تراث طرابلس

Categories
من علماء طرابلس

رضوان جميل الشهال

رضوان جميل الشهال

(1915-1988)

  ولد في طرابلس عقب اندلاع الحرب الكونية الأولى. وأمضى طفولته الأولى في دارة جده لأمه محمد كامل البحيري مؤسس أول جريدة ومطبعة في طرابلس (1893) ثم انتقل إلى اللاذقية حيث عين والده جميل الشهال في منصب قضائي. وفي اللاذقية كان لقاء الفتى مع البحر ورجاله ومراكب الصيادين وشباكهم، ولسوف يكتنز هذا اللقاء معرفة أكثر بالبحر ورجاله، عندما انتقل والده إلى رئاسة محكمة بداية صيدا العام 1920 وسكنت العائلة منزلاً على مشارف الأمواج.

  وفي صيدا تلقى الفتى علومه الابتدائية في مدرسة الشمعون الرسمية حيث حفظ القرآن الكريم وختمه مرتين. ثم انتقل إلى مدرسة المطران؛ وفي تلك الفترة ظهرت ميوله الأدبية والفنية وشغفه بالمطالعة والكتابة والرسم. “وكان رضوان مجلياً في اللغة العربية والإنشاء حتى إن أساتذته شكّوا بادئ الأمر في أن يكون هو نفسه من يكتب فروضه”.

  وإذ لاحظ الوالد ميل رضوان إلى الموسيقى أتاه بمدرس يعلمه قراءة النوتة وأصول العزف على الكمان. غير أن اهتمامات الفتى الأدبية والفكرية كانت هي الغالبة في تلك الفترة. ولم يعد إلى الموسيقى إلا بعد ربع قرن عندما اقتنى عوداً وانصرف إلى تعلم العزف عليه مع التعمق في دراسة المقامات الموسيقية.

  وبعد تسع سنوات على الإقامة في صيدا، يعود الوالد إلى طرابلس ليرئس محكمتها، ويعود الفتى إلى أجواء طفولته الأولى، حيث “جو النخلات الباسقات في منزل جده البحيري وعبق الياسمين ونافورة المياه الرخامية، والمناخ الشاعري الموحي بألف صورة وصورة”.

  وفي تلك الحقبة اتجه رضوان إلى الأدب الغربي ينهل من روائعه فيقرأ لأدباء أمثال “توماس مان” و “مكسيم غوركي” و “تشيكوف” و “دوستويفسكي” و “تولستوي” وغيرهم.

  ولم يمكث الوالد قاضياً في طرابلس إلا قرابة السنة، نقل بعدها إلى الشوف. غير أن رضوان استقر مؤقتاً في بيروت وانتسب إلى الكلية البطريركية، حيث كان من أساتذته الأديب الكبير الشيخ إبراهيم المنذر.. ثم يعود إلى طرابلس، بعد أن استقال والده من حاكمية صلح الشوف، ويتابع دراسته الثانوية في كلية التربية والتعليم وينال شهادة البكالوريا (1933) وكان عمره آنذاك ثمانية عشر عاماً.

  وبعد نيل البكالوريا انتقل رضوان إلى بيروت حيث استقر لفترة عند أخواله آل البحيري أصحاب “دار الأحد” التي كان يلتقي فيها أهل السياسة في ذلك الزمان أمثال رياض الصلح وكاظم وعادل وتقي الدين الصلح، وغيرهم كما كان يتردد عليها العديد من الأدباء والمفكرين والشعراء اللبنانيين كأمين الريحاني وميخائيل نعيمة وبشارة الخوري (الأخطل الصغير) وغيرهم. غير أن سلطات الانتداب لم تسمح لآل البحيري بإصدار مجلة الأحد التي كانوا يرغبون بإصدارها، فآثر عندها رضوان أن يغادر إلى مصر، فوافق والده شريطة أن ينتسب رضوان إلى كلية الحقوق ليصبح رجل قانون مثله. وغادر إلى الإسكندرية (1936) ملتحقاً بكلية الحقوق، ولكنه نادراً ما كان يحضر المحاضرات، فقد كان هاجسه الأدبي والفني يطغى على كل شيء.

  واشتغل رضوان في مجال الرسم في قسم الإعلانات بدار الهلال لفترة قصيرة، ثم في شركة الإعلانات الشرقية بالقاهرة التي كانت تضم عدداً كبيراً من الرسامين المصريين والأجانب. وفي مصر أتيح له أن يكون على اتصال وثيق بالحركة الثقافية والأدبية والفنية في القاهرة. وهناك اتجه رضوان إلى رسم وجوه الشخصيات المعروفة في ذلك الحين أمثال طه حسين ومصطفى النحاس باشا ومحمد عبد الوهاب وموسوليني وهتلر.. واعتبرها النقاد في حينه أعمالاً مميزة لجودتها وطريقتها المبتكرة.

  وقضى رضوان في مصر سنتين عاد بعدهما إلى مسقط رأسه طرابلس. وبعد شهور اندلعت الحرب العالمية الثانية، فانتقل الوالد بعائلته إلى بزبينا (عكار) ثم إلى بعقلين في الشوف حيث كان له صداقات مع عائلاتها. ومن بعقلين تنتقل العائلة إلى بيروت في العام 1942 بعد دخول القوات البريطانية وقوات فرنسا الحرة واستقرار الوضع في لبنان.

  وتميزت الرحلة التي امتدت حتى مطلع الخمسينات بنتاج غزير في الرسم والكتابة، فعمل رضوان في عدد من المجلات ونفّذ رسوماً لها، وابتكر شخصية (أبو خليل) ابن الشعب اللبناني لمجلة الصياد. كما نفذ رسوماً للعديد من الكتب والمؤلفات الأدبية ولا سيما كتب مارون عبود وديوان الأخطل الصغير ودواوين سعيد عقل.. ثم انصرف إلى تنفيذ رسوم الكتب المدرسية، فضلاً عن عمله في مجال الرسم الإعلاني.

  في العام 1945 يتزوج رضوان من حنيفة ابنة فهيم كفرسوسا ويرزق منها بولدين هما إبراهيم وعمر.

  وفي مطلع الخمسينات، وبعد عودته من مؤتمر لأنصار السلام في (وارسو) اعتقل رضوان بتهمة الإخلال بالأمن العام. وأمضى حوالي الأسبوعين في السجن. غير أن النائب العام أخلى سبيله وأصدر قراراً بمنع المحاكمة عنه.

  وفي العام 1951 يدخل المعترك السياسي فيرشح نفسه للانتخابات النيابية في طرابلس إلا أنه لم ينجح.

  وبعد هذا التاريخ أتيح له أن يصدر عدداً من الأعمال الأدبية والفنية.

  وعند اندلاع الحرب الأهلية غادر وزوجته إلى طرابلس (1977) حيث انصرف إلى المطالعة والكتابة وتنفيذ بعض الرسوم لبعض أصدقائه في بيروت والشمال. وفي العام 1981 أقام معرضاً للوحاته في مركز رشيد كرامي الثقافي بطرابلس (قصر نوفل سابقاً) اشتمل على 45 لوحة (حبر صيني وغراتاج ومائيات) وفي طرابلس وضع كتابه (عن الشعر ومسائل الفن) بناء على طلب وزيرة الثقافة في الجمهورية العربية السورية الدكتورة نجاح العطار (1986).

  وفي أواخر العام 1987 شعر رضوان ببوادر المرض. وما هي إلا أشهر قليلة حتى وافاه الأجل في 15 تشرين الأول 1988 تاركاً وراءه تراثاً من الأعمال الأدبية والفنية.

