تراث طرابلس

Categories
من علماء طرابلس

محمد أمين الصوفي السكري

محمد أمين الصوفي السكري

(1868-1933)

  أديب وباحث جغرافي ومؤرخ.

  ولد في طرابلس وتعلّم في مدارسها ثم راح يتردد على أهل العلم والأدب فأتقن العربية والتركية وألم بالفارسية. وكان كثير المطالعة كثير الأسفار. والده هو عمر باشا، وكان جنرالاً في الجيش التركي من أصول ألبانية. وشغل المترجم بعض الوظائف الحكومية فعّين عضواً في مجلس بلدية طرابلس سنة 1901؛ وكان آخر منصبين تقلدهما باشكاتب مجلس الإدارة في طرابلس والشمال، ثم باشكاتب الأوقاف . وكان صاحب خط جميل على الطريقة الفارسية.

  وقد وضع كتاباً مشوقاً مسلياً فيه ظرف وطرافة ومعرفة وثقافة. ودعاه سمير الليالي (وهو في عشرة أجزاء: تناول في الأول جغرافية الدول العثمانية وفصّل ولاياتها وطريقة الحكم فيها وعدد السكان والفرق الدينية وفي الثاني أشهر الحوادث التاريخية وفي الثالث ما اتصفت به سكان الكرة الأرضية من العوائد الغربية والأخلاق العجيبة، وفي الرابع غرائب في الفوائد العلمية، وفي السادس حكايات شيقة ونوادر عصرية، وفي السابع أمثالاً شعرية ونثرية وعامية. وفي الثامن بعض فوائد صناعية وفوائد طبية، وفي التاسع ألغازاً وأحاجي شهية وألعاباً سيماوية وفي العاشر حكايات ومناقب عن الصحابة الكرام.

  طبع الكتاب للمرة الأولى في العام 1317هـ في مطبعة البلاغة بطرابلس الشام، برخصة نظارة المعارف الجليلة رقم 29 صفر سنة 1316هـ عدد 405 في 262 صفحة من القطع المتوسط.

  ثم طبع طبعة ثانية في المطبعة ذاتها سنة 1328هـ مع إضافات كثيرة تتميماً للفائدة (الجزء الثاني)، أما الجزء الأول فطبع للمرة الثانية في مطبعة الحضارة بطرابلس الشام سنة 1327هـ. والكتاب مثقّف لتعدّد موضوعاته وللفوائد الكثيرة التي يشتمل عليها وأسلوبه واضح لا تعقيد فيه.

وفي ما يأتي نماذج من الكتاب:

أولاً: وصف طرابلس في عهده: ص102-106.

ثانياً: وصف الأسكلة ( الميناء اليوم ): ص107-108.

    ومن الطرائف التي يذكرها ما تفعله العامة وقت الكسوف والخسوف، وما يفعله العوام من النذر للأموات، فضلاً عن أوهام النساء الخرافية.

ثالثاً: سبب ما تفعله العامة وقت الكسوف والخسوف: ص317-318.

رابعاً: ما يفعله العوام من النذر للأموات: ص325-326.

خامساً: أوهام النساء الخرافية: ص326-327.

أولاً: وصف طرابلس في عهده

  طرابلس وهي بلدة وافرة المياه كثيرة المنتزهات ذات حدائق غناء ورياض فيحاء تجري مياهها في دورها وشوارعها وجوامعها وحماماتها ومحلاتها العمومية ويحيط بها البساتين والجنائن المزدانة بأنواع الأثمار سيما الليمون والبرتقان على اختلاف أنواعهما من الغرب والجنوب والشمال حتى البحر ويصل إليها الماء بقناة وأصل منبعه من نبع يقال له نبع رشعين وهو يبتدئ أولاً من بقعته المعروفة ويجري نهراً عذباً سائغاً وبعد مسافة قليلة ينفصل منه سكر يدعى بسكر المرداشية مسامتاً له ثم يعود إليه من طاحونة المرداشية أمام قرية زغرتا وبعد أن يتجاوز طاحونة المرداشية وسكرها المنصب فيه بمسافة قليلة ينقسم إلى ثلاثة أقسام قسم منه يدخل في قناة البلدة المخصوصة وينتهي إلى طرابلس وقسم منه يدخل فيسكر مخصوص للطواحين وقسم يبقى جارياً في الوسط نهراً يجري بين بساتين حتى يختلط بنهر أبي علي غير أنه من الأسف أن ماء طرابلس يرد في فصل الشتاء إلى البلد ممزوجاً بالمواد الغريبة التي تغير أوصافه الثلاث وذلك من السواريط التي تنصب في القناة ولا طريقة لوصول الماء سالماً ومنع هذه الأوخام عنه سوى جريان الماء بقساطل من حديد أو تصليح القناة وتغطيتها. ونهر أبي علي يدخل البلدة في محلة السويقة فيجعل البلدة شطرين وعليه جسران داخل البلدة وهو بعد أن يدير طواحينها ويسقي بساتينها يصب في البحر عند مرج بديع موسوم ببرج رأس النهر وفي الجهة الشرقية من طرابلس ( قلعة) من آثار الصليبيين بناها ريموند من تولوس سنة 1103 ميلادية على ذروة جبل وهي تشرف على عموم البلدة والجنائن والأسكلة وعلى قسم من جبال الضنية وجبل لبنان وهي الآن محبس عمومي.

  وبطرابلس اثنا عشر جامعاً منها (الجامع الكبير) ويعرف بالمنصوري وهو أعظمها أنشئ سنة 693 وله أربعة أبواب أعظمها الباب الشمالي الموصل إلى سويقة النوري ويليه الباب الشرقي ومنه يتوصل إلى سوق العطارين وبحذاء هذا الباب مدرسة القرطائية وفي وسط صحن الجامع حوض ماء كبير وعليه قبة وبحذائه مصلى وعلى دائرة صحن الجامع أروقة وبجانب الحرم في الجهة الغربية عن يمين الداخل إليه غرفة بها الآثار النبوية ومنها (جامع العطار) وقفه الشيخ ناصر الدين العطار المتوفي سنة 749هـ و (جامع طينال) وهو خارج البلدة من الجهة الغربية منتهى مقبرة باب الرمل و (جامع أرغون شاه) و (جامع محمود الزعيم) ويعرف بجامع المعلق في محلة الحدادين و (جامع الطحام) و (جامع البرطاسي) و (جامع محمود بك).

