أم المآسي
جمال عبد الناصر، في ذمة الله
وهنا أخذت الساعة نفساً عميقاً، وكأنها تريد الهرب من متابعة حديثها، وأشاحت بوجهها وهي تقول، لقد وصلت إلى أم المآسي فماذا عساي أقول؟
قلنا: وهل يمكن الهروب مما حصل؟
قالت: أبداً... أبداً ولكن حسبي الله، سأكمل حديثي:
في الثامن والعشرين من أيلول 1969، شاءت إرادة الله أن تكون ليلة حزن عمت العالم العربي والاسلامي، ليلة اختار الله فيها حبيب الأمة العربية وقائدها ومعلمها وأملها جمال عبد الناصر، أن يكون قريباً منه في جنات خلده، فكنت أرى أهل طرابلس، شيبها وشبابها، نساؤها وفتياتها وفتيانها، هائمين في الشوارع، يبكون وينتحبون، هذا أغمي عليه، وذلك يضرب بكفيه على رأسه، والجميع لا يصدق ما سمع... يا لهول المأساة، ويا لفداحة الفاجعة... لقد مات عبد الناصر!..
ويمكنني الجزم، أن طرابلس كانت من أكثر المدن العربية حماساً واندفاعاً واخلاصاً لآراء وأفكار ومواقف الراحل الكبير، وان ما يختزنه الطرابلسيون في طيات قلوبهم، من محبة واحترام له، يفوق الوصف والتصور، وأن طرابلس أدركت مغزى الخسارة الفادحة، فكانت الانفعالات الحزينة أقوى من السيطرة على النفوس، وكان صدى النبأ الفاجعة أليماً، حتى ان بعض العامة، ظلوا أياماً وأسابيع لا يصدقون ان عبد الناصر قد مات!..
* * *
بداية الانهيار
طرابلس تحت حكم عصابة المطلوبين
في مطلع السبعينات، أخذت ملامح الفوضى، تطل برأسها بين الحين والآخر، وهيبة الدولة بدأت تضعف يوماً بعد يوم، وظهرت عصابات مسلحة، تمكنت من فرض هيبتها وسيطرتها على معظم الأحياء الشعبية الداخلية في المدينة، وكان بإمكان السلطة يومذاك، التخلص منهم بسهولة، غير ان شيئاً خفيّاً كان أقوى من إرادة السلطة، منعها من القيام بأي عمل، وظلت المدينة تئن تحت وطأة الكابوس الذي جثم على صدرها وبات المواطنون في حيرة ودهشة، إذ هل يعقل ان تقف السلطة عاجزة أمام عصابة لا يتجاوز عدد أفرادها أصابع اليد الواحدة، يسيطرون على أحياء المدينة الداخلية، ويعيثون فيها فساداً، لفترة امتدت لأكثر من سنة ولم يتصدَ لهم أحد، حتى ولم تجرِ أية محاولة لوضع حد لما يقومون به من إساءة لحرمة المساجد والأخلاق العامة؟!
ولما طفح الكيل، واشتد أنين المواطن وتذمره، حزمت السلطة أمرها واقتحمت قوات الجيش الأسواق الداخلية ووضعت نهاية لأؤلئك الخارجين على القانون، ولكن بعد فوات الأوان، إذ انفجرت الأزمة في العام 1975، وظهرت الميليشيات المسلحة من هنا وهناك، كل فئة أخذت تقوم بأعمال تفوح منها رائحة الحقد والكراهية، تتعمد استدراج الفئات الأخرى إلى القتال!..