  وبمناسبة الأربعين على وفاته أقامت الهيئات الثقافية في 11 و 12 كانون الأول 1988 برنامجاً لتكريمه في قاعة الرابطة الثقافية بطرابلس وكانت كلمات لرشيد جمالي (الرابطة الثقافية) والدكتور نجاح العطار (وزيرة الثقافة في الجمهورية العربية السورية) ولأحمد سويد (اتحاد الكتاب اللبنانيين) ولحبيب صادق (المجلس الثقافي للبنان الجنوبي) ولثرية كبارة (المجلس الثقافي للبنان الشمالي) ولأنطوان سيف (الحركة الثقافية انطلياس) ولحنا مينه ولرشيد درباس (قصيدة) ولعدنان درويش (ممثلاً وزير التربية) ولآل الفقيد (زوجته).

مؤلفاته

  ترك رضوان الشهال عدداً من المؤلفات ومجموعة شعرية بعضها طبع والآخر لم يطبع. وهي:

1- امرؤ القيس، كبير شعراء الجاهلية، 1961.

2- في الشعر والفن والجمال، 1961.

3- أبو الطيب المتنبي، عملاق الواقعية في الشعر العربي، 1962. 

4- كيف نتفهم الشعر ونتذوقه، 1963.

5- جرار الصيف، مجموعة شعرية، 1964، نالت جائزة أصدقاء الكتاب مناصفة مع الشاعر يوسف غصوب، وجائزة سعيد عقل.

6- رجال في البحر وقصص أخرى، 1966. نال عليها جائزة وزارة التربية الوطنية والفنون الجميلة مناصفة مع الأديب خضر نبوة.

7- ملحمة لينين: نشيد لمجد الإنسان والأرض، 1970.

8- عن الشعر ومسائل الفن. منشورات وزارة الثقافة دمشق، 1986، 249 صفحة.

9- رشيد وهبي، فنان الطبيعة والإنسان، ط. أولى، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت، 1982، 200 صفحة، وترجمه إلى الإنكليزية، د. جبرائيل جبور والى الفرنسية، د. محمد وهبي.

مؤلفات غير مطبوعة

10- مصرع العفريت (رواية)

11- على البحر القديم (مجموعة قصائد)

12- محاولات في علم الاستاطيق.

13- خواطر في الحياة والفن والأدب (مجموعة مقالات).

  

Categories
من علماء طرابلس

رأفت شفيق شنبور

رأفت شفيق شنبور

(1902-1988)

  الكاتب السياسي

  من مواليد طرابلس. تلقى علومه فيها، ثم سافر في أوائل العشرينات إلى فرنسا ثم إلى سويسرا لمتابعة تحصيله الجامعي فدرس الحقوق والعلوم السياسية.

  وفي العام 1925 شغلته مسألة الانتدابات فعكف على تأليف كتاب عن جمعية الأمم والانتدابات وطبع الكتاب في مطبعة صدى الشعب في طرابلس الشام 1926، والكتاب كما يقول هو عنه ” سياسي وانتقادي يبحث عن تاريخ جمعية الأمم والانتدابات بوجه عام، وعن الانتداب بوجه خاص وأصول تطبيقه في سوريا ولبنان.. مذيل بدرس حقوق الانتداب درساً قضائياً وأساسياً مع نص صك الانتداب، والمادة الثانية والعشرين من عهد الجمعية وترجمة الأجوبة الرسمية الواردة من شعبة الانتدابات في هذا الخصوص..”.

  واهتم شنبور للسياسة فجاء إلى طرابلس في أوائل الثلاثينات ورشح نفسه للانتخابات ولكن الحظ لم يحالفه.

  حرّر في جريدة الشباب لمؤسسها ومديرها المسؤول سميح القصير والتي صدرت في طرابلس اعتباراً من العام 1933.

  وقد استقر في بيروت بعد الحرب العالمية الثانية وكان يتردد إلى طرابلس من حين لآخر، كما كانت له علاقات مع شخصيات سياسية واجتماعية لبنانية وسورية.

  وتوفي شنبور في العام 1988 تاركاً وراءه عدداً من المؤلفات وجلها سياسي وقانوني ودستوري.

مؤلفاته

1- جمعية الأمم والانتدابات، 1926، مطبعة صدى الشعب طرابلس الشام، في 174 صفحة. وقد تحدثنا عنه.

2- لخدمة بلادي، 1933.

3- من رومة إلى مكة. تعريب.

4- الإصلاح العام في الدولة، 1946.

5- إلى أين؟، 1954.

6- دستور الحكم والسلطة في القرآن والشرائع 1954.

7- الوجود العربي وأزمة الشرق الأوسط، بيروت، 1974، دار الريحاني للطباعة والنشر، في 363 صفحة.

وله بالفرنسية:

La responsabilite de l’occident devant le danger de guerre.

Lausanne 1971, Editions Mediterraneennes.

  وله تفسير للقرآن الكريم (تبويب الآيات وتفسيرها ومقابلتها مع الديانات والشرائع، 14 مجلداً) ولكنه ظل مخطوطاً.

  ونثبت له (المقدمة) التي صدر بها كتابه (جمعية الأمم والانتدابات) (ص 4-11) وقد أهدى شنبور كتابه هذا إلى والديه شفيق شنبور وبديعة خلوصي، معترفاً بفضلهما عليه..

Categories
من علماء طرابلس

حكمت بك شريف

حكمت بك شريف

(1870-1948)

(بقلم: سعيد السيد)

المؤرخ والموسوعي

  هو حكمت شريف بن محمد يكن شريف بن محمد أمين بك ابن حمزة باشا يكن زاده. أديب ومفكر نهضوي، مؤرخ وصحافي، رحّالة جوّال، تطرق في كتاباته لمختلف المواضيع، فكان متعدد الاهتمامات، متنوّع النتاج.

  ولد في طرابلس بين عامي 1868 و 1870م، وهذا التأريخ تم تقديره استناداً إلى تاريخ زواجه وعمره في ذلك الحين، وتاريخ وفاته بعد أن بلغ الثمانين من عمره عام 1948.

  والدته عليا هانم، سيّدة تركية، ووالده محمد شريف يكن، ولقب يكن يدل على القرابة من السلطان، والمرجح أنّ جدّه لأبيه حمزة باشا يكن، كان ابن أخت أحد سلاطين آل عثمان.

  حصّل علومه الأولى في طرابلس، ثم دراساته العليا في الاستانة، وكان يتقن إلى جانب العربية، عدة لغات، كالتركية والفارسية والأوردية والفرنسية، هذه اللغات كانت من مستلزمات الرجال المعدّين لتسلّم الوظائف العليا في الدولة.

  واستناداً إلى ما جاء في مقدمة كتابه (تاريخ طرابلس الشام) فإن حكمت شريف قد زاول التأليف والكتابة الصحفية، فراسل سبعاً وثلاثين جريدة ومجلة في لبنان وسورية وفلسطين والعراق، بالإضافة إلى عمله الرسمي لاحقاً (باش كاتب المجلس البلدي في طرابلس الشام) أولاً ثم رئيساً لمجلس بلدية اللاذقية، حيث تزوج من السيدة نظيرة المفتي ابنة مفتي المدينة الشيخ عبد القادر المفتي، وأنجبت له ثلاث بنات.

  وإذ فتنه العمل الصحافي، أسّس في طرابلس سنة 1907 جريدة “الرغائب” التي عرّفها في صدر صفحتها الأولى (جريدة عثمانية علمية أدبية سياسية تجارية أسبوعية). ويبدو أن هذه الجريدة كانت واسعة الانتشار، حيث يظهر في أسعار الاشتراكات أن قيمة الاشتراك السنوي في البلاد العثمانية والقطر المصري، 6 روبيات في البلاد الهندية، و7 روبلات في البلاد الروسّية.

  توقفت الصحيفة أثناء الحرب العالمية الأولى، بسبب فقدان الورق. ثم عادت للظهور عام 1929 في اللاذقية مع السيد محمد صائب نحلوس.