  وبها ثمانية حمامات متقنة نظيفة أرحبها وأبهجها (حمام الجديد) في محلة الحدادين و (حمام عزالدين) و (حمام النوري) و (حمام الحاجب) وبها (مارستان) بناه الأمير بدرالدين محمد بن الحاج أبو بكر أحد الأمراء بحلب المتوفي والمدفون بها سنة 742هـ و (خانقاه) معدة لسكنى الأرامل من فقراء النساء و (مطبعة البلاغة) تطبع بها جريدة طرابلس أيضاً وهي جنوبي دار الحكومة و (مطبعة الحضارة) و (مكتب اعدادي) في موقع التل و (مولويخانه) مبنية في واد بهيج على ضفة نهر أبي علي بها مياه وافرة و (مدرسة للبنات) وتجاهها (دير الراهبات العازارية) و (ثلاث عشرة مصبنة) لطبخ الصابون و (ثمانية طواحين) للدقيق مبنية على ضفاف نهر أبي علي ومن أشهر منتزهاتها (موقع التل) وهو ميدان فسيح واقع شمالي البلدة على الطريق الاخذ إلى الأسكلة ويشتمل على مبان أنيقة أحدثت على الطرز الجديد منها (دار الحكومة) صرف على إنشاءه نحو ثمانية آلاف ليرة ومنها (المكتب الإعدادي) وبحذائه قهوة بها حديقة نضرة (لوكندة بهجة الشرق) و (البنك العثماني) و (قهوة التل) النادرة المثال لما اشتملت عليه من حسن المنظر ولطافة الموقع وهي على ربوة بديعة ضمن حديقة مزدانة بأنواع الأشجار والأزهار وفي بهرة الحديقة حوض ماء تستقي منه أشجارها وترتوي أنوارها وتتخلل هاتيك البنايات البديعة والمنازل العمومية والقهاوي خضرة الأشجار وحمرة الرمول وقد شيد في هذا الموقع سنة 1318هـ ساعة عمومية تجاه دار الحكومة وقد كان هذا الموقع منذ أمد لا يتجاوز الثلاثين عاماً قاعاً صفصفاً. ومن منتزهاتها (البداوي) وهوّ موقع بهيج شرقي طرابلس على بعد نصف ساعة عنها وفيه ينبوع ماء زلال مستدير يحيط به جدار محيطه نحو ثمانين ذراعاً وترى السمك يتخلل ذلك الماء وعلى دائرة الينبوع مصاطب مبلطة بأحجار ملونة وبحذائه مقام البداوي وهناك مصلى أيضاً. وأزقة طرابلس وشوارعها مبلطة نظيفة وأشهر شوارعها (سوق البازركان) و (سوق العقادين) و (الصياغة) ولها شارع عمومي يبدأ من أول البلدة وينتهي بأخرها بطول ثلث ساعة ويشتمل على مخازن ودكاكين وخانات وقهاوي وحمامات وجوامع وأسبلة متعددة وتتفرع منه شوارع وأزقة كثيرة ومبدأ هذا الشارع محلة الحدادين قرب المقبرة العمومية المدعوة بباب الرمل وهناك الطريق العمومي الآخذ إلى جبل لبنان وبيوت وينتهي إلى باب التبانة شرقي البلد ومتى خرجت من باب التبانة وسرت قليلاً تجد أمامك طريق الشوسة الممتد إلى حمص وحماه. وبين طرابلس واسكلتها التي تبعد عنها نحو نصف ساعة (خط ترامواي) يبلغ طوله أربعة آلاف متر وهو مملوك لشركة وطنية بموجب فرمان عال وبينهما (طريق شوسة) أيضاً تسير عليه عربات تظللها افنان الأشجار المغروسة على حافتي الطريق وبين طرابلس وحمص فحماه (طريق شوسه) تمر عليه عربات منتظمة طوله 135 كيلومتراً ومدة امتيازه خمسون سنة اعتباراً من 5 صفر سنة 1300. وفي شوال سنة 1327 صدرت الإرادة السلطانية بإعطاء الامتياز للخط الحديدي بين طرابلس وحمص إلى شركة دمشق وحماه وبوشر بالعمل.

  وأهلها يبلغون خمسة وعشرين ألف شخص ثلاثة أرباعهم مسلمون وهم موصوفون بشدة الشكيمة وعزة النفس وحب المجد ولديهم سرف في المأكل والملبس وبها عدد وافر من العلماء والأدباء. وقيل أن أصل أهاليها من أناس هاجروا من صيدا وصور وارواد فبنت كل فرقة محلة لها ومن ثمة دعيت باسم (ترثيوبوليس) ومعناه في اليونانية المدن الثلاث. وهذه المدينة استولى عليها الافرنج أيام حروب الصليبيين وذلك سنة 503 للهجرة واستمرت بأيديهم إلى أن قيض الله لها الملك المنصور قلاوون فافتتحها أوائل سنة 688 فتكون مدة لبثهم بها 185 عاماً وكانت حينئذ بغاية المنعة والحصانة ويحيط البحر بغالب جهاتها إلا الجهة الشرقية وحينما حاربها الملك المنصور واستولى عليها عنوة هرب أهلها إلى الميناء فنجى اقلهم في المراكب وقتل غالب رجالها وذكر الملك المؤيد إسماعيل أبو الفدا في تاريخه ما نصه: ” وحصار طرابلس هو أيضاً مما شاهدته وكنت حاضراً فيه مع والدي الملك الأفضل وابن عمي الملك المظفر صاحب حماه قال ولما فرغ المسلمون من قتل أهالي طرابلس ونهبهم أمر السلطان المنصور فهدمت ودكت إلى الأرض وكان في البحر قريباً من طرابلس جزيرة وفيها كنيسة تسمى كنيسة سنسطماس وبينها وبين طرابلس المينا فلما أخذت طرابلس هرب عالم عظيم من الافرنج والنساء إلى الجزيرة المذكورة والى الكنيسة التي فيها فاقتحم العسكر الإسلامي البحر وعبروا بخيولهم سباحة إلى الجزيرة المذكورة فقتلوا جميع من فيها قال وهذه الجزيرة بعد فراغ الناس من النهب عبرت اليها في مركب فوجدتها ملأى من القتلى بحيث لا يستطيع الإنسان الوقوف فيها من نتن القتلى ا. هـ.

  ثم أن المسلمين بنوا على ميل عن طرابلس مدينة أخرى دعيت باسمها واستوطنوها. وحين حضور الافرنج إلى طرابلس كان بالمينا مكتبة جمعها القاضي أبو طالب تحتوي على ثلاثمائة ألف مجلد فاحترقت وفي سنة 1366 مسيحية استرجع طرابلس ملك قبرص فأحرقها ثم عمرت أيضاً وفي سنة 922 هجرية استظلت تحت لواء السلطان سليم الأول والى هذا التاريخ لم يعلم بالتحقيق محل طرابلس الأصلي.

ثانياً: وأما الأسكلة فهي على لسان داخل في البحر وبينها وبين طرابلس نحو نصف ساعة ودار حكومتها على جانب الرصيف الحجري ومتى انتهى القادم من البحر إلى نصف الرصيف يشاهد على يساره دار الحكومة وعلى مقربة منه حوض ماء جار وبقربه (جامع الداكيز) ثم يدخل الشارع المسمى بسوق المسلمين وبعد بضعة خطوات يتراءى له جامع الاسكلة وهو راكب على الطريق فيجتاز من تحته وهناك على يمين السائر (حمام) وبعد أن ينتهي من السوق يرى (جامع غازي) على يمينه وورائه جبانة ثم يصل إلى (الجامع الحميدي) وهناك يتراءى له محطة خط التراموي الموصل إلى طرابلس فيدفع متالكين ويركب التراموي فيسير به بين الجنائن والبساتين وحينما ينتهي إلى نصف الطريق وهو موقع (بركة المرج) يرى على يمينه بناية كانت (مستشفى للغرباء) وعلى يساره طريق الشوسة وبحذائه حوض ماء عذب ومصلى فيقف التراموي ريثما تصل العربة الثانية الآتية من طرابلس ثم يسير به بين الجنائن والبنايات إلى موقع التل السابق ذكره فيرى (دار الحكومة) على يمينه و (الساعة العمومية) على يساره ثم تبدو له بناية (البنك العثماني) على يمينه وتجاهها حديقة وحوض ماء ثم يرى (المكتب الاعدادي) على يساره وتجاهها (لوكندة بهجة الشرق) وغيرها من المباني البديعة ثم ينتهي إلى موقف التراموي وعدد نفوس الأسكلة زهاء ستة آلاف شخص وأعظم شوارعها سوق المسلمين وسوق الخراب وبها أربع جوامع أعظمها جامع الأسكلة ومكاتب عادية والمكتب التهذيبي وكمرك أنشئ حديثاً وحمامان أنظمهما (الحمام الجديد.  

 

Categories
من علماء طرابلس

لبيبة ميخائيل صوايا

لبيبة ميخائيل صوايا

(1876-1916)

  شاعرة وروائية.

  ولدت في طرابلس وتلقت علومها في مدرسة الأميركان للبنات ونالت شهادتها، ولما تخرجت منها، علّمت فيها بضعة أعوام، ثم مالت إلى الكتابة والأدب والخطابة. ونشرت لها خطب كثيرة ومقالات في المجلات والجرائد كـ “المورد الصافي” و “لسان الاتحاد”، وهي تدل على أدبها الجم، فضلاً عن أنها كانت شاعرة مجيدة.

  وعملت في الحقل الاجتماعي الخيري فكانت رئيسة لجمعية السيدة الأرثوذكسية لعضد اليتامى التي أسست في عهد البطريرك غريغوريوس حداد الملقب ببطريرك العرب، وكذلك كانت عضواً في جمعية الأمهات وانتخبت مراسلة لجمعية تهذيب الشعلة السورية.

  وتوفيت لبيبة في إبان الحرب الكونية الأولى (1916) في حمص حيث كانت تدير إحدى مدارسها عن عمر يناهز الأربعين عاماً، تاركة مقالات وخطباً نشرت بعضها مجلة “المباحث” لجرجي وصموئيل يني، فضلاً عن قصائد لطيفة.

