلا صورة تصويرية لحوار بين سائل ومجيب، يجعل القارئ متشوقاً لمعرفة الجواب بعد عرض السؤال. مما أتاح لهذا الانجاز العلمي- وأقولها بكل تواضع- أن يكون شعلة نور بقدرة خالق النور، وقمة عطاء بفضل المعطي الوهاب، خصوصاً وقد باركني شيخان كبيران وأعطياني الكثير الكثير من الرعاية وحسن الدراية “أما الشيخان هذان فهما الشيخ سعيد الحموي قدّس الله سره، والشيخ عادل أبو شنب..”.

  وهذان الشيخان كانا من المتصوفة على ما جاء في كتاب الطرق الصوفية ومشايخها في طرابلس للدكتور محمد درنيقة.

Categories
من علماء طرابلس

الشيخ عبد القادر الرافعي

الشيخ عبد القادر الرافعي

(1832-1905م)

  هو ” الإمام الكبير والعلم الشهير الفقيه الأكبر في عصره والإمام الأوحد في مصره” شيخ السادة الحنفية ومفتي الديار المصرية وصاحب التعليقات على الكتب المتداولة في الأزهر.

  وقد ترجم لحياته ولده الشيخ محمد رشيد الرافعي، وأصدر كتاباً عنه في العام 1323هـ، عن دار التقدم بشارع محمد علي بمصر 1906م.

  ونعتمد على هذه الترجمة لبيان فضل الشيخ عبد القادر وعلو منزلته فقد جاء فيها ما ملخصه:

  الشيخ عبد القادر الرافعي: هو ابن الشيخ مصطفى الرافعي المتوفي سنة 1283هـ الذي جاء إلى مصر ودرس على مشايخها وعلمائها ثم عاد إلى بلده طرابلس الشام وكان من كبار المرشدين. أخذ الطريقة الخلوتية، عن الأستاذ الشيخ أحمد الصاوي الولي الشهير ولازمه وانقطع له حتى أتم السلوك على يديه وكان للأستاذ عناية تامة به.

  وكان الشيخ عبد القادر، والد الشيخ مصطفى هو أول من تلقب بهذا اللقب، وهو ابن الشيخ عبد اللطيف البيسار ابن الشيخ عمر البيساري صاحب الزاوية المشهورة في العوينات بطرابلس الشام. وينتهي بنسبه إلى الفاروق عمر بن الخطاب.

  وكان الشيخ عبد القادر (جد الشيخ عبد القادر المحكي عنه) قد جاء مصر وأخذ عن علمائها. وبرع في العلوم والمعارف، وأخذ الطريقة الخلوتية عن الشيخ محمود الكردي. ثم عاد إلى طرابلس ودرس في الجامع المنصوري الكبير بالإضافة إلى تعاطي التجارة. وله في الأدبيات والتصوف الشعر الرائق والنثر الفائق وتوفي في طرابلس سنة 1230هـ.

  أما الشيخ عبد القادر الحفيد فوالدته هي سلمى بنت الشيخ رشيد ميقاتي الموقت بطرابلس الشام والإمام الشافعي في جامعها الكبير المنصوري. ولد في طرابلس الشام سنة 1248هـ أخذ مبادئ العلوم عن علمائها ثم جاء مصر ليتلقى العلوم في الأزهر حيث كان شقيقه الشيخ محمد الرافعي منفرداً بالشهرة الطائرة في مذهب أبي حنيفة. وتولى مشيخة رواق الشام بعد وفاة شيخها وتولى بعدها عدداً من المناصب الرفيعة منها عضوية مجلس الأحكام والإفتاء في ديوان الأوقاف وبقي في هذا المنصب إلى أن توفاه الله في سنة 1280هـ.

  وجاء الشيخ عبد القادر مصر وأخذ الفقه عن أخيه الشيخ محمد الرافعي وأخذ الحديث والتفسير والمعقول عن شيوخ الأزهر ونال إجازاتهم في سنة 1275هـ.

  وبدأ بعد ذلك التدريس في الأزهر وأقبل عليه الطلاب بكثرة. وكان من تلامذته الشيخ حسين الجسر والشيخ عبد الكريم عويضة (والشيخ محمد عبد الغني الرافعي وأخوه الشاعر عبد الحميد الرافعي ومنشئ هذه الترجمة محمد رشيد الرافعي).

  وعندما توفي الشيخ محمد شقيق المترجم له سنة 1280هـ، أسند إلى الشيخ عبد القادر المترجم المنصبان اللذان كان يحتلهما وهما مشيخة رواق الشوام وإفتاء ديوان الأوقاف على الرغم من حداثة سنه. وفي مشيخة رواق الشوام قام الشيخ بخدمة الطلاب وتمكن من ترتيب الجراية لهم بفضل سعيه لدى الأغنياء والكبراء وحبس بعض ريع الأملاك لهم.. كما مكث في إفتاء الأوقاف زهاء اثنتي عشرة سنة كان فيها المرجع. ثم جعله إسماعيل باشا رئيساً لإحدى محكمتي مصر الكبرى الشرعيتين فمكث فيها خمس سنوات. وبعد ذلك عكف على الدرس والتأليف وصارت داره كعبة يؤمها العلماء والأمراء والأعيان، فأحبه الناس وتعلقوا به. ثم لما خلت وظيفة إفتاء الديار المصرية بوفاة الشيخ محمد عبده لم يجد سمو الخديوي كفؤاً غيره، فدعاه إلى قصره وأظهر له ثقته به وابلغه أنه اختاره لهذا المنصب. وقد أصدر أمره بتعيينه وفيه:

  “فضيلتلو حضرة الأستاذ الشيخ عبد القادر الرافعي

  إنه لخلو وظيفة إفتاء الديار المصرية، ولما هو محقق لدينا في فضيلتكم من العالمية والأهلية، قد وجّهنا لعهدتكم الوظيفة المشار إليها وأصدرنا أمرنا هذا إليكم للعلم به والقيام بما تستدعيه هذه الوظيفة المهمة من الأعمال بما هو معهود فيكم من الدراية والأمانة” (الختم: عباس حلمي).

  ويقول ولده رشيد صاحب كتاب ترجمة حياته “.. كان القضاة والمفتون من جميع محاكم القطر المصري وفي مقدمتها المحكمة العليا والمحكمة الكبرى يقصدونه لاستفتائه رحمه الله تعالى في معضلات المسائل أمهات المشاكل فيجيبهم عن علم حاضر وعارضة شديدة وبديهة ثابتة” (ص68).

مؤلفاته

  تعليقات على الكتب المتداولة في الأزهر وأهمها:

– ما كتبه على حاشية الأشياء والنظائر للعلامة الحموي.

– ما كتبه على حاشية ابن عابدين (ويقول ابنه الشيخ محمد رشيد صاحب ترجمته بأنه قدمه إلى المطبعة الأميرية وبدأ بالطبع فيه..) . 