  جاءت “الرغائب” صحيفة شاملة، تنقل الخبر وتنشر الإعلان والقصص، وتكتب في التاريخ والشعر، وموضوعات في الصحة والزراعة والتجارة، وكانت تنضح بالمعارف والثقافة، أملاً في إيصال المعرفة إلى الناس بأقرب الأسباب وأزهد الأثمان. هذا وقد كانت “الرغائب” ثانية الصحف الطرابلسية بعد “طرابلس الشام” لمؤسسها محمد كامل البحيري عام 1893 وسابقة “المباحث” لجرجي يني عام 1908.

  كان حكمت شريف ككثير من المفكرين المسلمين في تلك الفترة، غيوراً على السلطنة العثمانية باعتبارها خلافة إسلامية، ولكنّه كان من الداعين إلى إصلاح شأن الدولة بعدما آلت إليه من ضعف وعجز قبالة الدول الغربية ووجد في الاتحاديين الداعين إلى الإصلاح والتجديد بارقة أمل، ورأى في الماسونية التي أسس صديقه جرجي يني أول محفل لها في طرابلس، نافذة على التقدم والحرية والعمل للإصلاح، ومن المفارقات أن أكثر رجالات طرابلس وعلمائها المتعاطفين مع الاتحاديين قد انتسبوا إلى الماسونية في تلك الفترة، أما حكمت شريف فقد انسحب بعد فترة وجيزة من المحفل الاسكتلندي، ليؤسس محفلاً وطنياً لا علاقة له بالمحافل الأجنبية، وظل يرى في الماسونية الوطنية طريقاً للانفتاح على العصر مما دعاه بعد انتقاله إلى اللاذقية، رئيساً لبلديتها عام 1927، إلى تأسيس محفل وطني فيها.

  تجلّت دعوة حكمت شريف للإصلاح والتقدم، في افتتاحيات “الرغائب” وعبرمؤلفاته التاريخية، ففي التاريخ دروس وعبر، وفي ثناياه بيان أسباب التخلّف ودواعي التقدم والتطوّر، وبين صفحات كتابه (تاريخ طرابلس الشام) شواهد كثيرة على ذلك.

  ويبدو أن الكتابات التاريخية كانت من أهم أعماله وأكثرها، والأوفر حظاً في الطباعة والنشر أيّام حياته، ومن بعض عناوين الكتب التي طبعت تلك الفترة يبدو لنا بوضوح أن حكمت شريف كان يكتب تواريخ البلدان، بعد أن يزورها ويشاهدها عياناً، فقد كان الرجل سائحاً ثقافياً بامتياز، وجوالاً كبيراً داخل بلاد السلطنة العثمانية وخارجها، فكتابة المطبوع (سياحة في التيبيت ومجاهل آسيا) مشفوعاً بكتابه (تاريخ سيام) ثم (تاريخ اليابان) الذي نشر على أجزاء في جريدة لسان الحال، و (تاريخ زنجبار) الذي منحته حكومتها على أثره وسام الكوكب الدريّ، كلها تؤكد مشاهدته لتلك البلاد، في حين نراه عندما يكتب تاريخاً لفرنسا، يعرّفه بأنه (ترجمة).

  كان رحمه الله غزير الإنتاج، ثرّ المواهب، يكتب في شتى المواضيع، لكن شغفه الأكبر كان الكتابة في التاريخ، ولو لم يقيض لكتابه (تاريخ طرابلس الشام) التحقيق على يدي السيدة منى حداد يكن والأستاذ مارون عيسى الخوري، لغاب هذا الرجل وتاريخه وذهب طيّ النسيان ولضاعت أعماله المطبوعة والمخطوطة، ولقد كشف هذا الكتاب الذي طبعته دار الإيمان عام 1407هـ1987م، عن الكم الوافر لمؤلفاته المطبوعة والمخطوطة إذ يقول محققاً الكتاب:

  “إن ما يعزينا في حكمت شريف، ويعزّي الفكر العربي في آن، أن معظم أعماله (مطبوعة ومخطوطة) قد انتهت إلى حفظ، بعد إهمال شديد لها إثر وفاته وقد أربى هذا المحفوظ من المخطوطات على الثمانين، تضرب في حقول شتى من حقول المعرفة التاريخية والأدبية والإنسانية”.

  هذا ما شجّع على البحث والتنقيب عن أعمال حكمت شريف المطبوعة على الأقل والتي بلغت العشرات، فعثر على بعضها متناثرة هنا وهناك وعلى بعضها الآخر مذكوراً في كتب المؤلفات، ولقد أورد الأديب يوسف أسعد داغر في كتابه (مصادر الدراسة الأدبية) عدداً من مؤلفات أديبنا الراحل المطبوعة وهي:

1- الدرر العتيقة في شرح البراءة الشريفة.

2- سعادة المعاد في شرح بانت سعاد.

3- قصارى الهمم في شرح لاميّة العجم.

4- النفح الوردي في شرح لاميّة ابن الوردي.

5- كليمات في علم الروايات.

6- تاريخ سيام، نشر في جريدة طرابلس وطبع على حده.

7- تاريخ زنجبار، نشر في جريدة طرابلس وطبع على حده.

8- المرأة الصحية والأحكام الإسلامية.

9- الكواكب السيارة في ترجمة أبي نظّاره.

10- سياحة في مجاهل آسيا، نشرت في جريدة لسان الحال وطبعت على حده.

11- نوادر جحا الكبرى، طرابلس المطبعة الأهلية 1928 (مترجم عن التركية).

  ويكمل كتاب (مصادر الدراسة الأدبية) بقوله: وله العديد من المؤلفات المخطوطة تجد قائمتها في الصفحة 641-644 من الجزء الثاني من (تنوير الأذهان في تاريخ لبنان) لابراهيم الأسود.

  ومن موجودات مكتبة الآداب الشرقيّة في بيروت عدة كتب مطبوعة هي:

1-  تاريخ سيام

2- الفوائد الكبرى في السياحات الصغرى. الجزء الأول: سياحة في التيبيت ومجاهل آسيا، المطبعة الأدبية، 1907.

3- قصارى الهمم في مختصر شرح لامية العجم. المكتبة الرفاعية، طرابلس، 1906م.

4- النفح الوردي في شرح لامية ابن الوردي، المكتبة الرفاعية، طرابلس الشام، 1906م.

  وفي كتابه (تاريخ طرابلس الشام) الذي نشر حديثاً عام 1987م يذكر محققاً الكتاب أهم أعماله التاريخية المخطوطة وهي كما يلي:

1- الآثار الحميدة في البلاد العثمانية.

2- تاريخ الانكشارية.

3- تاريخ سوريا ولبنان.

4- تاريخ فرنسا (ترجمة).

5- تاريخ مسقط.

6- الخلافة الإسلامية.

7- الدولة العثمانية.

8- فتح القادر في تاريخ الجزائر.

9- قلادة الذهب في تاريخ وأحوال لاذقية العرب.

10- المؤنس في أخبار تونس.

11- تاريخ الأديان، من 32 جزءاً.

  وفي مكتبة مركز رشيد كرامي الثقافي البلدي في طرابلس، نسخة مطبوعة من كتابه (تاريخ سيام) طبعت في مطبعة البلاغة بطرابلس الشام، 1316هـ/1898م، يذكر المؤلف في آخر صفحة منه بعض الكتب المخطوطة المعدّة للطباعة بعد ذكر ما طبع يقول: هذه الكتب المطبوعة أما التي سنباشر بطبعها إن شاء الله تعالى فهي:

1- تاريخ اليابان. وقد نشر في جريدة لسان الحال الغرّاء.

2- تاريخ اليمن. وقد نشر مختصراً في مجلّة الفيّوم البهية.

3- تاريخ زنجبار.

4- تاريخ طرابلس الشام. وقد أدرج قسم منه في جريدة طرابلس الغرّاء.

5- التالد والطريف، وهي مجموع المقالات التي كتبها العاجز بالجرائد ذات مواضيع مختلفة من علمية وأدبية وسياسية وغيرها.

6- ألف حكمة وحكمة. نشر شيء منها في مجلة (الثمرة) الشهيّة.

7- تاريخ الجرائد وأصولها.

