طرابلس في الثلث الأول من القرن التاسع عشر
جون كارن
رحلة في لبنان في الثلث الأول
من القرن التاسع عشر
تعريب: رئيف خوري
منشورات دار المكشوف 1948
ص41-45
ان جوار طرابلس جميل جمالاً خاصاً، على كونه أقل تلوناً ونتوءاً من جوار بيروت. هنا في ضاحية طرابلس مغارس الكرم ومزارع التوت وليمون البرتقال والرمان ومنابت الزيتون تطوّق المدينة من كل صوب. وتبدو من على الهضبة لوحة أرضية بهية تشتمل على جزء كبير من المدينة. ويتفرع عن نهر قاديشا فرع يجري عريضاً في شوارعها، بينما تنتصب المآذن وتنبسط الأراضي المجاورة مكسوة بالمغارس والجنائن.
في طرابلس أسواق ضيقة قاتمة عظيمة الطول، ملآنة بالبضائع المعتادة. وتدور فيها الحرف والتجارات الصغيرة بنشاط مرموق. ولما كانت المنطقة المجاورة تنتج حريراً موفوراً من صنف جيد، كان أكثر الأهلين يشتغلون بحياكة الزنانير الطويلة المقلمة التي يكثر لبسها في الأمصار الأسلامية.
وقد وجدت جملة من العائلات الفرنسية تستوطن المدينة وتهتم بفروع مختلفة من صناعة نسج الحرير. ويلحظ احد السواح ان الفرنسيين هؤلاء يرتأون امكان إقامة تجارة رابحة في مادة الحرير الخام، اذا تيسرت الأسواق للتصدير. والإسفنج كثير على الشاطئ، تلقى منه القنصل الانكليزي حملاً كاملاً خلال أقامتنا. ويمكن الحصول على هذا الأسفنج عن الشاطئ، لكن أجوده يكون في البحر على بعض العمق.