مؤلفاتها

1- رواية حسناء سالونيك، دمشق، المطبعة البطريركية الأرثوذكسية، 1909، في 180 صفحة. بمثابة تاريخ للحركة الاصلاحية التي قام بها رجال جمعية الاتحاد والترقي نشرتها بعد اعلان الدستور (1908) ولاقت رواجاً كبيراً.

2- الحنو الطاهر (رواية) ترجمتها عن الإنكليزية ونشرتها تباعاً في جريدة “دليل حمص”، عام 1913.

3- عدد من الخطب المنشورة ومنها:

   – خطاب البنفسجة: ألفته في أحد المنتدبات العلمية ونشرته في مجلة المباحث.

   – خطاب (الحسبان بالإحسان) ألقته في الجمعية الخيرية النسائية ونشر أيضاً في مجلة المباحث.

4- قصائد متفرقة قالتها في مناسبات عدة ولم تجمع في ديوان.

 

Categories
من علماء طرابلس

فريدة يوسف عطية

فريدة يوسف عطية

(1867-1917)

  أديبة روائية

  ولدت في طرابلس سنة 1867. ودرست في المدرسة الأميركية للبنات وكان أستاذ اللغة العربية فيها جبر ضومط الذي انتهى أستاذاً للغة العربية في الكلية الإنجيلية السورية (الجامعة الأميركية في بيروت).

  وبعد تخرجها رغبت في التدريس لتوسيع معارفها، فدرّست في بينو لمدة سنتين، ثم دعيت للتدريس في المدرسة الأميركية التي تخرجت منها.

  كان بها ميل إلى الأدب والكتابة فحررت المقالات والأبحاث في العديد من الصحف والمجلات اللبنانية كـ “النشرة اللبنانية” و “المراقب” و “الأحوال” و “مدرسة التهذيب” و “المهذب”.

  ولها خطب عديدة في الجمعيات الأدبية وفي الحفلات السنوية التي درجت المدارس آنذاك على إحيائها.

  وبالإضافة إلى عملها التعليمي والتربوي وكتابة المقالات اهتمت فريدة عطية للرواية فألفت فيها وترجمت عن الإنكليزية. وتزوجت من متى عطية وكان “كاتباً أديباً” ورزقت أولاداً، وتوفيت سنة 1917.

  وتعد فريدة عطية من رائدات النهضة النسوية في لبنان في الربع الأخير من القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. و “عرفت بالجرأة والإقدام وقوة الحجة وسرعة الخاطر مع علم جزيل وأدب وافر”.

مؤلفاتها

  تركت بعض الروايات وهي:

1- بهجة المخدرات في فوائد علم البنات. طبعت في مطبعة الأميركان في بيروت سنة 1893 في 139 صفحة من القطع الصغيرThe Education of women  .

2- الروضة النضيرة في أيام بومباي الأخيرة. وهي معرّبة عن اللورد ليتن، طبعت في مصر 1899، في 300 صفحة، وهو مؤلف شيق ومفيد.

3- بين عرشين (رواية) أي عرش السلطان عبد الحميد ومحمد رشاد، مطبعة النجاح، طرابلس 1912، في 323 صفحة. وهي رواية طلية الأبحاث لطيفة العبارة بحثت فيها عن الانقلاب العثماني وأطرت رجال تركيا الفتاة كثيراً.

4- تربية البنين. 

Categories
من علماء طرابلس

فرح أنطون

فرح أنطون

(1874-1922)

   ولد فرح أنطون في ميناء طرابلس عام 1874 لأب يعمل في تجارة الأخشاب وقد التحق في السادسة من عمره بالمدرسة الإبتدائية الأرثودكسية في الميناء، ليتخرج بعد ست سنوات، وقد تمكن من القراءة والكتابة العربيتين والحساب.

  وفي الثانية عشرة من عمره، دخل معهد كفتين في الكورة، وكان معهداً له شهرته، لما كانت عليه برامجه الواسعة من الدقة في التطبيق، ولما لأساتذته من ذيوع الصيت في العلم والتعليم، ولترعته الوطنية والعلمانية معاً. وقد مكث فرح في هذا المعهد أربع سنوات غرف خلالها من العلم والمعرفة الشيء الكثير، ولا سيما من اللغة الفرنسية وآدابها. ويبدو من شهادات بعض أساتذته وزملائه أنه كان ذكياً، مدمناً على القراءة، واثقاً من نفسه، يمشي إلى المنبر بقدم ورأس مرفوع.

  وبعد تخرجه من معهد كفتين في العام 1890 وهو ابن ست عشرة سنة عكف على متابعة التحصيل في بيته عبر قراءات فرنسية غزيرة، بحيث أتيح له أن يطلع على الفكر الغربي ويتعرف مباشرة على الآراء السياسية والاجتماعية والفلسفية والاقتصادية لأهم المفكرين، أمثال روسو في “العقد الاجتماعي”، وكارل ماركس في “البيان الشيوعي” و “رأس المال”، وأرنست رينان في “تاريخ السيد المسيح” وجول سيمون في “حل المشاكل العمالية”، وفريدريك نيتشه في “مفهوم الرجل المتفوق”، وليون تولستوي في رائعته “الحرب والسلام”.. وقد كان لما اختزنه عقله من هذه المطالعات أثر بارز في ما كتبه في ما بعد في مجلته التي أنشأها (الجامعة).

  ولم يختر فرح أنطون العمل في التجارة كما كان يتمنى والده، بل اختار طريق الفكر والكلمة. من هنا كان قبوله لإدارة مدرسة أرثوذكسية في الميناء “فيفلح على صغر سنه وقلة خبرته”. وتمثل نشاطه الفكري آنذاك في الكتابة “للمقتطف” المصرية، وفي العمل في إطار جمعية أدبية هي جمعية “النادي الأدبي” التي أسسها جرجي يني في طرابلس، وكان غرضها إلقاء الخطب على الجمهور، وفي “جمعية كفتين التعليمية” وفي جمعية “روضة الآداب” التي كانت تضم نخبة من أدباء الميناء والتي كان لفرح فضل إنشائها.

  ولكن المحيط ضاق به، على الرغم من نشاطه الفكري الذي تميز به، فسافر إلى مصر، وحط الرحال في الإسكندرية باحثاً عن مكان فكري له في أرض النيل على غرار من سبقه، ولحق به من الكتاب اللبنانيين والسوريين.

  وانصرف فرح في الإسكندرية إلى الكتابة في صحفها ومجلاتها، وما لبث أن أصدر مجلته (الجامعة العثمانية) في آذار 1899 وكان هدفه المعلن “خدمة الوطن العثماني والمصري والجامعة العثمانية بنوع مخصوص”.

  وصادفت المجلة رواجاً كبيراً في أوساط القراء، في مصر وسورية ولبنان وفلسطين والعراق والهند والأمريكيتين، وبعض دول أوروبا والروسيا، وزاحمت “المقتطف” و”الهلال” في الانتشار، بسبب طبيعة موضوعاتها وجدتها ولغة التعبير عنها ببساطة ويسر.

  كما أنشأ في العام 1903 مجلة (السيدات والبنات) وأوكل أمر إدارتها إلى شقيقته الأديبة روز، وهي مجلة كانت تعنى بالجانب النسائي وأهمية تعليم المرأة وتحريرها وتوجيهها بما ينسجم مع دورها البيتي والاجتماعي والإنساني. وعلى أثر مناظرة فكرية بينه وبين الإمام محمد عبده حول مقالة كتبها فرح أنطون عن ابن رشد وفلسفته، ضاقت السبل أمام “الجامعة” بسبب إرجاعها إلى إدارتها “مع الشكر”، الأمر الذي أدى إلى إفلاسها. غير أن فرح أنطون ما لبث أن تلقى رسالة من ابن عمه الياس التاجر في نيويورك يدعوه إلى أميركا “لإنشاء مركز صحفي واسع النطاق لبث المبادئ الحرة” فلبى فرح الدعوة وسافر في العام 1905.

  وفي نيويورك التي أستقبل فيها فرح أنطون بكل حفاوة، أصدر “الجامعة” مجلة اجتماعية علمية تهذيبية تاريخية في أول تموز 1906، واستحضر لها مطبعة عربية خاصة لإصدارها، ولطبع الكتب الأدبية والمطبوعات التجارية، ولاقت المجلة رواجاً كبيراً، ثم ما لبث أن أعلن، بعد العدد التاسع، عن إصدار الجامعة اليومية، بشراكة أحد التجار السوريين في نيويورك (رشيد سمعان) وأسند رئاسة تحريرها إلى نقولا الحداد، ولحقته شقيقته روز لتساعده. لكن الجامعة اليومية فقدت قدرتها على الاستمرار بسبب انسحاب الشريك الآخر منها (رشيد سمعان) وأعلن فرح عن إصدارها أسبوعية بمساعدة الثري “النيل” نعمة تادرس ولكن الأمور تعثرت فتوقفت الجامعة الأم عن الصدور بالعدد العاشر من سنتها السادسة 1908.