8- رواية غادة الفيحاء. رواية تاريخية أدبية غرامية.

9- الطرق المستحسنة إلى المبادئ الحسنة. نشرت في جريدة طرابلس الفيحاء.

  وفي كتابه (تراجم علماء طرابلس وأدبائها) يذكر الأديب الطرابلسي عبد الله نوفل بعض أسماء الكتب المطبوعة لحكمت شريف وهي:

1- شرح عينيّة ابن زريق البغدادي.

2- تاريخ الخواتم ونقوشها (نشر في المقتطف والهلال).

3- مضحك العبوس ومؤنس النفوس.

4- دموع الأسيف على محمد بك شريف (رثاء لوالده).

  هذا ما عرفناه لحينه وهو بالتأكيد غيض من فيض هذا الموسوعي الطرابلسي الكبير، والذي لم ينل ما يستحق من الدراسة والتحقيق، وهو الذي أثرى المكتبة العربية بكتب مختلفة العلوم متنوعة الموضوعات، وتتميز باهتماماتها وحداثتها عن أكثر ما كان يكتب في تلك الفترة.          

 

 

 

Categories
من علماء طرابلس

جهان غزاوي عوني

جهان غزاوي عوني

(1916-1956)

  إن الحديث عن جهان غزاوي عوني والتي سميت بـ “أديبة الحسناء” له طعم خاص، ليس لأنها أديبة وشاعرة وروائية فحسب بل لأن ما وصلت إليه من ملكات الفكر والإبداع وصلته في عصر كانت المرأة فيه في مجتمعنا ما زالت تستهدي خطواتها في عالم العلم والمعرفة.

  ولدت جهان غزاوي في طرابلس عام 1916 ولقد نالت قسطاً من التعليم الأكاديمي في مدرسة الطليان، لكنها اضطرت بسبب وفاة والدتها للتوقف عن متابعة دراستها والتفرغ للاهتمام بشؤون منزل الأسرة، أو بالوظيفة الأساسية التي تعد لأدائها فتاة ذلك الزمان منذ الطفولة. إن هذا الواقع البيئي الاجتماعي لم يقف أمام طموح هذه الأديبة التي بنت معظم ثقافتها بجهدها الشخصي من خلال المطالعة والدراسة البعيدة عن نظام الأكاديمي، أمر يأتي ليزيد في رفعة ما قدمته في مجال الفكر والإبداع.

  لو تتبعنا المسار الحياتي لجهان غزاوي نجد أن لعبة القدر معها في عرقلة طموحها العلمي والإنساني كانت أقسى من أن يستطيع أي إنسان عادي التصدي لها، وبقدر صعوبة اللعبة بقدر عزيمة هذه المرأة في التصدي والنضال من أجل الترقي. فجهان كانت حياتها قصيرة عانت خلالها آلام المرض وماتت في العام 1956.

نشاطها الأدبي

  قدمت هذه الأديبة الطرابلسية كل نتاجها الأدبي والفكري في مرحلة الصبا والشباب بشكل متقاطع مع نشاطاتها الحياتية كفتاة مسؤولة عن المساهمة بإدارة منزلها الأبوي، ومن ثم كزوجة وأم ترعى أسرة مكونة من زوج وثلاثة أولاد. هذه المهام التي كانت تعتبر الوظيفة الوحيدة لكل فتيات جيلها لم تكن كافية، فطاقتها كانت كبيرة وقد وزعتها أيضاً في العمل كمدرسة (1946-1956) وكأديبة نشرت نتاجها في العديد من المجلات كمجلة: دنيا المرأة، العرائس، الأديب، والأدب والرسالة، وقدمت الكثير منه من خلال الإذاعة اللبنانية. نضيف طبعاً لكل هذا الحراك العلمي دورها كناشطة اجتماعية في نطاق الميدان الذي أحبته، فلقد كانت أولى النساء اللواتي انتسبن إلى الرابطة الأدبية الشمالية كما فتحت بيتها لملتقى الأدباء والشعراء.

  لا بد من القول هنا أن هذا المثال الرائد في تغيير الصورة النمطية التقليدية للنساء بدايات القرن هو مثال قليل في مدينة طرابلس التي يمكن توصيفها اجتماعياً بالمدينة المحافظة على التقاليد والتي ما زالت دينامية التغيير الاجتماعي فيها كمدينة أبطأ نسبياً مما عاشته العاصمة اللبنانية بيروت. صحيح أن طرابلس قد وصفت تاريخياً بمدينة العلم والعلماء، لكن هذا التوصيف كان خاصاً “بعالم الرجال” فيها.

Categories
من علماء طرابلس

العلامة الدكتور مصطفى محمود الرافعي

العلامة الدكتور مصطفى محمود الرافعي

(1924-2000)

  ولد في طرابلس العام 1924، والده هو الشيخ محمود الرفاعي وجده لأبيه هو العلامة الشاعر الشيخ عبد الغني مفتي طرابلس ورئيس محكمة الاستئناف في صنعاء اليمن.

  تلقى علومه الابتدائية والثانوية في دار التربية والتعليم الإسلامية بطرابلس وزاول في مطلع شبابه وظيفتي الإمامة والخطابة في جامع الأسكلة (الميناء) ثم سافر إلى الأزهر لنيل شهادته العالمية (1945) ثم إجازة التخصص في القضاء الشرعي (1947) كما انتسب إلى كلية الآداب بجامعة القاهرة محققاً دراساته العليا في الجامعتين.

  ولم يكتف بما ناله في مصر، بل سافر إلى باريس ليحصل من جامعتها (السوربون) على شهادة دكتوراه في الحقوق (1950) وكان موضوع أطروحته: الطلاق في الإسلام، وناقشها بالفرنسية.

  بعودته إلى لبنان، مارس المحاماة لفترة وجيزة، ثم عين قاضياً شرعياً لمحافظة البقاع (1951) لسنتين، عاد بعدهما قاضياً شرعياً إلى مدينته طرابلس.

  ومن ثم اختير قاضياً شرعياً للمحكمة السنية الشرعية في بيروت (1954) حيث استمر في هذا المنصب حتى العام 1961، وكان في تلك المرحلة يدرس في معهد المعلمين العالي بالجامعة اللبنانية، ويشغل في الوقت نفسه عضوية المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى.

  وفي العام 1962 انتدب مستشاراً ثقافياً للبنان من الدرجة الأولى ليتولى الشؤون الثقافية على اختلافها في كل من مصر والسودان والحبشة. وعومل معاملة السفراء ومكث الدكتور مصطفى في مركزه هذا بالقاهرة نحواً من عشر سنوات كان خلالها يدرس (مادة التنظيم القضائي في لبنان) لطلبة قسم الماجستير في معهد الدراسات القانونية التابع لجامعة الدول العربية.

  عندما عاد إلى لبنان التحق بملاكه الأساسي (القضاء الشرعي)، واستأنف التدريس في كليتي الحقوق والآداب، ثم أسندت إليه إدارة الفروع المنشأة حديثاً للجامعة اللبنانية في محافظة لبنان الشمالي، فتولاها لمدة سنتين. وعند بلوغه السن القانونية صدر مرسوم بترقيته واعتباره (قاضي شرف) ثم انتسب إلى نقابة المحامين وزاول مهنة المحاماة منذ مطلع التسعينات من القرن العشرين حتى وفاته.

  وكان الدكتور الرافعي عضواً بارزاً في العديد من الجمعيات والهيئات أهمها:

– هيئة التقريب بين المذاهب الإسلامية.

– هيئة جماعة علماء المسلمين في طرابلس وكان رئيساً لها.

– المجلس الثقافي للبنان الشمالي وكان رئيسه لثلاث دورات متتالية (1975-1979) ثم انتخب رئيساً فخرياً له لمدى الحياة.

– وكان عضواً بارزاً ومؤسساً في المجتمع الثقافي العربي في بيروت.