 

Categories
من علماء طرابلس

الشيخ عبد الفتاح الزعبي

الشيخ عبد الفتاح الزعبي

(1840-1935م)

  هو ابن محمد بدر الدين الزعبي. ولد في طرابلس وتلقى علومه فيها حيث درس الفقه والأدب. ولما شبّ تسلم زاوية الزعبية في محلة السويقة بطرابلس. كما تسلم وظائف الخطابة والتدريس والإمامة في الجامع المنصوري الكبير. وما لبث أن عينته الدولة العثمانية نقيباً للأشراف عن مدينة طرابلس[1] وخصصت له مرتباً شهرياً، لما كان يتمتع به من علم ودين وأثر مشهود. ويبدو أن الرجل نهض بدور مهم في حياة المدينة، ولا سيما لجهة التوجيه والإرشاد، وكان جهوري الصوت، سريع البديهة، وحججه دامغة. وكانت له معرفة واسعة في علم الأنساب، وترك مخطوطة أسماها (أنساب عائلات طرابلس). وقد جمعت خطبه المسجدية التي كان يلقيها في الجامع المنصوري الكبير وفي زاويته في كتاب سمي (المواعظ الحميدية) وهو مطبوع. ويبدو أن دور اللهو والقمار وغيرها انتشرت في أيامه، بحيث رغب فيها الشباب مبتعدين عن مجالس الذكر، فانبرى الشيخ الزعبي لمحاربتها، وراح يحث جمهور الطرابلسيين على مجانبتها ويحضهم على حضور حلقات الذكر التي كان يقيمها في الزاوية تعبداً لله   وتجهداً. كما كان يحارب أدعياء التصوف الذين اتخذوا منه شعاراً يخفون تحته نفاقهم وضلالهم المتمثل بترك التكاليف الشرعية، والتحلل من الشريعة الإسلامية. كما كان يحث الناس على الزهد في الدنيا والعمل للآخرة، مسفّهاً أقوال من راحوا ينكرون كرامات الأولياء. فنظم قصيدة (كرامة الكرامات) بيّن فيها إيمانه العميق بكرامات الشيخ محمد الجسر الطرابلسي ومسجلاً إعجابه بالشيخ حسين الجسر جامع كرامات والده ومناقبه الحميدة.

  وظل هذا دأبه، يخطب في الناس، يوجه ويرشد، ويحث على طاعة الله وينهاهم عن الموبقات والشرور، ويبين لهم طريق الخلاص في الدنيا والآخرة، إلى أن توفاه الله. وكانت وفاته في العام 1935م.

 

آثاره

  ترك الشيخ عبد الفتاح الزعبي خطباً مسجدية جمعت في كتاب مطبوع، كما ترك عدداً من المنظومات الشعرية أكثرها في الشعر التعليمي الديني، فضلاً عن الرثاء ومدح مشايخ النقشبندية والقادرية.

  أما شعره: وأكثره ديني تعليمي، فنمثل عليه بما ورد في قصائده الثلاث (منظومة في أسماء الله الحسنى، منظومة في أسماء النبي العدناني، أرجوزة الآداب المرضية في الطريقة النقشبندية).

مؤلفاته

1-    أرجوزة الآداب المرضية في الطريقة النقشبندية الخالدية، لا مط، 1305هـ.

2-    الإيجاز في مدح سيدنا الباز. لا مط، لا ت.

3-    منظومة في أسماء الله الحسنى. المطبعة الأدبية، بيروت، 1315هـ.

4-    منظومة في أسماء النبي العدناني. لا مط، لا ت.

5-    المواعظ الحميدية.

6-    أنساب عائلات طرابلس (مخطوط).

 

  

 


[1]  قامت الاسرة الزعبية بإنشاء زوايا عديدة في طرابلس للقادرية. وآل الزعبي ينتسبون إلى عبد القادر الجيلاتي وقد نزحوا من عكار إلى طرابلس منذ أكثر من أربعماية سنة. فأقبل عليهم أهلها ينهلون منهم العلم الديني ويدخلون في طريقتهم الصوفية. وبسبب انتهاء نسب العائلة بالرسول (ص) كانت طرابلس تختار شيخاً من الزعبية لمذهب نقيب الأشراف. وهو منصب أحدث في العهد التركي. حيث كانت الدولة العثمانية تعين، في كل مدينة شخصاً من سلالة الرسول (ص) متمتعاً بالكفاءة العلمية وممتلكاً لعدة آثار من مؤلفات أو خطابة أو نبوغ.. وتطلق عليه اسم نقيب الأشراف وكانت تخصص له مرتباً شهرياً.

Categories
من علماء طرابلس

الشيخ عبد الغني الرافعي

الشيخ عبد الغني الرافعي

(1816-1890م)

  الفقيه والقاضي والشاعر

  ولد الشيخ عبد الغني بن أحمد بن عبد القادر الرافعي في طرابلس وتلقى العلم على أشياخها: الشيخ مصطفى الحفار، والشيخ إبراهيم الزيلعي، والشيخ نجيب الزعبي القادري. ثم سافر إلى دمشق وأخذ عن علمائها أمثال الشيخ عبد الرحمن الكزبري والشيخ عبد الله الحلبي. وبعدها سافر إلى مكة لأداء فريضة الحج، وهناك أخذ العلم عن الشيخ محمد الكتبي مفتي مكة.

  وبعودته إلى طرابلس سلك الخلوتية على يد أستاذه الشيخ محمد رشيد الميقاتي. وانقطع للتدريس في الجامع الكبير المنصوري حيث تخرج عليه كثيرون منهم الشيخ إبراهيم الأحدب.

  وتولى الشيخ عبد الغني الرافعي الإفتاء في مدينة طرابلس لمدة ثلاث سنوات، لكنه ترك الإفتاء لوشاية أوقع الوشاة بها بينه وبين متصرف طرابلس، وسافر إلى مصر حيث اتصل بعلمائها فأعجبوا به و “لقبوه بعالم الشام”.

  ومن هنا توجه إلى استانبول حيث قلده شيخ الإسلام نيابة (تعز) باليمن، ثم عيّن رئيساً لمحكمة الاستئناف في ولاية صنعاء. وفي صنعاء كان يعقد مجالس العلم التي كان يرتادها علماء المدينة من الزيدية. وقد أفاد من هذه المجالس، من مناظرة علماء الزيدية كما من اطلاعه على المصنفات الموجودة في خزائن صنعاء.

  وعندما عاد إلى طرابلس راح يقيم في بهو داره حلقات الدرس التي يحضرها خيرة طلاب المدينة. وغلب عليه التصوف في أواخر أيامه فانقطع للعبادة وظل على هذه الحال إلى أن وافاه الأجل في مكة بعلّة الهواء الأصفر العام 1307هـ/1890م.