  وبعد أربع سنوات قضاها فرح في أميركا، يعود إلى مصر بعد إعلان الدستور العثماني، مستبشراً بأجواء الحرية التي وعد الناس بها أنفسهم، وأعاد إصدار الجامعة في غرة كانون الأول 1909، ولكن لم يصدر منها سوى عددين يتيمين لتتوقف بعدهما نهائياً عن الصدور. على أن فرحاً لم يتوقف عن الكتابة في الجرائد المصرية، ثم مال إلى المسرح الذي تألق آنذاك بممثلين كبار، أمثال الشيخ سلامة حجازي واسكندر فرح وغيرهما، وقدم أعمالاً مسرحية تراوحت طبيعتها بين الترجمة والتأليف والاقتباس مثل أكثرها جوق الشيخ سلامة حجازي.

  ولم يعش فرح أنطون بعد ذلك طويلاً فقد قضى فجأة بسكتة قلبية حادة وهو ابن ثمانية وأربعين. وأقيم له احتفال تأبيني في الجامعة الأميركية بالقاهرة، وآخر في النادي الحمصي في سان باولو. وتحدثت الصحف والمجلات عن نضالات فرح الفكرية والسياسية والاجتماعية مشيدة بدوره في الفكر العربي الحديث.

  ترك فرح أنطون نتاجاً فكرياً وأدبياً غزيراً، تمثل في “الجامعة” التي أصدرها سبع سنوات وفي عدد من الكتب والروايات والمسرحيات وقد قام بإحصائها يوسف أسعد داغر في كتابه مصادر الدراسة الأدبية.

أخلاقه    

  يقول عنه عبد الله نوفل في ترجمته (ص 229):

  “كان عزيز النفس أنوفاً شديد الثقة بنفسه، فمهما تحرّجت الحال كان يتحمل بصبر وجلد، وكان رقيق الإحساس حنوناً، وله في رثاء أخيه كتابات بديعة جداً نشرت في الجامعة”.

  وكان مطالعاً نهماً. يقول عن نفسه: “لقد قرأت من الكتب في بضع سنين ما لا يقرأه الإنسان في مئة سنة” (سلسلة مناهل الأدب العربي رقم 29 فرح أنطون ص 4).

 

مؤلفاته

  كان فرح أنطون أديباً مفكراً روائياً مسرحياً، غزير الإنتاج، أصدر مجلته “الجامعة”، وعدداً من الروايات بعضها موضوع والآخر معرب، وأربع عشرة مسرحية. فضلاً عن مقالاته التي غلب عليها الطابع الاجتماعي والفلسفي والنقد الرصين والرأي الناضج.

  وقد سبق لنا أن تناولنا في كتابنا (المسرح في لبنان الشمالي)[1] مسرحياته ونقصر كلامنا هنا، على الجامعة ورواياته.

أولاً: الجامعة

  أنشأها فرح أنطون في الاسكندرية، وسمّاها بداية (الجامعة العثمانية) مجلة سياسية أدبية علمية تهذيبية. ظهر العدد الأول في 15 مارس آذار 1899 الموافق 3 ذي القعدة سنة 1316هـ وقد جعل شعارها على الصفحة الأولى (الله والوطن- الاتحاد والارتقاء) وتحت كلمة الجامعة العثمانية والشعار المشار إليه. اثبت أنطون كلمتين: الأولى لجان جاك روسو، والثانية لجول سيمون. كلمة روسو تدور حول أهمية تعليم المرأة: “يكون الرجال كما يريد النساء، فإذا أردتم أن يكونوا عظماء وفضلاء فعلموا النساء ما هي العظمة والفضيلة.

  أما كلمة جول سيمون فتدور على وظيفة المدرسة: “ليست وظيفة المدرسة مقصورة على تعليم العلوم فقط، فإن بث الفضيلة والإقدام من أخص وظائف المدرسة”.

  وجاء في المقدمة: “.. وسيكون أهم أغراض هذه المجلة خدمة الوطن العثماني والمصري والجامعة العثمانية بنوع مخصوص فتبحث في ما يجمع لا في ما يفرق، وفي ما يرتق لا في ما يفتق. واضعةً أمرها الوطني فوق كل أمر سواه، معتمدة في مباحثها على الفائدة قبل اللذة، مجتنبة رذيلة الطعن ورذيلة التملق، وهما الداءان الفاشيان اليوم من سوء حظ الشرق في كثير من الجرائد الشرقية..”.

  ويبدو من خلال خطة المجلة كما عبّرت عنها المقدمة أنها ستتناول بالإضافة إلى المباحث الأدبية والسياسية والتاريخية، باباً للتربية، للبحث في إصلاح طرق التعليم والتربية في مدارس الشرق، وباباً آخر للمرأة والعائلة مفتوحاً للكتابات الأديبات، للبحث في تحسين حالة المرأة والعائلة في بلاد الشرق “ليكون النسل الناشئ خلقاً جديداً فيه ما يجب من فضائل الغد، وليس فيه شيء من رذائل الأمس. فإن هذا دون سواه طريق كل إصلاح وصلاح كل هيئة اجتماعية”.

  وبعد أن بين خطة (الجامعة) وأبوابها يتوجه بالدعاء إلى الله تعالى “أن يحفظ للوطن العثماني جلالة مولانا السلطان الأعظم (عبد الحميد خان الثاني) حامي حمى الدولة وجامع الجامعة الوطنية العثمانية تحت راية واحدة”.

  ولا ينسى كذلك أن يسأل الله عز وجلّ “أن يديم على هذا القطر السعيد نور نبراسه وبهاء مجد عبّاسه، رأس مصر الذي به تفتكر، وعينها الذي [ التي ] بها ترى وقلبها الذي به تحس وتشعر، سمو الجناب الخديوي المعظم الذي أينع في عهده غرس الأدب في مصر فحقّ لسموه الشكر والدعاء في مفتتح جميع الأعمال الأدبية”.

  وبعد المقدمة. أورد أنطون (بيان أبواب الجامعة العثمانية) فإذا هي:

1- باب المقالات: يتضمن هذا الباب مقالات مختلفة في السياسة والأدب والتاريخ بعضها مقتطف من أبحاث لأشهر كتاب الإفرنج، وبعضها مكتوب بأقلام نخبة من أشهر كتاب العصر.

2- التربية والتعليم: يشتمل هذا الباب على أبحاث في طرق التربية العائلية والتربية المدرسية وفي إصلاحهما وفي المدارس ووظيفتها والمعلمين وواجباتهم وكتب التعليم.

3- المرأة والعائلة: فتحنا هذا الباب لأديبات الشرق ليبحثن فيه معنا في ما يكون فيه صلاح حال المرأة الشرقية وبنيناه على المبدأ الآتي: “أساس الهيئة الاجتماعية الأمة، وأساس الأمة العائلة، وأساس العائلة الأم أي المرأة. ففي إصلاح شأن المرأة إصلاح الهيئة الاجتماعية كلها، تعليم البنات، تدبير المنزل، استقلال المرأة.

4- باب الشعر والإنشاء: يشتمل على قصائد وشذرات بمواضيع مختلفة لنوابغ الشعراء والكتاب المتأخرين والمتقدمين.

5- الأخبار الداخلية: يتضمن خلاصة الأخبار العثمانية والمصرية المحلية والسياسية والإدارية.

6- الأخبار الخارجية: يشتمل على خلاصة أهم الأخبار السياسية الخارجية.

7- باب الروايات: رواية الحب حتى الموت. وهي رواية أدبية اجتماعية غرامية حدثت حوادثها في أميركا ومصر والقدس الشريف وطرابلس الشام ولبنان. تأليف منشئ هذه المجلة.

  ويبدو جلياً من خطة المجلة أنها تهدف إلى الإصلاح والتثقيف وجمع كلمة العثمانيين تحت راية واحدة، وتفرد للمرأة حيزاً كبيراً من حيث الاهتمام بها وإصلاح أحوالها وتعليمها وإفساح المجال للكاتبات أن يعبرن عن وجهة نظرهن في كيفية هذا الإصلاح. وقد اصدر منها سبع مجلدات.