  كما شارك في العديد من المؤتمرات والندوات والحلقات العلمية ولا سيما مؤتمرات “مجتمع البحوث العلمية” في القاهرة، وكذلك في تلك التي عقدت في إيران وتونس ولبنان وسوريا والجماهيرية العربية الليبية. وكان آخر نشاط فكري له مشاركته بمحاضرة بعنوان (بيروت ملتقى الأديان والمذاهب والثقافات) بمناسبة الاحتفال ببيروت عاصمة ثقافية للعالم العربي وقد نشرت له الصحف والمجلات العربية الكثير من مقالاته.

  ونال الدكتور الرافعي الكثير من الأوسمة من دول ومنظمات دولية تقديراً لجهوده ومواقفه.

  وأقيم له احتفال تأبيني في قاعة المحاضرات بنقابة المحامين في طرابلس وتناول الخطباء وتناول الخطباء مزاياه ومآثره. كما سمّى المجلس البلدي في العام 2004 أحد شوارع مدينة طرابلس باسمه.

  وكان الدكتور الرافعي خطيباً مفوهاً حاضر البديهة يكثر من الشواهد القرآنية والأحاديث الشريفة. ويتمتع بثقافة علمية ودينية وعصرية مشهود له بها.

مؤلفاته

  وقد ترك مؤلفات عديدة تدل على عمق تفكيره وشمول ثقافته من أهمها:

1- كتاب الطلاق في الإسلام. وضع في العام 1952 وهو موضوع أطروحته بالفرنسية، 92 صفحة، ويعد مرجعاً في بابه.

2- الإسلام نظام إنساني (1958) في 232 صفحة وطبع في القاهرة وبيروت عدة مرات ودرس بكلية الآداب في الجامعة اللبنانية، “أكد فيه عالمية الدعوة الإسلامية وإنسانيتها وكمال المنهج الإلهي ديناً ودنيا”.

3- في تقسيم العمل الاجتماعي (1959) تعريب: بتكليف من منظمة اليونسكو في بيروت.

4- نحن وأميركا (1960) في 238 صفحة وهو حصيلة رحلته إلى الولايات المتحدة حيث زار ما يقارب العشرين ولاية وتفقد أحوال الجالية اللبنانية فيها وزار جامعاتها ومنتدياتها العلمية والثقافية وكتب عن انطباعاته.

5- من فوق المنبر. مجموعة الخطب المنبرية التي ألفها بطلب من وزير الأوقاف المصري لتعمم على المساجد المصرية (1965) 221 صفحة، وقد طبعه المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في القاهرة مرتين.

6- التنظيم القضائي في لبنان من الناحيتين الشرعية والقانونية (1969) في 113 صفحة وهو محاضرات الدكتور الرافعي الجامعية التي ألقاها على طلابه في قسم الماجستير بمعهد الدراسات العليا في القاهرة. وطبعته جامعة الدول العربية.

7- الدعوة والدعاة في الإسلام (1977) في 223 صفحة. تحدث فيه عن أهمية الدعوة في نشر الإسلام وعن سلوكيات الداعية الملتزم.

8- فنون صناعة الكتابة: محاضرات في الفن الكتابي وتراكيب اللغة العربية ووظيفتها وعلوم اللغة وفن البلاغة وعلم الجمال.. وعلوم البيان والمعاني والبديع، وقد ألفها لطلاب اللغة العربية في كلية الآداب بالجامعة اللبنانية.

9- الإسلام ومشكلات العصر (1972-1981) في 309 صفحات. رؤية واضحة لمعرفة موقف الإسلام من مشاكل العصر، تمتاز بالموضوعية والصراحة بعيداً عن التزمت والانفلات.

10- الإسلام انطلاق لا جمود (1981) في 199 صفحة. طبع عدة مرات وترجم إلى الفارسية.

11- حضارة العرب (1981) في 315 صفحة. من جميع جوانبها. درّس في كلية الآداب في الجامعة اللبنانية وفي معاهد الكويت.

12- الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية والقوانين اللبنانية (1982) في 338 صفحة. دراسة لأوضاع محاكم الأحوال الشخصية والقوانين التي تطبقها بالنسبة لمختلف طوائفه ومذاهبه.

13- إسلامنا في التوفيق بين السنة والشيعة (1984) في 225 صفحة. وهذا الموضوع كان من اهتمامات الدكتور الرافعي إذ كان يدعو إلى التوفيق بين المذاهب وقد ترجم الكتاب إلى غير لغة.

14- نظام الأسرة في الإسلام فقها وقضاء (1990) في 272 صفحة.

15- الإسلام دين المدينة القادمة (1990) في 294 صفحة. ينطوي على رد على (سلمان رشدي) صاحب كتاب آيات شيطانية الذي يتهجم فيه على نبي الاسلام، ومن غير أن يسميه. وهو استشراف لدور الإسلام في تحقيق العلاج للمشكلات والأزمات التي تعترض العالم المعاصر.

16- تاريخ الشرائع والقواعد القانونية والشرعية (1993) في 378 صفحة.

17- تاريخ الفقه والفقهاء عند المذاهب الستة (1994) نشر على حلقات في مجلة الشراع. وهو محاولة توفيقية بين المذاهب الحنفية والشافعية والمالكية والحنبلية والجعفرية والزيدية.

18- خروج العرب من التاريخ أو عودتهم لقيادة العالم من جديد. دعوة إلى التمسك بقيم العرب الصحيحة وبتراثهم العريق.

19- الإمام الخميني (1995) في 392 صفحة. دراسة لشخصيته وسياسته وفقهه.

20- أحكام الجرائم في الإسلام (1996) 148 صفحة. اعتمد في الإمارات العربية المتحدة كمرجع قانوني شرعي. هذا فضلاً عن المقدمات التي وضعها لكتب الآخرين.

Categories
من علماء طرابلس

الشيخ مصطفى وهيب البارودي

الشيخ مصطفى وهيب البارودي

(1874 م- 1943 م)

  ولد في طرابلس لأسرة عرفت بالصلاح والتقوى مصرية الأصل. حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب وآثر العزلة عن الناس. ألّم بتفسير القرآن، وحفظ الأحاديث النبوية وتفقه في الدين ومذاهبه، وتعمق باللغة العربية وآدابها.

  تتلمذ البارودي على الشيخ حسين الجسر وأخذ عنه أصول الشريعة، كما تتلمذ على الشيخ محمد الحسيني الذي أخذ عنه آداب العربية وفنونها، كما لازم زميله الشيخ رشيد رضا صاحب المنار في المدرسة الوطنية التي أسسها الشيخ الجسر، وظل على اتصال به حتى آخر أيامه في القاهرة.

  والبارودي، على غرار أكثر علماء مدينته من مشايخ الطرق الصوفية، وقد شغل مناصب تعليمية مختلفة، منها: تدريسه اللغة العربية في معهد الفرير الفرنسي بطرابلس (1910-1914)، وكان من تلاميذه المطران عبد، وجورج صراف (المفتش التربوي) وسابا زريق (شاعر الفيحاء)، ومنها تسلمه إدارة المدرسة العلمية الشرعية بطرابلس (1921-1922) ومنها مسؤولية التوجيه الديني والإرشاد الاجتماعي والتربوي في مدرسة جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت (1924-1927). 

  وفي العام 1911 اشترك مع الشيخ جميل عدرة (1872-1962) في إصدار مجلة البيان التي كانت تطبع بمطبعة البلاغة. وهي مجلة “دينية عمرانية تاريخية أدبية” وكانت تصدر مرة في الشهر. وقد جاء في خطة المجلة “… وقد وضعناها على أربعة قواعد هي في الاجتماع من أهم المقاصد:

الأولى   : في العلوم الدينية

وثانيها   : في العمران وأصوله التي من ضروريات الإنسان.

وثالثها   : التاريخ وتأتي فيه على تراجم العظماء.

ورابعها  : في الأدبيات وتأتي منها بالشعر والنثر وعزيز النوادر بما ترتاح إليه النفس ويصفو الخاطر.