* * *
وانقسم البلد
شهداء مجزرة داريا
وتتابع الساعة حديثها وقد أجهشت بالبكاء:
لعلني، حين شاهدت موكب الاثني عشر شهيداً من أبناء طرابلس، ضحايا مجزرة داريا المشؤومة، تمر أمامي وسط حشود المشيعين المذهولين بهول الفاجعة، حسبت ضربات قلبي المتسارعة، وكأنها تقرع طبول الحرب، تنذر بالشر المستطير، فلم أتمالك نفسي عن البكاء، ليس على أولئك الذين قضوا وحسب، بل لأنني أدركت بأن الشيطان قد شق طريقه إلى عقول الجميع، ولم يعد هناك من وسيلة للسيطرة على العواطف والغرائز... ولعل الانسان أشرس من الحيوان، حين تتغلب غرائزه على عقله وإرادته!.. وهكذا انتصرت اللعبة الخبيثة على وقار الجميع، فأحرجتهم وأخرجتهم إلى ساحات القتال، وانقسم البلد على نفسه، فكان دمار لبنان على أيدينا، وصاحب اللعبة يتفرج علينا... وخسرنا مئات الألوف، بين قتيل وجريح ومشوه، سقطوا نتيجة جهلنا وغبائنا، وصاحب اللعبة ظل نظيف الكف بريئاً من دمهم... وتهاوت المؤسسات الرسمية الواحدة تلو الأخرى، وتعرضت للسلب والنهب والحريق. وتلفت المستندات، مستندات المواطنين التي تحفظ حقوقهم!... وصاحب اللعبة ليس له علاقة بكل ذلك. لا من قريب ولا من بعيد!..
وهكذا تعاظمت الأمور وتفاقمت، وحامل السلاح أصبح صاحب الكلمة المسموعة. وسيطر المسلحون على الشارع... وانزوى العقلاء في البيوت!...
أما قائد السفينة، الرئيس الشهيد المغفور له رشيد كرامي، فقد وجد نفسه في واد عميق، ينصح ويصرخ، ولا من مجيب... يحذر ويصيح، ولا من يسمع... وقد تحمل ما لا تتحمله الجبال، وصبر حتى فاق صبر أيوب، بينما كان الجهل والغضب، سيدي الشارع، يسيران مختالين كالطاووس، والويل لمن يقف في طريقهما!...
* * *
حرب الأخوة في قلب طرابلس
الفصائل الفلسطينية تقاتل بعضها
ولم يكفِ طرابلس، ما عانته من العام 1975 حتى العام 1983، حتى برز الانقسام بين الفصائل الفلسطينية، بين أبناء القضية الواحدة، فكانت الحرب الضروس بين المنشقين عن ياسر عرفات وبين مؤيديه، وكانت طرابلس مسرحاً لهذا الانقسام، تعرضت خلاله إلى دمار كبير، وإلى خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، استمر أكثر من شهر ونصف الشهر، من 4 تشرين الثاني حتى 20 كانون الاول، وانتهى بخروج ياسر عرفات وخمسة آلاف من مقاتليه من المدينة، حيث نقلتهم خمس بواخر يونانية إلى تونس.
* * *
... وتجددت بين فصائل التوحيد والاحزاب
وما ان انزلت الستارة عن مسرحية القتال بين الأخوة، حتى ارتفعت لتقدم تمثيلية أخرى عام 1985، وقعت فيها طرابلس فريسة قتال من جديد، بين فصائل التوحيد التي كانت تسيطر على المدينة، وبين فصائل الأحزاب الأخرى التي تجمعت حول المدينة استعداداً لدخولها...
وكانت معركة، وكان دماء وخراب، وقتلى وجرحى، ولم توفر القذائف البيوت الآمنة والمستشفيات وخلت المدينة من السكان، أما الاضرار فكانت جسيمة. وقد عاد الأهلون، ليجدوا قوات الردع العربية السورية وقد سيطرت على الوضع في المدينة، وفرضت هيبة الأمن وزالت المخاوف والهواجس من النفوس، إلى غير رجعة!...
* * *
الرشيد الشهيد
إذا مات منا سيّد... قام سيد
وهنا أخذت الساعة تبكي وتقول: كل هذا يهون أمام فقدان القائد، ربان السفينة!..
ففي الأول من حزيران عام 1988، اغتالت يد الغدر والجبانة رئيس الوزراء المغفور له الشهيد رشيد كرامي، فقط لأنه كان رمز الاعتدال في هذه الحرب، وعدو التطرف والانسياق وراء العواطف والأهواء، ولأنه كان يرى في العيش المشترك القاعدة والأساس في بقاء لبنان... وهم لا يشاطرونه هذه المواقف، فاغتالوا هذا الصرح الوطني الكبير الذي كان يقف سداً منيعاً في وجه مخططاتهم!..