  وكانت نزعة المجلة فلسفية اجتماعية، “وقد اشتدت فيه النزعة إلى الإصلاح الفكري والاجتماعي، ودفعه ذلك إلى أن ينقل إلى العربية كثيراً من الآراء الفلسفية الحرة دون مبالاة بما قد يحدثه من “رد فعل” في الشرق كما يقول أنيس المقدسي[2] لذلك اصطدم فرح أنطون بقادة التفكير الروحي وفي طليعتهم الإمام محمد عبده والسيد رشيد رضا. ولا سيما بعد نشره كتابه (فلسفة ابن رشد) وتعليقه عليه. كما اصطدم باللاهوتيين بعد تلخيصه حياة المسيح لرينان. فقد درس حياة المسيح كإنسان ولم ينظر إلا بعين المؤرخ الذي يطلب الحقيقة بعقله لا بما يرويه الناس.

  هذا وظلت الجامعة تصدر في الإسكندرية حتى العام 1905. ثم انتقل بها إلى نيويورك، ويقول بهذا الصدد: “إن الذي أقنعنا بنقل الجامعة من مصر إلى نيويورك أمران: الأول: “الرغبة في مشاهدة أميركا والمعيشة حيناً من الدهر وسط مدنيتها العظيمة. والثاني: الرغبة في ضم عمل تجاري في أميركا إلى عمل صحافي”[3]. ولكن مشروعه لم ينجح، فعاد بعد أربع سنوات (1909) عقب إعلان الدستور العثماني. وفي هذه المرحلة اندفع يكتب مقالات مناصرة للحركة الوطنية في مصر، ويقدم للمسرح المصري ترجمةً وتأليفاً روايات تمثيلية. وقد بلغ عدد ما قدمه من ذلك 14 رواية.

ثانياً: رواياته

  ألف فرح أنطون أربع روايات فلسفية اجتماعية هي:

1- أورشليم الجديدة أو فتح العرب بيت المقدس.

2- الوحش الوحش الوحش أو سياحة في أرز لبنان، وتدور حول رحلة قام بها كليم وسليم في لبنان من قرية قلحات التي تقع فوق مدينة طرابلس الشام إلى الحدث فالأرز، وتعالج مشكلات اجتماعية وخلقية.

3- المدن الثلاث أو “الدين والعلم والمال” وهي أقرب إلى “البحث الفلسفي الاجتماعي في خلائق المال والعلم والدين” وهو ما يسمونه في أوروبا بالمسألة الاجتماعية. وهي عندهم في المنزلة الأولى من الأهمية لأن مدنيتهم متوقفة عليها.

4- مريم قبل التوبة أو العالم الجديد. وهي رواية اجتماعية غرامية تاريخية مات فرح ولم يتمها.

5- الحب حتى الموت. وهي رواية أدبية اجتماعية غرامية جرت حوادثها في أميركا ومصر والقدس الشريف وطرابلس الشام ولبنان. ونشرها فرح متسلسلة في السنة الأولى من الجامعة العثمانية.

كما عرّب الروايات التالية:

1- الكوخ الهندي لبرناردين: موضوعه البحث عن الحقيقة وتقرير ماهيتها والطريق إليها. ونشرت في الجامعة غير تامة.

2- بولس وفرجيني. لبرناردين.

3- أتالا لشاتوبريان، وهي “أجمل وأشهر رواية فرنسوية بشأن أميركا” تصف البلاد الأميركية وطبيعتها الجميلة وقبائل هنودها بأسلوب رائق وغزل رقيق وغرام بالغ منتهى الشغف.

4- ثلاث روايات عن الثورة الفرنسية لديماس: وهي نهضة الأسد- وثبة الأسد- فريسة الأسد. وهي: “تفصيل حوادث الثورة الفرنسية الكبرى التي تحسب أعظم عمل سياسي واجتماعي عمل في هذا القرن يتخللها ذكر أعظم الرجال الذين عاصروها وما صنعوه فيها من الكبائر والصغائر والحسنات والسيئات مع وصف الحالة الاجتماعية قبلها وذكر أسبابها وسيرها وما كان من نتائجها”.

5- ملفا لمكسيم غوركي. نشرها بعد عودته من أميركة إلى مصر واستقراره في القاهرة. أبطالها صيادون متشردون وفيهم امرأة ساقطة “هي أهم شخص في الرواية” ولم يتم نشرها بالكامل بسبب توقف الجامعة نهائياً..[4].

  أما مباحثه التي ترجمها أو لخصها فهي:

1- تاريخ المسيح لرينان، هو جزء من تاريخ أصل الديانة المسيحية المؤلف من خمسة أجزاء: تاريخ حياة المسيح- تاريخ أعمال الرسل- تاريخ حياة القديس بولس- المسيح الدجال- وكتاب آخر. وقد أوجز فرح هذا الكتاب على صفحات الجامعة (1901).

2- المرأة في القرن العشرين، لجول سيمون. نشر بعض فصول منه في الجامعة بإذن مؤلفه.

3- السماء وما فيها من الأجرام. ربما ترجمه عن العالم الفرنسي فلاماريون الذي كان فرح قد نشر شيئاً عنه في الجامعة.

 

 

 

   

 


[1]  د. نزيه كباره: المسرح في لبنان الشمالي منذ نشأته حتى نهاية القرن العشرين. اصدار المجلس الثقافي للبنان الشمالي، منشورات جروس برس. الطبعة الأولى 1998. (ص87-120).

[2]  أنيس المقدسي: الفنون الأدبية وأعلامها في النهضة العربية الحديثة. دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الثانية، 1978، ص 276.

[3]  الجامعة 5- 359 . هذا وقد صدر منها اثنا عشر عدداً باسم “الجامعة العثمانية” ثم تخلت عن لفظة “عثمانية” وصارت تصدر باسم “الجامعة” كما حذفت ابتداء من العدد الثالث عشر حتى انتهائها على مدى السنوات الست الباقية جملتا روسو وجول سيمون (راجع مارون عيسى الخوري، في اليقظة العربية، الخطاب السوسيولوجي عند فرح أنطون. جروس برس، 1994، ص 92 و93.

[4]  من أجل مزيد من معرفة مضمون الروايات التي ألفها أو عربها والمباحث التي ترجمها أو لخصها، يمكن الرجوع ألى كتاب مارون عيسى الخوري، في اليقظة العربية. الخطاب السوسيولوجي عند فرح أنطون، منشورات جروس برس، الطبعة الأولى، 1994، ص 92-105.

Categories
من علماء طرابلس

فؤاد عبد القادر إشراقية

فؤاد عبد القادر إشراقية

(1906 م-1971 م)

  هو فؤاد بن عبد القادر بن محمود بن إبراهيم بن علي بن يوسف إشراقية. كانت ولادته في طرابلس، وأخواله آل الزعبي: فوالدته هي كريمة الشيخ فتح الله الزعبي شقيق الشيخ عبد الفتاح الزعبي نقيب السادة الأشراف في طرابلس.

  درس الشيخ فؤاد على والده الشيخ عبد القادر ثم على العلامة الشيخ عبد الكريم عويضة حيث أجازه بخطه. ثم التحق بالمدرسة العلمية وتخرج منها في العام 1927. وبعدها رحل إلى مصر والتحق بإحدى حلقات الجامع الأزهر. وهناك التقى بالشيخ محمد رشيد رضا صاحب “المنار” وبعد أربع سنوات (1931) عاد إلى طرابلس حيث عمل في التدريس، في كلية الوعظ وفي عدد من المساجد، بينها وكالته عن شيخه عبد الكريم عويضة في الجامع المنصوري الكبير، وقد صار أصيلاً فيها بعد وفاة شيخه. كما تولى رئاسة قلم محكمة طرابلس الشرعية والقضاء الشرعي بالوكالة عدة سنوات.

  وكان الشيخ فؤاد فقيهاً محدثاً. وكانت له ردود على الملاحدة والمبشرين والمستشرقين، كما ترك عدة أبحاث مستفيضة في عدد من المجلات العلمية والأدبية وعدة كتب مخطوطة منها كتاب في علم أصول الفقه وكتاب في علم البلاغة وكتاب في مصطلح علم الحديث. وكتاب في علم المواريث، وكان الشيخ فؤاد شاعراً وأديباً. وله قصائد كثيرة قيلت في مناسبات مختلفة.