  وقد صدر من المجلة 24 عدداً جمعت في مجلدين. والعدد 32 صفحة. وكتب البارودي فيها العديد من المقالات التي نالت شهرة واسعة. من أهمها: القصد من الإنسان فعل الخير- الأخلاق- نظرة إجمالية في العلم- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. إلى ذلك من الموضوعات التي تدل على ثقافته الواسعة.

  هذا و”قد اجتمعت له نتيجة شغفه بالمطالعة ثقافة متعددة الجوانب، متباينة الموضوعات، مما دفعه إلى التأليف في ميادين شتى”.

من مؤلفاته:

1.     خلاصة البهجة قي سيرة صادق اللهجة. نشر في القاهرة، 1315هـ/ 1898م.

2.     الإعلام بأحكام الصيام. نشر في طرابلس، سنة 1321هـ/1903م.

3.     إعلام وبيان في كمال الإسلام والإيمان. نشر سنة 1322هـ/1904م.

4.     واجب الاهتمام بما وصّى به الاسلام. طبع بمطبعة البلاغة في طرابلس الشام، سنة 1326هـ/1908م، 32 صفحة من القطع المتوسط.

5.     الفوائد الحسنة في ألفاظ دارت على الألسنة. نشر في طرابلس سنة 1328هـ/1910.

6.     النديم للأديب والأنيس للغريب. ج1، مخطوط.

7.     الفوز الأبدي في الهدى المحمدي. طبع في المطبعة الوطنية بيروت، سنة 1345هـ “حقوق الطبع محفوظة لابن جامعه محمد نصوح”. وهو جامع لكل أوامر الدين.

8.     الحرز العظيم لما اشتبه من القرآن الكريم. وهو مخطوط.

Categories
من علماء طرابلس

الشيخ محمد يمن الجسر

الشيخ محمد يمن الجسر

(1880-1936)

  ولد في طرابلس وتعلم على والده الشيخ حسين، وكان من مريديه في الطريقة الخلوتية التي سلكها عدد من علماء طرابلس[1].

  تولى مديرية المدرسة الإعدادية في طرابلس ثم في اللاذقية منذ العام 1907 وحتى العام 1909. وفي العام 1912 انتخب ممثلاً لطرابلس في مجلس المبعوثان العثماني. وبعد اندلاع الحرب الأولى (1914) عاد إلى طرابلس وكلف بنيابة رياسة المجلس العمومي لولاية بيروت باعتبار أن الوالي كان هو الرئيس. وكان المجلس هذا بمثابة مجلس نيابي مصغر. كما كلف في تلك الفترة مراقبة توزيع الإعاشة على الملاجئ والمياتم. “فكان خلال عمله هذا مثال النزاهة والتجرد والبعد عن التعصب الديني. وقد أجمع أبناء مختلف الطوائف الدينية على تقدير مواقفه الإنسانية هذه”.

  وبعد جلاء الأتراك عن البلاد استمر الشيخ في رياسة المجلس العمومي حتى العام 1919 حيث استقال منها لخلاف وقع بينه وبين حاكم لبنان الإفرنسي (أوبوار) على طريقة وضع الموازنة. وعقد العزم على افتتاح محل تجاري مع أحد أبناء (شقير) في ساحة البرج ببيروت.

  غير أنه في العام 1920 عين رئيساً لمحكمة الجنايات في بيروت ثم مدعياً عاماً لمحكمة التمييز. وفي العام 1923 تولى منصب نظارة الداخلية ثم انتقل في العام 1924 إلى نظارة المعارف.

  وبعد إعلان الدستور في لبنان (1926) عين بقرار من المفوض السامي رئيساً لمجلس الشيوخ. وبعد الغاء مجلس الشيوخ (1927) انتخب رئيساً لمجلس النواب. وبقي في مركزه هذا حتى 9 أيار سنة 1932 يوم علق المفوض السامي الدستور ليحول دون وصول الشيخ الجسر إلى رئاسة الجمهورية التي كان رشح نفسه لها وأصر على الترشيح على الرغم من كل المغريات التي قدمها له المفوض السامي لينصرف عن هذا الترشيح[2].

  ويقول نجله الدكتور باسم[3]، عن أحداث تلك الفترة من العام 1932 وتعطيل الدستور..

  “وهكذا عندما قاربت ولاية الرئيس شارل دباس على الإنتهاء أجمع الموارنة على المطالبة بأن يكون رئيس الجمهورية المقبل مارونياً باعتبارهم أكبر الطوائف اللبنانية. ولكنهم انقسموا حول مرشحين هما: الشيخ بشارة الخوري وإميل إده. وأثار المسلمون الذين كانوا قد اندمجوا إلى حد بعيد في الحياة السياسية اللبنانية وإدارات الدولة قضية حقهم في الوصول إلى الرئاسة الأولى، باعتبار أن الدستور اللبناني لا يحول دون ذلك وهكذا برز ترشيح الشيخ محمد الجسر، وكان رئيساً لمجلس النواب، لرئاسة الجمهورية”.

  ويضيف: “لقد تعددت الروايات حول الأسباب التي دفعت الشيخ محمد الجسر إلى تقديم ترشيحه، ولكن أياً كانت الأسباب الشخصية أو السياسية فإن هذا الترشيح أثار حماس المسلمين الذين رأوا في وصول أحدهم إلى رئاسة الجمهورية تدعيماً لمركزهم في الجمهورية الجديدة. غير أن سلطات الانتداب عارضت هذا الترشيح وأفهمت صاحبه بأن أوامر باريس تقضي بعدم السماح لمسلم بأن يصل إلى رئاسة الجمهورية. وعندما عجز المفوض السامي عن إقناع الشيخ محمد الجسر بسحب ترشيحه، وأيقن أن أكثرية النواب ستصوت له، أصدر قراراً (9 أيار 1932) بتعطيل الدستور وحل مجلس النواب”.

  ويقول يوسف سالم[4]: “وفي صباح ذلك اليوم عينه نزل الشيخ محمد الجسر رئيس المجلس إلى مكتبه في سرايا البرج ليجمع أوراقه الخاصة. وكان قد سمع قرار المفوض السامي من إذاعة راديو الشرق”.

  قال شاهد عيان عاش تلك الأحداث: “دخل على الشيخ محمد عدد من النواب والوزراء، والجميع ساهمون وقد صعقهم قرار التعطيل”.

  وفجأة ارتفع صوت النائب ميشال زكور يقول، مخاطباً الشيخ محمد: “يا سماحة الرئيس، لماذا لا تدعو المجلس على الفور إلى عقد جلسة رسمية تتخذ فيها تحت قبة البرلمان قراراً بالاحتجاج على العمل الذي أقدم عليه ممثل الانتداب والذي يراه اللبنانيون عملاً تعسفياً وعدواناً صارخاً على الحياة الديمقراطية في لبنان” ؟

  لكن الشيخ محمد ابتسم ابتسامة حزينة وأجاب النائب المتحمس الشاب: “وهل نسيت يا أخي ميشال أننا تحت حكم الإنتداب؟ “.

  وبعد تعطيل الدستور “قبع الشيخ محمد في بيته وغاب عن مسرح السياسة وابتعد عن الأضواء..”.


[1]  د. محمد درنيقة: الطرق الصوفية ومشايخها في طرابلس، دار الإنشاء للصحافة والطباعة والنشر، 1984، ص 273.

[2]  محمد نور الدين ميقاتي: طرابلس في النصف الأول من القرن العشرين الميلادي. 1978، ص 70-71.

[3]  باسم الجسر: الصراعات اللبنانية والوفاق (1920-1975)، دار النهار للنشر، بيروت، 1981، ص 212-213.

[4]  يوسف سالم: 50 سنة مع الناس. الطبعة الثانية. دار النهار للنشر، 1998، ص 85.