 

 

مؤلفاته

1- رسالة إشراق الأنوار في إطلاق العذار. لا مط. لا ت. وهي قسمان: في الأول يعلل ضرورة الالتحاء ووجوبه شرعاً. وفي الثاني يجمع طائفة من القصائد لشعراء قدامى ومعاصرين قيلت في العذار وصاحبه مدحاً وتغزلاً وتشجيعاً.

2- ترصيع الجواهر المكية في تزكية الأخلاق المرضية. وهو في التصوف، المطبعة العامرة الشرقية، مصر 1301هـ، 73 صفحة.

3- أسرار الاعتبار فيما أودعه الله تعالى من الحكم في الأشجار.

4- شرح على بديعية صفي الدين الحلي في الأدب في مجلد ضخم.

  وله غير ذلك: تعليق على حاشية ابن عابدين. ورسائل في فنون شتى ومجموعة من الفتاوى. ومقالة بديعة أنشأها حين زار بخعون من قرى الضنية.

 

Categories
من علماء طرابلس

الشيخ حسين الجسر

الشيخ حسين الجسر

(1845-1909)

  المصلح الاجتماعي والمفكر التربوي:

  هو ابن الشيخ محمد الجسر المعروف “بأبي الأحوال” الذي ترك طرابلس هرباً من المصريين والتجأ أولاً إلى قبرص ثم إلى استامبول واقترن فيها بالسيدة التي أنجبت حسيناً. وفي السنة التي ولد فيها حسين توفي والده وهو في فلسطين فنشأ حسين يتيماً. وقد اجتهد فيما بعد، ليتعرف إلى والده من خلال من كان يعرفه وسجل ما سمعه منهم في كتاب سمّاه “سيرة حياة أبي الأحوال”. وفي العاشرة من عمره فقد والدته، إلا أن تربيته، لم تتأثر كثيراً بفقد والديه، فقد نشأ في رعاية عمه الذي سهر على تعليمه. وبين العاشرة والثامنة عشرة من عمره، أتيح له أن يدرس على أيدي بعض المشايخ أمثال أحمد عبد الجليل، وصهريه عبد القادر وعبد الرزاق الرافعيين والشيخ عرابي. فلما أنهى هذه المرحلة سافر إلى الأزهر على غرار كثير من أبناء مدينته، حيث مكث في أرجائه أربع سنوات ونصف السنة، بشكل متواصل ودون انقطاع.

  وكان قبل وصوله القاهرة، أقام حسين أياماً في بيروت في ضيافة مفتيها آنذاك الشيخ محمد افندي الطرابلسي وكان تلميذاً لوالده، وهناك التقى بالمتصرف الذي نصحه بالاهتمام للعلوم العقلية كالمنطق والحكمة والفلسفة التي يحتاج إليها معظم العلماء. وقد أخذ حسين بهذه النصيحة.. الأمر الذي مكنه من مناظرة العلماء من غير المسلمين عندما نشر رسالته الحميدية.

  وفي الأزهر كان للشيخ حسين المرصفي تأثير بعيد على أفكار التلميذ الجسر الذي لازمه واستمع إلى دروسه، وذلك من خلال تدريسه لمقدمة ابن خلدون التي منحت حسيناً عناصر وأدوات لتحليل المجتمع، ومن خلال ما كان يدور على لسانه من مصطلحات حديثة بدأت تستخدمها الأقلام آنذاك من مثل: الحرية والعدالة والوطن والسياسة.. ومن خلال اهتمامه للدور الإصلاحي الذي يمكن أن تنهض به التربية في المجتمع.

  وكان في نية حسين الجسر البقاء عشرين عاماً في الأزهر، حتى يتابع تحصيله لولا.. رسالة وصلته من طرابلس تدعوه إلى العودة بسبب مرض عمه الشديد. وبعد عودته بقليل توفي عمه فاضطر حسين إلى أن يتحمل أعباء العائلة المعيشية والروحية..

  كان والد حسين وعمه على الطريقة الخلواتية، فلما عاد إلى طرابلس 1867 خلف أباه وعمه في رئاسته الطريقة، وقام بما ترتب عليه من عقد الحلقات الصوفية في داره. وفي الوقت عينه انصرف إلى التعليم فبدأ بإعطاء الدروس في المدرسة الرجبية في الجامع المنصوري الكبير. ومكث في ذلك عشر سنوات، لا يشتغل سوى بالتعليم وبإحياء حلقات الطريقة الخلوتية. وكانت فكرة إنشاء مدرسة عصرية قد راودته منذ زمن طويل. فأقدم في العام 1880 على إنشاء المدرسة الوطنية التي حظيت بتأييد من المصلحين مدحت باشا وحمدي باشا. وقد شهدت المدرسة إقبالاً شديداً لتميزها عن سائر المدارس التي كانت قائمة آنذاك. فهي كانت المدرسة الإسلامية الأولى في طرابلس التي شاءت أن تدرس العلوم الحديثة. وكان من تلامدتها رشيد رضا وعبد القادر المغربي وعبد المجيد المغربي واسماعيل الحافظ وعبد الكريم عويضة.

  وكانت المدرسة تدرس: العلوم الدينية (تفسير وحديث وفقه وعبادات وتوحيد) وعلوم الآلة (نحو وصرف ولغة وبيان ومعاني وإنشاء وأدب وعروض) والعلوم الفنية (منطق وحساب وجغرافية وهندسة) والقانون العثماني واللغات (التركية والفرنسية قراءة وكتابة).

  وقد أشاد رشيد رضا- في ما بعد- بأثر هذه المدرسة. ومما قاله عن شيخه الجسر: “وكان أستاذنا العلامة الشيخ حسين الجسر الأزهري هو المدير لها بعد أن كان هو الذي سعى لتأسيسها، لأن رأيه أن الأمة الإسلامية لا تصلح وترقى إلا بالجمع بين علوم الدين وعلوم الدنيا على الطريقة العصرية الأوروبية مع التربية الإسلامية الوطنية تجاه التربية الأجنبية في مدارس الدول الأوروبية والأميركانية..”.

  غير أن المدرسة لم تستطع الاستمرار لأسباب متعددة ومتداخلة بينها حسد بعض علماء المدينة الذين مكروا به (بالشيخ حسين) لدى أولياء الأمر، وبينها كذلك عدم قبول الدولة عدّها من المدارس الدينية التي يعفى طلابها من الخدمة العسكرية وبينها تراجع الأجواء الإصلاحية بعد تعليق الدستور في العام 1876. فكان ذلك سبباً لإلغائها.