  وتوفي الشيخ فؤاد عن خمس وستين سنة.

 

Categories
من علماء طرابلس

عثمان سلطان

عثمان سلطان

(1883-1958)

  رجل القانون والأستاذ الجامعي

  هو عثمان بن كامل بن أحمد بن محمد بن أحمد سلطان.

  وجده أحمد هو القاضي الشهير الذي عرف “برحابة الصدر وسعة العلم والفضل”. وقد تولى جده القضاء الشرعي في طرابلس مدة أربع وعشرين سنة متواصلة. “وكان مثالاً للنزاهة والفضل معروفاً بمساواته بين الجميع من سائر الملل” كما يقول عنه عبد الله نوفل في كتابه التراجم (ص97) ويقول عن آل سلطان أنهم قدموا إلى طرابلس منذ ما يقارب الثلاثماية سنة [ أي ما يقارب الثلاثماية وثمانين سنة في يومنا هذا ] واتخذوها لهم موطناً. وقد أنجب القاضي أحمد أربعة أنجال هم عبد اللطيف وكامل وعبد الحميد وعبد العزيز.

  ويقول نوفل عن عبد اللطيف بأنه عالم وأديب “تقلب في مناصب الحكومة كرئيس لمجلس طرابلس البلدي وكمدير لتحريراتها ووكيل لمتصرفيتها وغير ذلك في طرابلس وغيرها مدة خمسة وأربعين عاماً. وله مؤلفات نفيسة ومراسلات بديعة وشعر هو السحر الحلال. ويذكر له مأثرة خلال الحرب الأولى (1914-1918) وهي “أن الوظيفة لم تنسه الواجب الإنساني فكان متى عثر برسائل وأوراق يتلفها لأن وجود بعضها كان كافياً لإيذاء صاحبها قتلاً أو تغريباً جزاه الله خيراً..” (ص97).

  ويقول عن عبد العزيز بن أحمد سلطان، بأنه: “تعاطى مهنة المحاماة وبأثنائها تولى وكالة رئاسة البلدية”. ويضيف “.. ومما يعرف عنه أنه كان مفوهاً حلو الحديث سريع الخاطر وأديباً حاذقاً.. وله آثار أدبية لطيفة” (ص215).

  أما المترجم له عثمان فقد أنهى دراسته الثانوية في طرابلس ثم توجه إلى استانبول حيث درس الحقوق. ويقول نسيبه الدكتور منير إنه بعد عودته شغل منصب رئيس بلدية طرابلس. وفي عهده تم شق الطريق الذي يصل بين طرابلس والميناء ودعي طريق عزمي نسبة إلى المتصرف عزمي بك.

  وعند قيام الحكم الفيصلي في دمشق انتدبت طرابلس عثمان سلطان وعبد الحميد كرامي لتمثيلها في المؤتمر السوري الأول.

  وفي عهد الإنتداب الفرنسي على سوريا ولبنان، بقي عثمان سلطان في دمشق وشارك في التدريس بكلية الحقوق في الجامعة السورية. وكان معه كذلك الشيخ عبد القادر المغربي.

  وقد ساهم في وضع دستور الجمهورية السورية إلى جانب الدكتور عبد الرزاق السنهوري. وتابع التدريس في كلية الحقوق وعين عميداً لها، قبل إحالته إلى التقاعد ببضع سنوات. بعد ذلك عاد إلى طرابلس واستقر فيها حتى وفاته (1958).

  كان عثمان سلطان فقيهاً ضليعاً مشهوداً له بالكفاءة العلمية يشهد بذلك طلابه ومؤلفاته القانونية.

مؤلفاته

1- شرح أحكام الأراضي الأميرية ونظام الملكية العقارية والحقوق العينية غير المنقولة الصادر بالقرار 3339، مطبعة الجامعة السورية 1936، جزءان الأول في 361 صفحة.

2- شرح قانون التجارة البرية.

 

 

 

Categories
من علماء طرابلس

عبد القادر الأدهمي

عبد القادر الأدهمي

(1839-1907)

  ولد في طرابلس وأخذ العلوم العقلية والنقلية عن الشيخين محمود عبد الدائم نشابه وعبد الرزاق الرافعي. كما نال الإجازة في الطريقة الشاذلية من شيخه أبي المحاسن القاوقجي الذي تأثر به كثيرون في عصره.

  سافر إلى الحجاز بعد تخرجه في الأزهر، ونزل في المدينة المنورة، فخدم الحجرة النبوية فيها بمرسوم من السلطان العثماني. ثم عاد إلى مسقط رأسه طرابلس وتوفي فيها عام 1907م.

  تتلمذ على الشيخ أبي المحاسن القاوقجي، وتأثر به ولا سيما في شعره الديني، حيث يكثر من قصائد الدعاء والتوسل والمدائح النبوية، ويقلد أستاذه في ألفاظه ومعانيه. إلا أنه لا ينغمس كما يفعل أستاذه في ألفاظ الصوفية ومفاهيمها ومصطلحاتها، كالجذب والتجلي وكشف الحجب والغناء والسكر وما إلى هنالك.

  والأدهمي من أكثر شعراء زمانه قصائد في مدح الرسول، على غير إبداع أو تجديد وقد قلّد شعراء المديح من الصحابة، أمثال حسان بن ثابت الأنصاري وكعب بن زهير، إلا أنه لم يرق إلى مستواهم، فاهتم كثيراً للمحسنات البديعة كالجناس والطباق والتورية وغيرها، بالإضافة إلى ما أدخله من مفاهيم صوفية لم تكن معروفة في شعر أولئك.

  ولم يفت الأدهمي أن يقلّد قصائد البوصيري وغيره، كما فعل في البديعة المسماة (ترجمان الضمير في مدح الهادي البشير) فقد قلّدها وزناً وقافية.

مؤلفاته

  ترك الأدهمي عدة كتب أشهرها:

1- تذكرة أولي البصائر في الكبائر والصغائر، طبع في 1311 هـ/ 1892 م. درج فيه على ذكر المسائل المخالفة للشرع والتنبيه من ارتكابها. وقد قرظه أستاذه أبو المحاسن القاوقجي.

2- إرشاد المريد للمنهج السديد. وهو في التصوف، واستقى فيه آراء شيخه القاوقجي.

3- غرر الائتناس ودرر الاقتباس.

4- هداية الناسك وهداية السالك في المناسك.

5- وسيلة النجاة والإسعاد في معرفة ما يجب من التوحيد والاعتقاد.

6- كشف الأسرار المددية.

7- ترجمان الضمير في مدح الهادي البشير. مطبعة الجريدة، بيروت 1309 هـ. وقد قام بشرحه الشيخ محمد بدر الدين الرافعي الخلوتي.

8- ترجمة قطب الواصلين، المطبعة الأدبية، بيروت 1306 هـ.

9- نزهة العقول في معالم طه الرسول، لا مط، لا ت.

10- مورد الصفا ومصدر الوفا. مطبعة البلاغة، طرابلس 1312 هـ، وكل قصائده دعاء وتوسل ومدائح نبوية، وفيه قصائد طويلة بلغ بعضها مئات الأبيات.

11- الدر النظيم بمدح النبي الكريم.

12- تعطير الوجود بمدح صاحب المقام المحمود.

13- خير الكلام في مدح خير الأنام. ديوان شعر.

14- مباهج النفس.

15- تبييت البردة. الإسكندرية 1313هـ. أي تذييل كل بيت من الأصل ببيت آخر مع حسن الارتباط والمماثلة. فضلاً عن قصائد أخرى جاءت بمثابة محاكاة أو تشطير أو تخميس لقصائد شعراء آخرين.

 

Categories
من علماء طرابلس

عبد السلام الأدهمي

عبد السلام الأدهمي

(1900-1971)

  الصحافي والمفكر التقدمي.

  من مواليد طرابلس.

  تعلم في مدارسها، ثم تثقف على نفسه إذ كان شغوفاً بالمطالعة، ومارس العمل الصحفي وانتسب إلى نقابة المحررين.