Categories
من علماء طرابلس

الشيخ محمد كامل البابا

الشيخ محمد كامل البابا

(1880-1975)

(بقلم سعيد السيد[1] عنه بتصرف)

  المؤرخ وناقد المؤرخين

  ولد الشيخ محمد كامل البابا في مدينة طرابلس سنة 1880م عاش حياته فيها مدرساً على شيوخها وتوفي سنة 1970م.

  تعمّم بعد أداء فريضة الحج برفقة والده، وبدأ يتلقى العلم على الشيخ عبد الكريم عويضة، وأبدى منذ ريعانه اهتماماً بقراءة النقوش والكتابات التي تزخر بها جدران وواجهات ومنابر المساجد والمدارس وكافة الأبنية الأثرية في المدينة، مما ولد في نفسه شغفاً بالآثار وولعاً بالتاريخ واهتماماً خاصاً بتاريخ مدينته طرابلس.

  كانت المحطة الرئيسية في اتجاهه نحو دراسة أشمل لتاريخ طرابلس، لقاؤه مع المستشرق سوبر نهايم، المبعوث من قبل جمعية الآثار الشرقية الامبراطورية في برلين لدراسة الآثار والكتابات التاريخية في المنطقة وذلك عام 1901م 1319هـ، فقد رافقه شيخنا، وقارئاً لما غمض من الكتابات التاريخية والآيات القرآنية، وفي ذلك يقول المؤلف:

  “وتكررت معاودته لطرابلس (يقصد سوبر نهايم) حتى انتهت دراسته، فوضع كتاباً قيماً فيما عني به، ثم رأيت أن أنصرف إلى التعمق لدرس هذه الآثار وأكشف عن مخبئات مكنونها، وأوضح تفصيلات حوادثها ووقائعها. وهذا ما حملني على وضع هذا المؤلف لتاريخ طرابلس.. فأخذت بالتقاط أخبارها وجمع شتات حوادثها من شتى المؤلفات ما بين مطبوعات ومخطوطات، حتى جمعت كما ترى بين وقائعها وسهّلت التأليف بين شواردها”.

  وانصرف البابا إلى جمع المعلومات عن تاريخ المدينة من مراجعها، كما انخرط في سلك التعليم الرسمي معلماً في مدرسة الفيحاء الرسمية.

  وتوثقت العلاقة بينه وبين الأمير موريس شهاب الذي كان في الخمسينات من القرن العشرين أميناً لدار الآثار اللبنانية (المتحف الوطني) كما كان يدرس علم الآثار والتاريخ في كلية الآداب في الجامعة اللبنانية، فكانا يتبادلان المعلومات، كما يتعاونان على كيفية المحافظة على المدينة وآثارها.

  وبناء لطلب الزعيم عبد الحميد كرامي قدّم البابا موجزاً تاريخياً عن آل كرامة مؤلفاً من ثلاثين صفحة من الحجم المتوسط، مبيناً أنهم يتحدرون من القبائل التنوخية العرب.

  وكان الطلاب والطالبات الذين يحضرون أطروحات لنيل الاجازات في مادة التاريخ يترددون على الشيخ البابا بتوجيه من رئيس الجامعة اللبنانية آنذاك فؤاد فرام البستاني وأساتذة التاريخ والآثار فيها كالمير موريس شهاب، والدكتور أسد رستم..

  وكان الشيخ البابا قد اختار سلوك الطريقة النقشبندية، وكان راوياً لكرامات الشيخ علي العمري كما انتشرت على ألسنة المسنين في طرابلس، وقد قام بتدوينها في كتاب بناء على طلب بعض أبناء المدينة.

  وكان يتردد عليه أساتذة التاريخ من أبناء المدينة للإفادة من معلوماته وملحوظاته.. ومن الجدير ذكره أنه كتب نقداً لكتاب “تاريخ العرب” الذي ألفه الدكتور فيليب حيّ، ونشره في كتيّب وأرسل منه عدداً من النسخ بصورة هدية للمؤلف في أميركا. وقد رد المؤلف شاكراً.. واعداً بالأخذ بملاحظاته في طبعة الكتاب الجديدة.

  وكان الشيخ البابا وطنياً واعياً مستنيراً، وله فضل كبير على تلاميذه في توجيههم السياسي والديني والأخلاقي، كما يستشف مما كتبه ومن بعض مواقفه أنه كان يحمل دائماً على الأجنبي المستعمر وعلى محاولته الدؤوب للتفريق بين أبناء الطوائف المتواجدة على أرض الوطن، وكان يبشر بالوحدة الوطنية ويدعو إليها محذراً من الفتن التي يوقظها الأجنبي لتثبيت أقدامه. وقد حمل على مظالم الأتراك العثمانيين، كما حمل على الانتداب الفرنسي.

مؤلفاته

1.     موجز تاريخ آل كرامة. في ثلاثين صفحة، مخطوط. ذكره ابنه عبد الله في تعريفه بالمؤلف لكتاب “طرابلس في التاريخ”.

2.     كرامات الشيخ علي العمري، مطبعة دار الفنون، شارع البولفار، طرابلس، 1958، في 297 صفحة.

3.     نقد كتاب تاريخ العرب (مطول)، مطبعة دار الفنون، طرابلس، 68 صفحة قطع متوسط. لات.

4.     طرابلس في التاريخ، جروس برس، الطبعة الأولى، 1995،في 439 صفحة  مع الفهارس. 


[1]  مدير مركز رشيد كرامي الثقافي البلدي في طرابلس.

Categories
من علماء طرابلس

الشيخ محمد كامال الرافعي

الشيخ محمد كامال الرافعي

(1854-1918)

  شارع ديوان مصطفى صادق الرافعي.

  هو أحد أبناء الشيخ عبد الغني الرافعي وشقيق بلبل سوريا عبد الحميد ولد في طرابلس 1271هـ 1854م درس في المكتب الرشدي. وكان من أساتذته الشيخ عبد القادر الرافعي الثاني مفتي الديار المصرية سابقاً. فنشأ محباً للغة العربية وآدابها وعرف ببلاغة نثره وطلاوة بيانه. ومال إلى التصوف كمعظم مشايخ أسرته، فسلك على والده الطريقة الخلوتية. دخل في خدمة الحكومة العثمانية وشغل وظائف عدة كان آخرها مأمورية الإجراء وكتابة العدل في طرابلس.

  ورزئ بوفاة وحيد رشيد، وكان أديباً فاضلاً، فحزن لوفاته وما لبثت صحته أن انحرفت وأهمل المعالجة والدواء وتوفي في سنة 1918م.

  نظم محمد كامل الشعر وكتب فصولاً أدبية لم تطبع.

  أما المطبوع فهو شرحه لديوان مصطفى صادق الرافعي في ثلاثة أجزاء وطبع في مصر[1]. وقام بوضع تراجم مختصرة لمشاهير الأسرة الرافعية.

  وقد ذكر عبد الله نوفل في ترجمته أن له قصائد عامرة، واثبت له قصيدة يمدح فيها محمد باشا المحمد المرعبي لبنائه مدرسة مجانية في قرية مشحا (عكار) وتعيينه لها كبار الأساتذة فاستحق بذلك أن يمنحه السلطان العثماني ميداليتين من ذهب وفضة.

***********************

 

 

مصطفى صادق الرافعي

(1880-1937)

  ولد في طنطا من عائلة لبنانية الأصل طرابلسية النشأة. كان والده رئيس المحكمة الشرعية في طنطا، فنشأ مصطفى في جو مشبع بعلوم الدين والشرع، دخل المدرسة الابتدائية متأخراً (في نحو الثانية عشرة من عمره) ولم يتجاوز الدراسة الابتدائية لإصابته بمرض شديد فقد معه حاسة السمع. فاستعاض عن تعليم المعلمين بتعليم نفسه وحصل ثقافة واسعة وذلك من خلال اطلاعه على الكتب التي حفلت بها مكتبة والده القاضي.