  وبعد إغلاق المدرسة الوطنية انتقل الشيخ حسين إلى بيروت ليدير المدرسة السلطانية فيها. وقد أفاد كثيراً من إقامته في بيروت إذ أتيح له أن يكثّف اطلاعاته على العلوم العصرية والنظريات الحديثة من خلال الكتب التي كان يطالعها في مكتبة الكلية الانجيلية السورية.. وأن يكون على اتصال بالشيخ محمد عبده المصري الذي كان يلقي محاضرات على طلبة المدرسة السلطانية، الأمر الذي مهّد لصدور رسالته المعروفة برسالة التوحيد والتي يدافع فيها عن التوحيد الإسلامي ومقارعة النظريات الحديثة.

  وفي بيروت أمضى الشيخ حسين فترة قصيرة نسبياً عاد بعدها إلى طرابلس ليرجع إلى التدريس والكتابة والتأليف 1883، وأمضى خمس سنوات على هذا المنوال حتى العام 1888 حين صدر له أول كتبه: “نزهة الفكر في مناقب مولانا الشيخ محمد الجسر” وكذلك “الرسالة الحميدية في حقيقة الديانة الإسلامية وحقيقة الشريعة المحمدية”.

  ويبدو أن الرسالة الحميدية جلبت له الشهرة فانتشرت نسخها في بلاد الشام ومصر وغيرها من الأقطار الإسلامية، واتصل خبرها بالسلطان عبد الحميد الثاني فاستدعاه للإقامة في استامبول فلبى الدعوة وأقام فيها تسعة أشهر أمضاها في تأليف رسالة متممة للرسالة الأولى. ودعاها “الحصون الحميدية للمحافظة على العقائد الإسلامية”. وأفاد الشيخ حسين من إقامته في عاصمة السلطنة فاستحصل على رخصة بإصدار جريدة طرابلس لأحد معارفه من أبناء المدينة محمد كامل البحيري، وكان ذلك في العام 1893. فلما عاد إلى طرابلس أمضى أغلب سنوات حياته في كتابة افتتاحيات الجريدة وفي المطالعة والتأليف والعبادة. وقد جمعت افتتاحياته في عشر مجلدات باسم “رياض طرابلس”.

  ووافته المنية في العام 1909 بعد أن ترك مجموعة من المؤلفات والرسائل منها المطبوع ومنها المخطوط.

المؤلفات المطبوعة

1- الرسالة الحميدية في حقيقة الديانة الإسلامية وحقيقة الشريعة المحمدية. بيروت 1305هـ 524 صفحة (وفي أولها ترجمة حياته، وطبعة ثانية 1933 وطبعت مؤخراً بتحقيق د. خالد زيادة وتقديمه. منشورات جروس برس، طرابلس والمكتبة الحديثة في 354 صفحة بدون تاريخ).

2- الحصون الحميدية للمحافظة على العقائد الإسلامية. طبعت بالمطبعة العامرة المليحية 1328هـ

1510 صفحة من القطع الصغير وطبعة ثانية في مطبعة مصطفى البابي الحلبي مصر، 1955، في 160 صفحة.

3- العلوم الحكمية في نظر الشريعة الإسلامية.

4- البدر التمام في مولد سيد الأنام.

5- مهذب الدين.

6- هدية الألباب في جواهر الآداب، بيروت، 1289هـ في 8 صفحات.

7- تربية المصونة.

8- التوفير والاقتصاد.

9- حكمة الشعر.

10- إشارة الطاعة في صلاة الجمعة.

11- تربية الأطفال سعادة النساء والرجال وعموم الشعب في المآل.

12- تعدد الزوجات.

13- الأدبيات.

14- كلمات لغوية.

15- رياض طرابلس الشام (مجموعة مقولات في جريدة طرابلس في عشرة أجزاء.

16- نزهة الفكر في مناقب الشيخ محمد الجسر، طبع في المطبعة الأدبية في بيروت، 1306هـ في 271 صفحة.

المؤلفات غير المطبوعة

1- العقيدة الإسلامية والعقيدة النصرانية والمناظرة بينهما باستدلال من كتبهما.

2- القرآن الكريم وعدم التباسه.

3- بنات الأفكار في كشف حقيقة الكيمياء ومشارق الأنوار.

4- الذخائر في الفلسفة الإسلامية.

5- الكواكب الدرية في العلوم الأدبية.

6- رسالة في صدقة الفطر.

7- ذخيرة الميعاد في فضائل الجهاد.

8- خديجة وبثينة.

9- رسالة في آداب البحث والمناظرة.

10- مجموعة في خطب الجمعة.

11- مجموعة من الشعر (1375 بيتاً).

فكره التربوي والاجتماعي

  آمن الشيخ حسين بأن التربية هي الطريق إلى إصلاح ما فسد من أحوال الأمة.. وانسحب في ذلك على أذيال أستاذه في الأزهر الشيخ حسين المرصفي. والفكرة كانت شائعة بين متنوري عصر النهضة أمثال الطهطاوي وعلي مبارك وغيرهما.

  برز اهتمامه بالتربية في الأعداد الأولى من جريدة طرابلس ونشر في أعدادها الأولى كتابه الذي يحمل العنوان التالي: “تربية الأطفال سعادة النساء والرجال وعموم الشعب في المآل”. فقد رأى “أن حسن تربية آحاد الشعب ذكوراً وإناثاً أغنياء وفقراء وتعميم ذلك فيهم ينتج عنه حسن تربية الهيئة الاجتماعية، أعني الأمة بتمامها فإن مجموع الشعب ليس إلا مركباً من آحاده وأفراده”.

  كما رأى بأنها يجب أن تطول أفراد المجتمع كافة دون تمييز وأنها فنّ أي علم قائم بذاته وأنها “تنمية الأعضاء الحسيّة والقوى العقلية وطريقة تهذيب النوع الإنساني ذكراً وأنثى على طبق أصول معروفة يستفيد منها الطفل هيئة ثابتة يتخذها عادة وشأناً واستنارة عقله بالمعارف المعقولة والمقبولة”.

  ويقسم الشيخ حسين التربية قسمين: حسية ومعنوية. “فالحسية تتجه إلى الجسد والعناية بالأطفال، والمعنوية تربي الأخلاق وتحصنها من الرذائل والخصال غير المقبولة، وفيها تربية العقل بتنميته بالعلوم الشرعية والمعارف العقلية وتحليته بالكمالات السامية والفضائل العالية”.

  ويرى بعد تقليب الأمر على وجوهه المختلفة، “أن تربية البنات من أسباب سعادة الشعوب وعليها مدار النجاح وقوام الاصلاح..”.

  وهو يعتقد بأن التعليم والتربية أساسان لنهضة الأمة. فالغرب إنما تقدم عن هذا الطريق وسبب تقدمه “انتشار المعارف بينهم وتعميمها بين الكبير والصغير والغني والفقير والعظيم والحقير”.

  وهو يحذو، في نظرته إلى تقدم الغرب وضرورة التوفيق بين الإسلام وحسنات التقدم الغربي، حذو كبار مفكري الإسلام في عصره. فالتقدم الغربي أمر واقع ولا بد من الأخذ به.. مع التمسك بديننا.