  عمل عبد السلام الأدهمي في القطاع الصناعي والتجاري قبل أن ينصرف إلى العمل الصحافي والتأليف، ويذكر د. مسعود ضاهر[1] أن عبد السلام أدهمي كان حضر المؤتمر الصناعي الاقتصادي لعام 1929 في دمشق. وهو المؤتمر الذي كان الدافع إليه معاداة الانتداب الفرنسي وتشجيع الصناعة الوطنية ومقاطعة السلع الأجنبية ودعوة المصانع اللبنانية والسورية إلى تطوير إنتاجها ببناء مصانع حديثة للوقوف في وجه المزاحمة الخارجية.

  وكانت غرفة التجارة والصناعة في دمشق هي التي دعت إلى عقد المؤتمر وقد ذكر د. ضاهر اسم عبد السلام الأدهمي كواحد من أبرز وجوه ذلك المؤتمر وكانت ابرز نتائج هذا المؤتمر إقامة معرض دمشق الدولي الدائم منذ 31 أيار مايو 1936 الذي انطلق أساساً كمعرض للصناعات المحلية أولاً، ثم أصبح معرضاً عاماً للصناعات الداخلية والخارجية.

  قصد دمشق في العام 1956 حيث عمل في الصحافة الدمشقية ومكث فيها أربع سنوات، ثم عاد إلى طرابلس 1960 ليكتب وليحرر في أمات الصحف اللبنانية، وليؤلف بعض التمثيليات لصالح الإذاعة اللبنانية.

  وكان عبد السلام أدهمي صاحب رأي حر، وأفكار تقدمية، فقد وجهت إليه الدعوة لزيارة الاتحاد السوفياتي ورومانيا والصين، كما كان مؤمناً بالقومية العربية، مؤيداً للرئيس جمال عبد الناصر. وقد نشر كتباً عن زياراته. كما أصدر كتاباً أهداه إلى الرئيس عبد الناصر بعنوان نضال القومية العربية، وكان ألفه وهو في دمشق.

مؤلفاته

  ترك عبد السلام الأدهمي عدا المقالات والإذاعيات التي كان يعدها للإذاعة الرسمية في بيروت ولغيرها من الإذاعات العربية، ترك المؤلفات التالية وهي مطبوعة.

1.  في ظل الاشتراكية- الصين الجديدة، دار العلم للملايين، الطبعة الأولى، 1954، في 178 صفحة من القطع الوسط

2.  رومانيا

3.  الاتحاد السوفياتي

4.  بين فكّي الكارثة، حقيقة اسرائيل. لا ت. لا م. في 135 صفحة. وقد نشر تباعاً في جريدة الانشاء الطرابلسية

5.  نضال القومية العربية. مطبعة الحياة بدمشق، 1959، في 248 صفحة، وقد أهداه “إلى سيادة الرئيس الملهم جمال عبد الناصر”.

 

 


[1]  د. مسعود ضاهر، لبنان الاستقلال الصيغة والميثاق. دار المطبوعات الشرقية، الطبعة الأولى، 1977، ص 23-25.

Categories
من علماء طرابلس

سميح وجيه الزين

سميح وجيه الزين

(1902-1974)

  المؤرخ

  ولد سميح الزين في ميناء طرابلس عام 1320هـ/1902م. تعلّم في طرابلس ونال شهادة الرياضيات عام 1340هـ/1921م، عمل بعدها موظفاً في بنكو دي روما في طرابلس، ثم انتقل إلى حمص وكيلاً مفوضاً، وتزوج هناك من ابنة عمته لواحظ مصطفى عبد الوهاب الهندي، عاد بعدها إلى طرابلس فبيروت فطرابلس حيث استقر فيها، رئيساً لقسم المحاسبة في بلديتها.

  حصل على دبلوم الصحافة من جامعة القاهرة، ومارس مهنة الصحافة فكتب لصحيفتي (الجريدة) و   (لسان الحال) وعمل في الترجمة عن الفرنسية والإيطالية.

  كتب في القصة والمقال الأدبي ومن أعماله “6 أيار”[1]، و “لمياء” و “أحمد جمال باشا” وكتب في التاريخ فألف كتاب “تاريخ طرابلس قديماً وحديثاً” وهو مطبوع وكتاباً عن بيروت لم يطبع، كما ترك مخطوطين لم يطبعا حتى الآن “تاريخ الفلسفة عند الإغريق والعرب” و “رسالة الغفران لأبي العلاء”. توفي في طرابلس عام 1974م.

  وفي ما يأتي كلمة على كتابه (تاريخ طرابلس قديماً وحديثاً)

  مثل كل كتاب، قديم تاريخاً لمدينة طرابلس، يعتمد المؤلف في عمله على كتب التاريخ القديمة، يستلّ منها ما تعلق بالمدينة، فيحدّد ويدقق ويحلل، ويصوغ في النهاية كتابه، يعد إضافة ما اقتضاه العمل من أحداث جرت في فترات متأخرة زمنياً شهدها المؤلف أو استمدها ممن شهدوها أو عاشوها.

  ولعل أصدق توصيف لهذا الكتاب هو ما جاء في المقدمة، بقلم المؤلف إذ يقول:

 “وبإمكان قارئي أن يطلق على كتابي هذا اسم تاريخ طرابلس، فقد جمعت فيه كل ما ورد في كتب المتقدمين والمتأخرين عن المراحل التي مرّت على طرابلس، ولم أنس تسجيل ما جمعته من أفواه المتقدّمين بالسنّ ما عرفوه أو سمعوه ممن تقدّمهم من مجريات الحوادث التي مرّت على هذه البلدة وما زالت عالقة بالأذهان”.

  ويبين المؤلف أسلوب عمله فيقول:

  “وقد تعمقت في سرد صحة الفصول التي يحتويها كتابي هذا، ولم أذكر إلا ما كنت واثقاً من حقيقته وأنه قد حدث فعلاً، ذلك أني محّصت كل التمحيص ما ورد عن طرابلس في مختلف كتب التاريخ من قديم ومن حديث إن كان للشرقيين أو للغربيين، ولم أرغب في اتباع طريقة بعض المؤرخين العرب في ذكر الحوادث سنة فسنة، بل فضّلت سرد هذه الحوادث عهداً متسلسلاً لأضع بين أيدي الراغبين في تتبع تاريخ طرابلس، صورة متواصلة عن تاريخها على مدى الأزمان.

  وبعد أن يذكر المؤلف الصعوبات التي اعترضته، حيث إن أخبار طرابلس كانت تأتي عرضاً في سياق وقائع التاريخ، يعدّد بعض المراجع التي اعتمد عليها، آملاً أن يسدّ كتابه فراغاً في تاريخ المدن العربية.

  بعد المقدمة يتحدث المؤلف عن أسباب وضع تاريخ للمدن، مبيناً الفرق بين التاريخ العام وتاريخ المدن، وأهمية تدوين تاريخ المدن لأنه موضوعي، يذكر الحوادث وأبطالها ومجرياتها وأسبابها، في حين أن التاريخ العام قد لا يذكر مدينة ما إلا عرضاً وفي سياق الحديث عن تاريخ المنطقة إذا مرت فيها أحداث هامة. كما أن تاريخ المدينة يذكر ما أقيم من منشآت عمرانية، وأنواعها وأسماء منشئيها وسنة إنشائها وقد لا يأتي التاريخ العام على ذكرها.

  يبدأ تاريخ طرابلس بذكر الأسباب التي أدت إلى تأسيسها على يد الفينيقيين ويتنقل بين محطاتها والعهود التي تعاقبت عليها. والحروب التي جرت فيها والدول التي احتلتها والشعوب التي سكنتها، حتى يصل إلى فترة الاحتلال الصليبي ويسهب في الحديث عنها ثم يورد أخبار تحريرها على يد المنصور قلاوون.

  ويخصص لطرابلس في العهد المملوكي حيزاً وافياً فيتحدث عن بناء المدينة الجديدة على ضفة النهر بعد تدمير القديمة في الميناء، ويعدّد ولاة المدينة المستحدثين في الفترة المملوكية محدداً فترات توليهم، ثم يتعرض لحالة المدينة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية في تلك الفترة.

  ثم يعرّج المؤلف على العهد العثماني في طرابلس وما جرى فيه من أحداث ويذكرّ بأسماء شكلت علامات في تاريخ المدينة العثمانية، فآل سيفا والأمير فخر الدين، وحروبهم الدائمة ومصطفى بربر وحكمه لطرابلس واحتلال إبراهيم باشا المصري لطرابلس ومذبحته فيها، وخروجه منها ويدخل في أواخر هذا العهد إلى القرن العشرين متحدثاً عن انهيار السلطنة العثمانية أمام الجيوش الأجنبية وبداية عهد الإنتداب في لبنان.