  وعهد إليه الكتابة في بعض المحاكم الشرعية واستقر أخيراً في محكمة طنطا يتولى الكتابة فيها إلى يومه الأخير، وتزوج وهو في الرابعة والعشرين وأنجب عشرة ذكور وبنتا واحدة. وكان يقضي أكثر وقته في البيت بين كتبه وأوراقه. ولم يعمر طويلاً إذ توفي وهو في السابعة والخمسين من عمره إثر نوبة قلبية صرعته للحال.

  وكان معتداً بنفسه، حاد الطباع، شديد القسوة على خصومه من أهل القلم شديد التدين غيوراً على التقاليد الموروثة عن السلف، مناضلاً عن الدين وفياً لما يؤمن به. “ولا يؤخذ عليه إلا تزمّته وتضييقه حتى كانت الأوهام تسلط عليه في نظره إلى بعض الأمور الغيبية”.

  وكان معتزاً بلغته العربية التي رأى فيها – كالدين- أساس كل نهضة عربية. كما رأى فيها أفضل لغة على الإطلاق، وكانت حماسته في الدفاع عنها وتبيان فضائلها تطغى على روح البحث العلمي عنده. بدأ الرافعي حياته الأدبية عاكفاً على نظم الشعر فأصدر الجزء الأول من ديوانه وهو في الثالثة والعشرين من عمره، وبعد سنة أتبعه بالجزء الثاني، ثم بعد سنتين أخريين بالجزء الثالث. وفي الثامنة والعشرين أصدر ديوان “النظرات” فطارت شهرته كشاعر، ثم تخلى عن الشعر واهتم للنشر محتلاً فيه مكانة رفيعة بين كتاب العرب المحدثين ومن مؤلفاته:

– تاريخ آداب العرب 3 أجزاء، تحقيق محمد سعيد العريان، 1940، القاهرة.

– حديث القمر (1912) عقب رحلته إلى لبنان: فصول في الحب، تغلب عليها الصناعة، دار الكتاب العربي بيروت 1982.

– المساكين (1917)، مشاهداته في مصر خلال الحرب العالمية الأولى.

– رسائل الأحزان (1924) رسائل موضوعة على لسان صديق، وأتبعه بعد أشهر بكتاب آخر هو (السحاب الأحمر).

– تحت راية القرآن، فصول في النقد والمنظرة، معظمه نقد لكتاب (في الشعر الجاهلي) لطه حسين (1926) تحقيق محمد سعيد العريان، بيروت، 1974.

– إعجاز القرآن، المكتبة العصرية، بيروت.

– على السفود، يتهجم فيه على عباس محمود العقاد، ولم ينشر تحت اسمه 1930، دار القصور، القاهرة.

– أوراق الورد، 1931، رسائل في الحب والجمال، وطبعة ثانية 1982، دار الكتاب العربي، بيروت.

– وحي القلم، ثلاثة أجزاء، يضم مقالاته بين 1934 و 1937، وقد أعادت طبع ديوانه وكتبه المكتبة العصرية في بيروت.

***************************** 

 

   

                                                                      

 


[1]  ذكر أنيس المقدسي في كتابه الفنون الأدبية وأعلامها (ص306) أن مصطفى صادق الرافعي هو الذي فسر الديوان وقرّظه ونحله إلى محمد كامل الرافعي والله أعلم.

Categories
من علماء طرابلس

الشيخ محمد خليل صادق

الشيخ محمد خليل صادق

(1865-1914)

  من رواد الشعر التعليمي. ولد في طرابلس وتلقى علومه الأولى فيها ثم ارتحل إلى الأزهر، فأجازه تسعة من كبار علمائه فضلاً عن إجازة منفردة تلقاها من أستاذه العلامة الشيخ محمد الأنباري الذي سلك على يديه الطريقة الشاذلية.

  وبعودته إلى طرابلس أجازه ثلاثة من علمائها الأعلام وهم مشايخ: محمود نشابه (ت: 1308هـ) ودرويش التدمري (1352-؟) وعبد الرزاق الرافعي.

  كما أجازه كذلك العلامة الشيخ عبد القادر الخطيب الطرابلسي نزيل المدينة المنورة، والعلامة الشيخ محمد الخاني من علماء دمشق.

  اشتغل الشيخ خليل بالتدريس والتأليف، مبتعداً عن التزلف والمحاباة وتطلب المناصب، مؤثراً العزلة وقلة الاختلاط بالناس.

  وكان لغوياً مدققاً وفقهياً محققاً، ولا سيما في الفقه الحنفي وتوفاه الله عن عمر لم يناهز الخمسين (1914م).

  ويعدّ الشيخ خليل من أعلام الشعر اللغوي. فقد “أكثر من محاولات تعليم اللغة العربية في عدة قصائد تطرق خلالها لكيفية كتابة بعض الألفاظ وكيفية لفظ بعض الكلمات التي يشكل لفظها على العوام وأنصاف المتعلمين ولا سيما الحرف الأول من الكلمة، بالإضافة إلى اهتمامه بقواعد النحو والصرف والإعراب”.

  وله كتاب (الهداية في البداية) وهو في النحو والعلوم اللغوية الأخرى، وعدة قصائد مخطوطة في هذا الباب أيضاً. وقد جمعها في ديوان سمّاه (فهم الخلاص من وهم الخواص) وهو مخطوط.

  وأما في الشعر الديني فله (نظم القلائد في نظم القصائد) وهو مخطوط، يمدح فيها محيي الدين ابن عربي الصوفي الشهير بعد التوسل إلى الله بعدة أبيات.

  وله في المديح النبوي (منحة الخليل في مدحة الجليل) قصائد نسج فيها على غرار من سبقه من الشعراء فجاءت غنية بالبديع والمحسنات اللفظية والتنميق المتكلف بما كان يعجب أهل زمانه ومحيطه نظراً للمناخ الثقافي السائد.

  وله ديوان خاص بشعر الأنساب سماه (فهرست سلاسل الفرق في سلاسل الطرق) وفيه يؤرخ أعلام ست وأربعين طريقة صوفية وسلسلة مشايخها وأنسابهم بالإضافة إلى ديوان آخر سماه (الأحساب الغالية في الأنساب العالية).

مؤلفاته

  ترك الشيخ خليل صادق عدداً من المؤلفات بعضها طبع والآخر ظل مخطوطاً:

  المطبوع: كما ورد عند نوفل في تراجمه (ص189).

1- منحة الخليل في مدحة الجليل. المطبعة الأدبية، بيروت، 1308هـ، قصيدة مطولة في مدح الرسول.

2- مناداة الخليل في مناجاة الجليل.

3- ورد الأسرار في ورد الأذكار. طبعة ثانية، مطبعة البلاغة، طرابلس الشام، 1316هـ. أدعية وأوراد كان يتلوها مريدو زاويته قبل الفجر.

4- كنز الصلات في صيغ الصلوات.

5- حسن المبنى في أسماء الله الحسنى.

6- شرحه على حزب البر للإمام الشاذلي المسمى منح البر على حزب البر.

المخطوط:

1- الأحساب الغالية في الأنساب العالية. طرابلس 1313هـ (بحوزة حفيده محمد).

2- غادة المقصورة في غابة المقصورة. طرابلس، 1300هـ، ديوان شعر في كتابة الكلمات (بحوزة حفيده محمد).

3- فهم الخلاص من وهم الخواص (بحوزة حفيده محمد) طرابلس، 1325هـ. ديوان شعر في تعليم اللغة.

4- موارد اللسان (بحوزة حفيده محمد)، طرابلس، 1296هـ.

5- الهداية في البداية، كتاب في النحو.

6- نظم القلائد في نظم القصائد، طرابلس، 1313هـ، ديوان شعر.

7- فهرست سلاسل الفرق في سلاسل الطرق. تأريخ لأعلام ست وأربعين طريقة صوفية وسلسلة مشايخها وأنسابهم.

8- سنن الأخيار المسلسلة في سند الأخبار المسلسلة. (نقلاً عن الدكتور محمود حمد سليمان، علماء طرابلس وشعراؤها، ص304).