  ويرى بأن بإمكان المسلمين الاستعانة بما وصل إليه الغرب واتخاذه أساساً للبناء عليه، توفيراً للوقت والجهد، “فالطفرة من المحال العادي فلا نحاول خرق العادة ونسلك سبيل العجلة”.

  ويؤكد الشيخ حسين أن الانفتاح على علوم أوروبا أمر لا مناص منه فيتساءل: ما الذي يمنعنا من إقامة مدرسة صنائع يدوية، ويدعو أهل زمانه قائلاً: شيّدوا المدارس وانصروا الصنائع واجلبوا الفبريقات لعمل البضائع واجتهدوا..

  ولم ينسى أن يؤكد على الجانب الأخلاقي حسب التصور الإسلامي لمفهومه التربوي ولإصلاحه الاجتماعي. معتقداً بأن المشكلة الأخلاقية هي أصل المشاكل المعاصرة.

فكره السياسي

  كان الشيخ حسين من مؤيدي السلطان عبد الحميد الثاني لوقوفه في وجه مطامع الدول الأوروبية بالاستيلاء على مناطق الدولة الإسلامية. فالسلطان وقف مدافعاً عن الدولة عاملاً على وحدة الأمة الإسلامية، وقد اكتسب إعجاب العدد الكبير من متنوري عصره الثائرين بمن فيهم الأفغاني وعبده وأديب اسحق ومصطفى كامل.

  والمدافعة عن السلطان بالنسبة لهؤلاء، وللشيخ الجسر، ليست إلا دفاعاً عن المسلمين في وجه أعدائهم من الأوروبيين الذين كانوا يسعون إلى قضم أقاليم الدولة العثمانية اقليماً بعد آخر.

  وكان يرى أن الخلافة لها المنزلة العليا في المذهب الإسلامي: فالإسلام والسلطان توأمان كل واحد منهما لا يصلح إلا بصاحبه. الإسلام أساس والسلطان حارس.

  ولم يكن الشيخ حسين غافلاً عن دسائس الأجانب وسعيهم إلى تفتيت الوحدة السياسية للأمة حسب مفهومه.. يقول: “لم يزل الأجنبي الحسود الطماع يسعى إلى إلقاء المفاسد بين رعايا دولتنا العلية حتى يغتنم غنيمة جديدة، أو يرفع المطالبة عنه في غنيمة غصبها قديماً”. “ولهذا كان يعمل على تنمية روابط الألفة بين العثمانيين من المذاهب المختلفة خوفاً من أن تعمل الدعايات الأجنبية عملها وتبلغ غرضها في خلق الانفصال داخل الأمة التي يريدها موحدة.

  وكان مؤيدي التنظيمات الحديثة التي أعلنها السلاطين في استامبول خلال القرن التاسع عشر والتي أعطت الاعتبار الأول للمواطنية وقدمته على اعتبارات الانتماء الديني في حقوق الأفراد المدنية.

  غير أن الشيخ حسين لم يكن يملك برنامجاً للاصلاح بالرغم من معرفته بأزمات الدولة العميقة، وما تواجهه من تقهقر في الداخل ومطامع في الخارج. ولقد عوّل الكثير على إنشاء الخطوط الحديدية التي كانت في رأيه- الضمانة المادية- لتحقيق الوحدة الإسلامية وترجمتها بشكل عملي وواقعي، كما أمل أن تكون مدينة طرابلس مركزاً لمحطة سكك حديدية تنطلق منها وإليها القطارات فتزدهر أحوالها الاقتصادية.

  ولم يكن الشيخ حسين مقتنعاً بالدور الذي يجب أن يعطى للعامة في إصلاح الأحوال والتغيير السياسي. لذلك ابتعد عن سياسة التحريض والعمل العام، والاشتغال بشؤؤن السياسية وصراعات عصره.

  وقد عاب عليه بعضهم شدة تحفظه وتهيبه الخوض في الأمور العامة وابتعاده عن المشاركة في العمل السياسي، على احترامهم الشديد لعلمه فقد قال فيه تلميذه الشيخ عبد القادر المغربي: “كان مصلحاً دينياً دقيق النظر لكنه مع هذا بقي طول حياته محافظاً شديد الحذر”.

فكره الديني

  أثناء إقامة الشيخ حسين في بيروت مديراً للمدرسة السلطانية فيها أتيح له أن يطلع على ترجمات عربية لبعض المؤلفات العلمية، ولا سيما في مكتبة الكلية الانجيلية السورية (الجامعة الأميركية فيما بعد).

  وفي كتابه المعروف باسم “الرسالة الحميدية” حاول الشيخ حسين أن يرد على بعض النظريات الحديثة التي تعرّف إليها من خلال المؤلفات التي تمت ترجمتها، ومن خلال الصحف التي كانت تكثر آنذاك من عرض الاكتشافات الحديثة وتلخيص النظريات المعاصرة الناشئة في أوروبا. وهو أراد التأكيد على كون الدعوة المحمدية دعوة “صحيحة” في الأصل وأن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان. فإذا كانت الاكتشافات العقلية العلمية تناقض ظاهرياً ما جاء في القرآن، فإن ذلك يعود إلى خطأ في تأويل النصوص الشرعية إذ إن هذه النصوص تتفق مع العقل، وهو يدعو الماديين إلى المذاكرة مع علماء الشريعة المتبحرين فيها العالمين بقواعدها المحيطين بما قاله أجلاّؤها في تفسير نصوصها.. ليعلموا أن ما من شيء منها إلا له انطباق صحيح على قانون العقل لا يخالفه بأدنى مخالفة.

  والشيخ حسين الجسر يسعى إلى التوفيق بين الإيمان والعلم، بل هو على استعداد لأن يقبل بكل نتائج العلم الحديث إذا ما اقر العلماء بأولوية الخالق. وليس الشيخ الجسر معادياً للعلم، بل على العكس من ذلك، إنه معنيّ بقضية الإيمان ونشره، فيدعو الماديين الطبيعيين إلى الإيمان، ويطعن بأصدقاء الدين الجهلة الذين يضرون قضية الدين.

  والشيخ الجسر يظهر في الرسالة الحميدية متكلماً فقهياً: فقد انبرى للرد على ما أثاره علماء الغرب من شبهات كثيرة تقوم على ان هذا المذهب مع تقدير صحته ليس من شأنه أن يتعارض مع القرآن.

  ومع أن الشيخ الجسر ليس عالماً وليس فيلسوفاً بالمعنى الدقيق للكلمة، فقد استطاع أن يكون على مستوى النقاش الذي تفرضه النظريات الحديثة بوجهيها العلمي والفلسفي. وهو متمرس بتقاليد المدرسة السنية الأشعرية، وهدف إلى إحياء تقاليد الفقهاء والمتكلمين المسلمين الكبار، ولم يسلّم بفتح باب الاجتهاد تفادياً للآراء الجاهلة والمغرضة في زمن قلّ فيه الورع وكثرت فيه الدعاوى الباطلة.