  وينهي المؤلف هذه المرحلة بالحديث عن نضال المدينة ضد سلطات الانتداب وتضحياتها الكبيرة حتى نيل الاستقلال.

  إن أهم ما في الكتاب هو تصويره الدقيق لحالة طرابلس في القرن العشرين، هذا ما نستطيع تسميته تأريخاً للمدينة، هو ما يراه ويسمعه المرء حياً أمامه فينقله عن الحدث وليس بالتواتر أو نقلاً عن المصادر.

  في هذه الفترة يقدم المؤلف مسحاً شاملاً لمدينة طرابلس، ووصفاً دقيقاً للمشهد الطرابلسي، فهو حين يذكر المؤسسات الرسمية، لا يفوته أن يذكر المؤسسات الأهلية، وحين يذكر المؤسسات الدينية، لا ينسى النقابات المهنية، وذلك مع ذكر المتغيرات فيها وإيراد أسماء ممثليها، ويعرّج على الجمعيات الأهلية والخيرية فيقدم عرضاً للجمعيات الإسلامية والمسيحية والمدارس الرسمية والخاصة، وهو حين يذكر كل ذلك لا يغفل أن يقدم شريطاً حياً لآثار المدينة، مساجد ومدارس وكنائس وأبرشيات وحمامات وخانات، وذلك في طرابلس والميناء، وهذا ليس نهاية الكتاب، إنه ينهي كتابه بسجلّ للأعياد في طرابلس  على امتداد تاريخها، وبحسّه الثقافي المرهف لا يفوته أن يذكر علماء المدينة، وأن يقدم ثبتاً غنياً بمكتبات المدينة الخاصة وهذا يجعل من الكتاب مرجعاً معاصراً لكل باحث.

الكتاب: تاريخ طرابلس قديماً وحديثاً.

المؤلف: سميح وجيه الزين.

الناشر: الأندلس للطباعة والنشر- بيروت.

المطبعة: الطبعة الأولى، بيروت- لبنان، 1389هـ/1969م.

الصفحات: 615 صفحة من القطع المتوسط.

  يضم الكتاب ستة وعشرين رسماً فوتوغرافياً، ويحوي فهرساً للمراجع وفهرساً ابجدياً لعلماء طرابلس، ثم فهرساً للموضوعات، وفهرساً للرسوم.

  

 

 


[1]  – 6 أيار، قصة شهداء الوطن. وكتب الزين قصتها وساهم بالوقائع التاريخية وجيه علم الدين الضابط في الجيش العربي خلال الحرب العالمية الأولى. وأهديت “إلى فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية الأستاذ شارل حلو رائد الوحدة الوطنية ” 1966 في 168 صفحة.

Categories
من علماء طرابلس

سعدي توفيق بصبوص

سعدي توفيق بصبوص

(1924-1997)

  ولد في طرابلس في العام 1924. درس العلوم الدينية في القسم الشرعي التابع لكلية التربية والتعليم الإسلامية في طرابلس.

  في أوائل الأربعينات سافر إلى العراق وإلتحق بثورة “رشيد عالي الكيلاني”، عقب الإحتلال الإنكليزي والفرنسي، مقاوماً “الوجود الإنكليزي هناك؛ تحت لواء عصبة العمل القومي.

  بعد فشل ثورة رشيد عالي الكيلاني وإصابة صديقه القائد فوزي القاوقجي غادر إلى سوريا.

  في سوريا قام بطلب من الجيش الألماني، وبتكليف من القائد الجنرال هملر بالاتصال بالقبائل والعشائر العربية، لحضهم على القيام بانتفاضات عسكرية.

  بعد ذلك غادر سوريا جواً بواسطة طائرة حربية المانية، إلى أثينا في اليونان، حيث خضع لدورة تدريبية عسكرية وافتتح إذاعة سرية للمحور باسم “إذاعة العرب الأحرار” وكانت تابعة مباشرة لأركان حرب القوات الألمانية المكلفة بمهاجمة الشرق الأوسط.

  اشتهر في “إذاعة العرب الأحرار” كخطيب سياسي مكافح في محاربة الإنكليز والفرنسيين، مستنهضاً الشباب العربي في الكفاح والنضال.

  بناء على ذلك صدر قرار عن الجيش الفرنسي بقيادة الجنرال “ديغول” قضى بملاحقته وإلقاء القبض عليه.

  بعد ذلك سافر إلى المانيا حيث قابل الزعيم هتلر الذي كلّفه بموافقة مفتي القدس الشيخ أمين الحسيني والقائد فوزي القاوقجي ورشيد عالي الكيلاني، بتسلم “إذاعة برلين العربية” التي تولى العمل فيها طوال المعارك في برلين، حيث أقيمت الإذاعة في الطابق العاشر تحت الأرض؛ توقّياً من القصف الجوي الذي كان يستهدف برلين من قبل حوالي 2200 طائرة.

  وقد تمّ التركيز على أن تكون إذاعة برلين العربية، إذاعة سياسية بامتياز من حيث التعليقات والتحليلات والتوجّهات، وقد كان سعدي بصبوص يضع القناع على وجهه كي لا يختلط صوته بدوي القذائف ويرسل عبر الأثير عبارات الحماس والتشجيع والاستنهاض غير عابئ باللهيب الجهنمي الذي كانت تتعرض له برلين.

  بعد سقوط برلين، اعتقل سعدي بصبوص من قبل القوات البريطانية وتعرض للتعذيب وللسجن إلى أن أطلق سراحه بوساطة عربية.

  لم يركن سعدي للهدوء ولم تخب شعلة الكفاح في صدره، إذ إنه في أول فرصة انتقل إلى فلسطين ممتشقاً سيف الكلمة مقاتلاً عبر الأثير القوات الصهيونية في فلسطين من خلال إذاعة سرية قام بتأسيسها في قرية “جبع” الفلسطينية في نابلس، وعرفت باسم “صوت النضال العربي من فلسطين العربية”.

  بعد انسحاب الجيوش العربية من فلسطين وكانت شهرته قد عمّت البلاد العربية استدعى سعدي بصبوص إلى سوريا حيث ساهم في تأسيس “الإذاعة الرسمية السورية” في دمشق.

  ثم عاد إلى وطنه لبنان حيث عيّن “مذيعاً في الإذاعة اللبنانية” ثم رئيساً لدائرة الإذاعة.

  وأثناء رئاسته للإذاعة اللبنانية، شارك في عدة لجان لاختيار المذيعين والمطربين، وكان من بينهم السيدة نهاد حداد (فيروز) التي عيّنت في كورس الإذاعة اللبنانية.

  في العام 1958 استقال من رئاسة الإذاعة اللبنانية فمنحه رئيس الجمهورية كميل شمعون وسام الأرز الوطني من رتبة فارس تقديراً لجهوده وخبرته الواسعة في النضال والتوجيه الاعلامي.

  بعد استقالته سافر سعدي بصبوص إلى السعودية حيث أسس هناك “أول إذاعة في الخليج العربي”.

  هذا وقد عمل مراسلاً لجريدة “الحياة” وكان عضواً في نقابة الصحابة اللبنانية.

  وبعد عودته إلى لبنان، أسس مع الموسيقارين حليم الرومي وتوفيق الباشا شركة للانتاج الفني ثم أسس مكتباً للتدقيق اللغوي وهو الذي اشتهر بلغته العربية اللافتة وبصوته الإذاعي الممّيز، هذا الصوت الذي يدرّس حتى اليوم كنموذج للصوت الإذاعي في كليات الإعلام في بريطانيا.

  وقد جمعته صداقة حميمة بالشاعر القروي رشيد سليم الخوري، فقد أهداه الشاعر نسخة من ديوانه وفي إهدائه هذان البيتان:

أزفّ إليك شعراً عبقرياً               ترتله شباب العرب بعدي

وأرجع هازئاً بنحوس دهري          وهل أخشى النحوس وأنت سعدي!

  بعد عمر قضاه في النضال الإعلامي توفي سعدي بصبوص في بيروت بتاريخ 4/10/1997. ومن المؤسف أن تكون تعليقاته وتحليلاته في الإذاعة اللبنانية كلها على الهواء كما أفاد مدير الإذاعة الحالي، لذلك لم يكن ممكناً تقديم أي نصّ له.