سعدي توفيق بصبوص
(1924-1997)
ولد في طرابلس في العام 1924. درس العلوم الدينية في القسم الشرعي التابع لكلية التربية والتعليم الإسلامية في طرابلس.
في أوائل الأربعينات سافر إلى العراق وإلتحق بثورة "رشيد عالي الكيلاني"، عقب الإحتلال الإنكليزي والفرنسي، مقاوماً "الوجود الإنكليزي هناك؛ تحت لواء عصبة العمل القومي.
بعد فشل ثورة رشيد عالي الكيلاني وإصابة صديقه القائد فوزي القاوقجي غادر إلى سوريا.
في سوريا قام بطلب من الجيش الألماني، وبتكليف من القائد الجنرال هملر بالاتصال بالقبائل والعشائر العربية، لحضهم على القيام بانتفاضات عسكرية.
بعد ذلك غادر سوريا جواً بواسطة طائرة حربية المانية، إلى أثينا في اليونان، حيث خضع لدورة تدريبية عسكرية وافتتح إذاعة سرية للمحور باسم "إذاعة العرب الأحرار" وكانت تابعة مباشرة لأركان حرب القوات الألمانية المكلفة بمهاجمة الشرق الأوسط.
اشتهر في "إذاعة العرب الأحرار" كخطيب سياسي مكافح في محاربة الإنكليز والفرنسيين، مستنهضاً الشباب العربي في الكفاح والنضال.
بناء على ذلك صدر قرار عن الجيش الفرنسي بقيادة الجنرال "ديغول" قضى بملاحقته وإلقاء القبض عليه.
بعد ذلك سافر إلى المانيا حيث قابل الزعيم هتلر الذي كلّفه بموافقة مفتي القدس الشيخ أمين الحسيني والقائد فوزي القاوقجي ورشيد عالي الكيلاني، بتسلم "إذاعة برلين العربية" التي تولى العمل فيها طوال المعارك في برلين، حيث أقيمت الإذاعة في الطابق العاشر تحت الأرض؛ توقّياً من القصف الجوي الذي كان يستهدف برلين من قبل حوالي 2200 طائرة.
وقد تمّ التركيز على أن تكون إذاعة برلين العربية، إذاعة سياسية بامتياز من حيث التعليقات والتحليلات والتوجّهات، وقد كان سعدي بصبوص يضع القناع على وجهه كي لا يختلط صوته بدوي القذائف ويرسل عبر الأثير عبارات الحماس والتشجيع والاستنهاض غير عابئ باللهيب الجهنمي الذي كانت تتعرض له برلين.
بعد سقوط برلين، اعتقل سعدي بصبوص من قبل القوات البريطانية وتعرض للتعذيب وللسجن إلى أن أطلق سراحه بوساطة عربية.
لم يركن سعدي للهدوء ولم تخب شعلة الكفاح في صدره، إذ إنه في أول فرصة انتقل إلى فلسطين ممتشقاً سيف الكلمة مقاتلاً عبر الأثير القوات الصهيونية في فلسطين من خلال إذاعة سرية قام بتأسيسها في قرية "جبع" الفلسطينية في نابلس، وعرفت باسم "صوت النضال العربي من فلسطين العربية".
بعد انسحاب الجيوش العربية من فلسطين وكانت شهرته قد عمّت البلاد العربية استدعى سعدي بصبوص إلى سوريا حيث ساهم في تأسيس "الإذاعة الرسمية السورية" في دمشق.
ثم عاد إلى وطنه لبنان حيث عيّن "مذيعاً في الإذاعة اللبنانية" ثم رئيساً لدائرة الإذاعة.
وأثناء رئاسته للإذاعة اللبنانية، شارك في عدة لجان لاختيار المذيعين والمطربين، وكان من بينهم السيدة نهاد حداد (فيروز) التي عيّنت في كورس الإذاعة اللبنانية.
في العام 1958 استقال من رئاسة الإذاعة اللبنانية فمنحه رئيس الجمهورية كميل شمعون وسام الأرز الوطني من رتبة فارس تقديراً لجهوده وخبرته الواسعة في النضال والتوجيه الاعلامي.
بعد استقالته سافر سعدي بصبوص إلى السعودية حيث أسس هناك "أول إذاعة في الخليج العربي".
هذا وقد عمل مراسلاً لجريدة "الحياة" وكان عضواً في نقابة الصحابة اللبنانية.
وبعد عودته إلى لبنان، أسس مع الموسيقارين حليم الرومي وتوفيق الباشا شركة للانتاج الفني ثم أسس مكتباً للتدقيق اللغوي وهو الذي اشتهر بلغته العربية اللافتة وبصوته الإذاعي الممّيز، هذا الصوت الذي يدرّس حتى اليوم كنموذج للصوت الإذاعي في كليات الإعلام في بريطانيا.
وقد جمعته صداقة حميمة بالشاعر القروي رشيد سليم الخوري، فقد أهداه الشاعر نسخة من ديوانه وفي إهدائه هذان البيتان:
أزفّ إليك شعراً عبقرياً ترتله شباب العرب بعدي
وأرجع هازئاً بنحوس دهري وهل أخشى النحوس وأنت سعدي!
بعد عمر قضاه في النضال الإعلامي توفي سعدي بصبوص في بيروت بتاريخ 4/10/1997. ومن المؤسف أن تكون تعليقاته وتحليلاته في الإذاعة اللبنانية كلها على الهواء كما أفاد مدير الإذاعة الحالي، لذلك لم يكن ممكناً تقديم أي نصّ له.