  هذا وقد تناول الشيخ الجسر في رسالته التي كتبها كمقال متواصل لا انقطاع فيه المسائل التالية:

– الدفاع عن العقيدة الإسلامية وتبيان صحتها

– شرح أركان الإسلام والإيمان

– الرد على النظريات الحديثة من وجهة نظر الإيمان

– تأسيس موقف إسلامي معاصر أو علم توحيد جديد

– الرد على بعض ما ينتقض به الإسلام

  وتثبت له من الرسالة الحميدية بيان أسباب تأليفها وتسميتها بالحميدية.

  بسم الله الرحمن الرحيم

  بيان أن سبب تأليف الرسالة ما حاوله بعض أحبار الانكليز من تقريب الدين الإسلامي لدينهم.

  الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد فيقول الفقير إلى عفو مولاه حسين بن محمد الجسر الطرابلسي: أنني في هذه الأثناء وجدت في جرائد بلادنا الشامية بعض مقالات مترجمة عن جرائد أورباوية منسوبة لبعض أحبار الانكليز المدعو اسحاق طيلر قد حاول فيها التوفيق بين معتقد الإسلام ومعتقد المسيحيين وإقامة الدلائل على تقاربهما وتشابه كتبهما، وأن الاختلاف بين الطائفتين ليس إلا في أمور غير جوهرية، وذكر في إحدى تلك المقالات أنه أتى البلاد المصرية لمخالطة الإسلام واستكشاف حقيقة دينهم لبلوغ هذه الغاية، وكلامه وإن كان صريحاً بهذا المقصد ولكنه يشف عن استحسان الدين الإسلامي ويرنو إلى دفع اعتراضات يوردها بعض أحبار بلاده على المسلمين فيعارضهم بورود أمثالها عليهم ويدعوهم للنصفة ولاعتبار الدين الإسلامي أول مساعد على تمدن الأمم المتوحشة التي يدعون حرصهم على تمدنها مستدلا بأن الذي شوهد في أفريقيا أن تلك الأمم هناك أسرع قبولاً للدين الإسلامي من سواه. وهو افعل في تهذيب أخلاقهم وتعزيز أنفسهم من كل ما عداه، وما ذاك إلا لمطابقته لصريح العقول وسهولة فهمه عليها، وقد انتشر هناك في هذه السنين انتشاراً غريباً مع عدم المبشرين به والداعين إليه، ومع ذلك كله فالناظر في كلام هذا القس لا يقطع بحقيقة مقصده وإن كان يتخيل للفكر أن بحثه في هذا الشأن للتوصل إلى كشف الحقيقة لبني جلدته وإقناعهم بالصواب، أعانه الله تعالى على عمله الذي يرضي الله تعالى وبلغه مقصده فيه، وبلغني أيضاً أن بعضاً آخر من رجال الإنكليز المتضلعين في اللغات والفنون قد سعى هذه الأيام ببناء معبد للإسلام في البلاد الإنكليزية وأنه يباشر هناك بنشر جريدة عربية ليكون جل مقصدها البحث عن حقيقة الدين الإسلامي وإشهار فضائله لدى غير العارفين بها وقد رغب الرجل بواسطة أحد أذكياء المسيحيين اللبنانيين الموجود الآن في لندن من بعض فضلاء بلدتنا أن تقدم بعض مقالات للجريدة المذكورة في هذا البحث الرفيع، وفقه الله لما فيه خير العالم الإنساني وما يرضي مولانا جل وعلا، وقد خطر لي حيث وجدت مجالاً للكلام وسميعاً للنداء أن أحرر رسالة يستبان منها حقيقة الدين الإسلامي وكيفية تحققه لمتبعيه على أسلوب جديد سهل الفهم لا تمله الأنفس ولا تستوعره الأفكار، يروق العقول الحرة ويعجب الأذهان المطلقة عن قيود التعصب إن شاء الله تعالى.

تسميتها بالحميدية نسبة لاسم الخليفة عبد الحميد رحمه الله تعالى

  وحيث إن الحامي للدين الإسلامي والمؤيد لشعائره، والمحافظ على أوامره هو حضرة مولانا أمير المؤمنين، وخليفة رب العالمين حامي حمى الإسلام، ومشيد أركان شريعة المصطفى عليه الصلاة والسلام السلطان الأعظم والخاقان الأفخم السلطان ابن السلطان السلطان الغازي عبد الحميد خان ابن السلطان الغازي عبد المجيد خان أدام الله أيامه، ونشر أعلامه، وأمده بالإمدادات الإلهية والتوفيقات الصمدانية فكان من كمال حظ هذه الرسالة وطالع سعدها الأكبر أن تكون لاسمه الكريم منسوبة، وفي صحائف حسناته مكتوبة إذ هي حسنة من حسنات عصره السعيد وقطرة من بحار تقدم رعاياه في منهج المعرفة والتسديد فسميتها الرسالة الحميدية في حقيقة الديانة الإسلامية وحقيقة الشريعة المحمدية فأسأل الله تعالى التوفيق لطرق الصواب وهداية قلوب ذوي الألباب للنظر في عاقبة يوم المآب إنه قريب مجيب، وهذا أوان الشروع بالمقصود بعون الملك المعبود.

 

 

   

 

 

 

 

  

 

 

 


[1]  – اعتمدنا أساساً على كتاب الدكتور خالد زيادة: الشيخ حسين الجسر. حياته وفكره، سلسلة أعلام طرابلس، دار الإنشاء للصحافة والطباعة والنشر، 1982، ط أولى.

Categories
من علماء طرابلس

الشيخ اسماعيل الحافظ

الشيخ اسماعيل الحافظ

(؟-1940م)

  القاضي الفقيه والشاعر.

  هو نجل العلامة الشيخ عبد الحميد وحفيد العلامة الشيخ اسماعيل “ابن الشيخ أحمد الأحمدي نسبة إلى قبيلة بني أحمد أو إلى بلدة بني أحمد التابعة لمديرية المنيا من الأقاليم المصرية..”.

  وكان جده قد حفظ القرآن الكريم منذ صباه وأتقن أداءه ثم تلقى علومه في الجامع الأزهر على جماعة من مشاهير علمائه وتميز بين أقرانه بوفرة الذكاء وقوة الحافظة واستظهار كثير من متون العلم وأصوله”.

  وسلك الجد على شيخه العلامة أحمد الصاوي طريق الخلوتية التي كان سلوكها وسلوك أمثالها من طرق الصوفية من أعظم الوسائل لتربية النفس وتهذيب الأخلاق، وكان شيخه يلقبه بالحافظ تنويهاً بكثرة محفوظه فغلب عليه اللقب. وأجاز له شيخه نشر الطريقة الخلوتية في البلاد السورية. وبعد أداء فريضة الحج ومجاورته في مكة المكرمة عاد إلى طرابلس لينشر طريقته الصوفية وليدرس ويمارس الفتوى. وقد ذاع صيته، واختاره مفتي طرابلس آنذاك عبد الحميد كرامة أميناً للفتوى.

