الشيخ محمد كامل البابا
(1880-1975)
(بقلم سعيد السيد[1] عنه بتصرف)
المؤرخ وناقد المؤرخين
ولد الشيخ محمد كامل البابا في مدينة طرابلس سنة 1880م عاش حياته فيها مدرساً على شيوخها وتوفي سنة 1970م.
تعمّم بعد أداء فريضة الحج برفقة والده، وبدأ يتلقى العلم على الشيخ عبد الكريم عويضة، وأبدى منذ ريعانه اهتماماً بقراءة النقوش والكتابات التي تزخر بها جدران وواجهات ومنابر المساجد والمدارس وكافة الأبنية الأثرية في المدينة، مما ولد في نفسه شغفاً بالآثار وولعاً بالتاريخ واهتماماً خاصاً بتاريخ مدينته طرابلس.
كانت المحطة الرئيسية في اتجاهه نحو دراسة أشمل لتاريخ طرابلس، لقاؤه مع المستشرق سوبر نهايم، المبعوث من قبل جمعية الآثار الشرقية الامبراطورية في برلين لدراسة الآثار والكتابات التاريخية في المنطقة وذلك عام 1901م 1319هـ، فقد رافقه شيخنا، وقارئاً لما غمض من الكتابات التاريخية والآيات القرآنية، وفي ذلك يقول المؤلف:
"وتكررت معاودته لطرابلس (يقصد سوبر نهايم) حتى انتهت دراسته، فوضع كتاباً قيماً فيما عني به، ثم رأيت أن أنصرف إلى التعمق لدرس هذه الآثار وأكشف عن مخبئات مكنونها، وأوضح تفصيلات حوادثها ووقائعها. وهذا ما حملني على وضع هذا المؤلف لتاريخ طرابلس.. فأخذت بالتقاط أخبارها وجمع شتات حوادثها من شتى المؤلفات ما بين مطبوعات ومخطوطات، حتى جمعت كما ترى بين وقائعها وسهّلت التأليف بين شواردها".
وانصرف البابا إلى جمع المعلومات عن تاريخ المدينة من مراجعها، كما انخرط في سلك التعليم الرسمي معلماً في مدرسة الفيحاء الرسمية.
وتوثقت العلاقة بينه وبين الأمير موريس شهاب الذي كان في الخمسينات من القرن العشرين أميناً لدار الآثار اللبنانية (المتحف الوطني) كما كان يدرس علم الآثار والتاريخ في كلية الآداب في الجامعة اللبنانية، فكانا يتبادلان المعلومات، كما يتعاونان على كيفية المحافظة على المدينة وآثارها.
وبناء لطلب الزعيم عبد الحميد كرامي قدّم البابا موجزاً تاريخياً عن آل كرامة مؤلفاً من ثلاثين صفحة من الحجم المتوسط، مبيناً أنهم يتحدرون من القبائل التنوخية العرب.
وكان الطلاب والطالبات الذين يحضرون أطروحات لنيل الاجازات في مادة التاريخ يترددون على الشيخ البابا بتوجيه من رئيس الجامعة اللبنانية آنذاك فؤاد فرام البستاني وأساتذة التاريخ والآثار فيها كالمير موريس شهاب، والدكتور أسد رستم..
وكان الشيخ البابا قد اختار سلوك الطريقة النقشبندية، وكان راوياً لكرامات الشيخ علي العمري كما انتشرت على ألسنة المسنين في طرابلس، وقد قام بتدوينها في كتاب بناء على طلب بعض أبناء المدينة.
وكان يتردد عليه أساتذة التاريخ من أبناء المدينة للإفادة من معلوماته وملحوظاته.. ومن الجدير ذكره أنه كتب نقداً لكتاب "تاريخ العرب" الذي ألفه الدكتور فيليب حيّ، ونشره في كتيّب وأرسل منه عدداً من النسخ بصورة هدية للمؤلف في أميركا. وقد رد المؤلف شاكراً.. واعداً بالأخذ بملاحظاته في طبعة الكتاب الجديدة.
وكان الشيخ البابا وطنياً واعياً مستنيراً، وله فضل كبير على تلاميذه في توجيههم السياسي والديني والأخلاقي، كما يستشف مما كتبه ومن بعض مواقفه أنه كان يحمل دائماً على الأجنبي المستعمر وعلى محاولته الدؤوب للتفريق بين أبناء الطوائف المتواجدة على أرض الوطن، وكان يبشر بالوحدة الوطنية ويدعو إليها محذراً من الفتن التي يوقظها الأجنبي لتثبيت أقدامه. وقد حمل على مظالم الأتراك العثمانيين، كما حمل على الانتداب الفرنسي.
مؤلفاته
1. موجز تاريخ آل كرامة. في ثلاثين صفحة، مخطوط. ذكره ابنه عبد الله في تعريفه بالمؤلف لكتاب "طرابلس في التاريخ".
2. كرامات الشيخ علي العمري، مطبعة دار الفنون، شارع البولفار، طرابلس، 1958، في 297 صفحة.
3. نقد كتاب تاريخ العرب (مطول)، مطبعة دار الفنون، طرابلس، 68 صفحة قطع متوسط. لات.
4. طرابلس في التاريخ، جروس برس، الطبعة الأولى، 1995،في 439 صفحة مع الفهارس.
[1] مدير مركز رشيد كرامي الثقافي البلدي في طرابلس.