  وواظب الشيخ اسماعيل على التدريس فكان يقرئ الفقه والعلوم الأدبية والآلية في مدرسته المعروفة بالخاتونية.

  وترك الحافظ الجد حواشي وتعاليق على شرح الدر المختار في فقه الحنفية، ورسالة في علم الفرائض وفتاوى كثيرة، مع عدد من الخطب المنبرية، وبعض المقامات. وبعض القصائد في المديح والرثاء ضاع أكثرها. أما ولده الشيخ عبد الحميد والد الشيخ اسماعيل فكانت ولادته في العام 1270هـ. وقد تتلمذ على والده الذي حفظه بعض المتون ولقنه شيئاً من مبادئ العلوم، وبعد وفاة والده 1288هـ قرأ علم الفرائض على الشيخ اسماعيل الخطيب والعربية وشيئاً من فنون الأدب على الشيخ عبد الحميد الخطيب. ثم لازم دروس العلامة الشيخ عبد الرزاق الرافعي.. وكان بطبعه ميالاً إلى الأدب مكثراً من حفظ الخطب والأشعار. وتوفي وهو في مقتبل العمر عن ثلاث وثلاثين سنة (1303هـ) ولم يرزق إلا بولد واحد هو الشيخ إسماعيل الذي نترجم له.

  ولد الشيخ إسماعيل (الحفيد) في طرابلس ودرس فيها.

  “وقد تولى من المناصب الدينية أسماها بعد دراسة كثيرة وبحوث فياضة في العلوم والفنون، وعين عضواً في محكمة الاستئناف الشرعية في فلسطين. وكان عالماً يرجع إلى علمه في أكثر الشؤون الدينية والدنيوية، كما كان شاعراً بليغاً نظم كثيراً من القصائد. وقد توفاه الله في العام 1940”. كما جاء ذلك في الأعلام الشرقية لزكي محمد مجاهد، وأنجب ابناً هو الرئيس الدكتور أمين النائب ورئيس لجنة الشؤون الخارجية الأسبق في مجلس النواب اللبناني.

  وقال الميقاتي في كتابه “طرابلس في النصف الأول من القرن العشرين الميلادي” ص104-105.

  “كان شيخنا الحافظ على جانب كبير من العلم والفضل، وقد انقضت حياته في الوظائف الدينية العالية خارج طرابلس، حيث كان يشغل حتى تاريخ انسلاخ البلاد العربية عن السلطة العثمانية عضوية المجلس الإسلامي الأعلى في العاصمة استانبول. وبعد الحرب العمومية الأولى انتقل إلى طرابلس وتعاطى المحاماة، ثم انتقل إلى القدس، وتولّى رياسة محكمة الاستئناف الشرعية العليا، وبقي فيها إلى قبيل ولادة دولة اسرائيل، ثم عاد إلى طرابلس وتقاعد عن العمل حتى توفي”.

  وكان إلى جانب علمه وطنياً صلب العقيدة في عروبته، ساهم برزانة مع رجالات العرب في خدمة القضية العربية أيام المنتدى الأدبي في استنبول، وكانت روحه الصافية لا تميل إلى الجهر بآرائه الوطنية، وهذا ما أنجاه من نقمة الأتراك يوم أعدموا رفاقه، ومنهم: عبد الوهاب الإنكليزي، وعبد الحميد الزهراوي، وغيرهما من أحرار العرب. وكان ضد الانتداب الفرنسي وضد إلحاق طرابلس بدولة لبنان الكبير، ووقع على مذكرة الاحتجاج التي قدمها عدد من رجالات البلاد في العام 1923 إلى الجنرال ويغان.

 

 

Categories
من علماء طرابلس

الشيخ أبو المحاسن القاوقجي

الشيخ أبو المحاسن القاوقجي

(1810-1887)

 

   أغزر علماء عصره في التصنيف والتأليف. شهرته أبو المحاسن وهو شمس الدين محمد بن إبراهيم القاوقجي. ولد في طرابلس في العام 1224هـ وتلقى علومه الابتدائية على مشايخها. ولما بلغ الخامسة عشر ربيعاً توجه إلى مصر طلباً للعلم في الأزهر ومجاوراً فيه. ومكث في الأزهر سبعاً وعشرين سنة يتلقى العلوم الدينية عن العلماء المحققين الذين ذكرهم في كتابه الموسوم (معدن اللآلي في الأسانيد العوالي) ثم عاد إلى طرابلس يدرس فيها ويعلم ويقيم حلقات الذكر. وقد تفقه ومهر القاوقجي في العلوم العقلية والنقلية. وبرع في علم الحديث والرواية، وكان خطيباً مفوّهاً ومنشئاً بليغاً وشاعراً وترك مؤلفات عديدة تزيد على مئتي مؤلف بين كبير وصغير طبع بعضها.

  كما قام بسياحة في القطر المصري وفي البلاد الحجازية والشامية. وتوفي القاوقجي في مكة وهو في زيارة الحج. وعمّر نيفاً وإحدى وثمانين سنة. وقد رثاه الشعراء أمثال الشيخ حسين الجسر والشيخ عبد الكريم عويضة والشيخ عبد الفتاح الزعبي والشيخ عبد اللطيف نشابه والشيخ صالح الرافعي وكذلك عبد القادر الأدهمي وعبد الغني الأدهمي وغيرهم.

  وقد ترجم له عبد القادر الأدهمي في كتابه (ترجمة قطب الواصلين) المطبعة الأدبية بيروت 1306هـ.

  وكان للشيخ القاوقجي تأثير كبير في ثقافة معاصريه الطرابلسيين الدينية والأدبية، فقد كان شيخاً لأكثر علمائهم الذين برزوا في تلك الفترة، سواء أتتلمذوا عليه في القاهرة أم في طرابلس، بعد عودته إليها.

تصوفه ومؤلفاته

وسلك أبو المحاسن طريق التصوف، وانتسب إلى الطريقة الشاذلية وأنشأ له ثلاث زوايا. الأولى في منزله في منطقة الدفتردار وسط المدينة والثانية في جامع الطحام إذ كان خطيب هذا الجامع وإمامه ومدرّسه والثالثة في الميناء.

  وتتناول مؤلفاته موضوعات مختلفة كالتصوف الذي خصه بأغلب هذه المؤلفات، والتفسير والحديث واللغة.

  وكان أبو المحاسن شاعراً، كما كان ناثراً مجيداً يذكرك نثره بنثر الكتّاب العرب البلغاء في العصر العباسي.

من مؤلفاته

1- شرح حزب سيدي إبراهيم الدسوقي، لا مط، 1302هـ.

2- المنتقى الأزهر على ملتقى الأبحر.

3- المقاصد السنية في آداب الصوفية.

4- الفيوضات القدسية. لا مط. لا ت. وصلوات السادة الدسوقية.

5- تحفة الملوك في السير والسلوك.

6- الدر الغالي على بدء الأمالي. المطبعة النصرية، شيين الكوم منوفية، 1317هـ.

7- اللؤلؤ المرصوع في الحديث الموضوع، المطبعة البارونية الجدرية بمصر. لا ت. كشف فيه النقاب عن الأحاديث الموضوعة والأكاذيب المنتشرة لدى بعض الجهلة والعامة التي تنسبها خطأ إلى الرسول. وقد طبع طبعة ثانية في منشورات دار البشائر الإسلامية وحققه وعلق عليه فواز أحمد زمرلي.

8- مفتاح الكنز الأفخر لمن أراد أن يصل إلى العلي الأكبر. القاهرة، لا مط. 1294هـ.

9- البدر المنير على حزب الشاذلي الكبير.

10- مولد البشير النذير. الطبعة الثانية، المطبعة النصرية، شيين الكوم، منوفية مصر، 1317هـ.

11- شرح على الكافي في علمي العروض والقوافي.

12- بغية الطالبين فيما يجب من أحكام الدين. 1322هـ. 110 صفحات، وهي رسالة في المذاهب الأربعة.

13- سفينة لنجاة في معرفة الله وأحكام الصلاة. طبعت مع الرسالة السابقة بنفقة خادم الأعتاب القادرية وأحد مريدي الطريقة الكيلانية السيد الحاج موسى بن السيد الحاج عبد العزيز كنج الطرابلسي الشامي عفي عنه. طبع سنة 1322هـ، من ص111-141.

14- الغرر الغالية على الأسانيد العالية.

15- شرح الأجرومية على لسان أهل التصوف.

16- تسهيل المسالك مختصر لموطأ الإمام مالك بن أنس.

17- مواهب الرحمن في خصائص القرآن.

18- خلاصة الزهر على حزب البحر، القاهرة، 1304هـ.

19- الاعتماد في الاعتقاد. القاهرة، 1926.

20- الذهب الإبريز على المعجم الوجيز. بيروت، 1310هـ. وفيه شرح للأحاديث النبوية.

  وقد ذكر له الدكتور محمد درنيقة مؤلفات أخرى في كتابه الطرق الصوفية. وأكثرها مخطوط لم يطبع.  

  

 

 

 

Categories
من علماء طرابلس

الشيخ إبراهيم الأحدب

الشيخ إبراهيم الأحدب

(1826-1891م)

 

  جاء في موسوعة أعلام القرن الرابع عشر والخامس عشر لإبراهيم ابن عبد الله الحازمي[1] “كان من المشتغلين بالعلم والأدب ونظم الشعر، وكان سيال القلم وذا قريحة شعرية مع سرعة الخاطر ينظم القصيدة في جلسة واحدة. وبلغ ما نظمه نحو ثمانين ألف بيت من الشعر. وكان كثير المداراة، لين الجانب، بشوش الوجه، واسع الاطلاع في الفقه واللغة. وقد وعى كثيراً من أشعار المتقدمين وأقوالهم وأدبهم ونوادرهم”. وجاء مثله كذلك في موسوعة الأعلام الشرقية[2] .

مؤلفاته:

  بالإضافة إلى مسرحياته التي بلغ تعدادها نحواً من عشرين رواية تمثيلية بعضها مبتكر وبعضها مأخوذ من التاريخ الإسلامي، والآخر مقتبس عن اللغات الأوروبية[3] ترك الأحدب الآثار الآتية:

1. ديوان شعر نظمه في صباه ورتبه على ثمانية فصول.

2. ديوان “النفح المسكي في الشعر البيروني” المطبعة العمومية، بيروت، 1284 هـ، 232 صفحة.

3. ديوان آخر نظمه بعده 1284 هـ.

4. مقامات تبلغ ثمانين مقامة أملاها على لسان أبي عمر الدمشقي وأسند رواياتها إلى أبي المحاسن حسان الطرابلسي على نحو مقامات الحريري.

5. فرائد الأطواق في أجياد محاسن الأخلاق. تحتوي على مائة مقالة نثراً ونظماً على مثال مقامات الزمخشري.

6. فرائد اللآل في مجمع الأمثال: نظم فيه الأمثال التي جمعها الميداني في نحو ستة الآف بيت. وقد شرح هذا الكتاب في مجلدين وجعله خدمة لجلالة السلطان. وعني ولداه بطبع هذا الكتاب بعد موته، فجاء كتاباً ضخماً صفحاته تسعمائة صفحة كبيرة مطبوعة طبعاً جميلاً تلونت به الأمثال باللون الأحمر لتظهر وحدها دون سائرالنظم والشروح. المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1312 هـ، جزءان 380 و 418 صفحة.

7. تفصيل اللؤلؤ والمرجان في فصول الحكم والبيان. فيه مايتان وخمسون فصلاً في الحكم والآداب والنصائح.

8. نشوة الصهباء في صناعة الإنشاء.

9. إبداع الإبداء لفتح أبواب البناء في التصريف. مطبعة جمعية الفنون في بيروت 1299 هـ في 135 صفحة من القطع الصغير.

10. مهذب التهذيب في علم المنطق نظما.

11. ذيل على ثمرات الأوراق لابن حجة الحموي، طبع بهامش المستطرف وغيره، المطبعة الوهيبة بمصر 1300 هـ.195 صفحة.

12. كشف المعاني والبيان عن رسائل بديع الزمان. ألف هذا الشرح في أواخر أيامه وطبع بنفقة الأباء اليسوعيين، المطبعة الكاثولكية، بيروت 1890م وطبعه ثانية 1921م ، 545 صفحة.

13. الوسائل الأدبية في الرسائل الأحدبية.

14. وشي اليراعة في علوم البلاغة والبراعة. المطبعة العمومية، بيروت، 1286 هـ/ 1871م، 55 صفحة.

15. تحفة الرشيدية في علوم العربية. بيروت، 1285 هـ 89 صفحة. المطبعة العمومية، بيروت.

16. كشف الأرب عن سر الأدب. بيروت، مطبعة دار الفنون، 1293 هـ، 65 صفحة. 

 

 


[1]  دار الشريف، الطبعة الأولى، 1419 هـ، ص 132.

[2]  زكي محمد مجاهد: الأعلام الشرقية. نشر دار الغرب الاسلامي، الطبعة الثانية، بيروت، 1994، ص 249.

[3]  نزيه كبارة: المسرح في لبنان الشمالي، اصدار المجلس الثقافي للبنان الشمالي، نشر دار جروس برس، 1998، ص 59 و 60.