وقد شيعت طرابلس حبيبها وقائدها، وشاركها لبنان والعالم العربي، بكثير من الحزن والأسى، فقد كان أملها وأمل اللبنانيين في تحقيق السلام! ولكن أهل طرابلس هم بالتحديد من عناهم الشاعر: إذا مات منا سيد قام سيد... فكان عمر كرامي، الذي أكمل مسيرة شقيقه الشهيد، وتمت في عهده حلحلة الامور، ورسم صورة لبنان المستقبل، لبنان السلام والمحبة.
* * *
تاريخ الصحافة في طرابلس
وفيما كنا نصغي بشغف إلى ما ترويه لنا الساعة من أحداث، سمعنا أصوات باعة الصحف الذين يجوبون ساحة التل، فتنهدت وقلت:
لي مع الصحافة المحلية ذكريات حلوة وطريفة، فقد نشأت معها وترعرعت، وكأننا توأمان في عمر واحد!..
كانت جريدة "طرابلس" أول صحيفة تصدر في المدينة عام 1893 في عهد السلطان عبد الحميد، لصاحبها المرحوم محمد كامل البحيري، حيث كانت تصدر مرتين في الأسبوع ويرأس تحريرها المرحوم الشيخ حسين الجسر.
وقد كان إصدار هذه الجريدة، حدثاً وطنياً بحد ذاته، فالسياسة التركية العثمانية المتحجرة، لا يروق لها مثل هذه الامور، التي تعتبر عنصراً هاماً في توعية العامة، وهي الحريصة على أن تظل حبيسة غياهب أقبية الجهل!
غير أن الصدف قد لعبت دورها، فقد دعا السلطان عبد الحميد العلامة الشيخ حسين الجسر وهو أستاذ البحيري، لزيارته في اسطمبول، فاصطحب معه البحيري، علّه يستطيع اقناع السلطان السماح للبحيري بإصدار جريدة في مدينة طرابلس.
وأثناء المقابلة، صادف وجود العلامة الكبير الشيخ جمال الدين الافغاني، الذي ساعد الشيخ الجسر في مطالبة السلطان عبد الحميد، السماح للبحيري بإصدار جريدة "طرابلس".
وكان لا بد للسلطان عبد الحميد أمام إصرار ضيفيه العالمين الجليلين الجسر والأفغاني إلا أن يوافق على الترخيص للبحيري بإصدار جريدته.
ولم يرقَ إصدار هذه الجريدة لصاحب الجاه والنفوذ والكلمة المسموعة لدى السلطان، الشيخ ابو الهدى الصيادي، الذي تربطه علاقات ود وصداقة مع العديد من الشخصيات الطرابلسية، وهو الآمر الناهي في هذه المنطقة، وقد صدرت صحيفة من وراء ظهره وبدون إراداته، ثم ان ما تكتبه من آراء وأفكار، لا تتفق مع السياسة التركية في المنطقة، فكان يضايقها ويمنعها عن الصدور أحياناً، غير ان مواقف البحيري الوطنية الصلبة ومساعدة كبار المفكرين والأدباء وفي طليعتهم الشيخ حسين الجسر، في مسيرته، زادته عناداً واستمراراً في الصدور رغم كل العقبات والمضايقات حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، حيث تولى إصدارها سماحة مفتي طرابلس العلامة الشيخ نديم الجسر.
في هذا الوقت كانت الامبراطورية العثمانية تسير في طريق الانهيار، وأخذ الضعف والهوان يهددان سلطانها في البلاد العربية، مما شجع الكثيرين من رجالات الفكر والأدب، على الجهر بآرائهم وأفكارهم والدعوة إلى الانفصال عن الدولة العثمانية، ومن هنا بدأت تبرز صحافة محلية جديدة، فأصدر حكمت شريف يكن عام 1907 جريدة "الرغائب" ثم تبعه العلامة المؤرخ جرجي يني وشقيقه صموئيل، وأصدرا مجلة "المباحث" عام 1908.
وبعد عودة الشيخ عبد القادر المغربي من القاهرة حيث كان يعمل في الصحافة، أصدر جريدة "البرهان" لمناصرة حزب الاتحاد والترقي، كما كان من دعاة الإصلاح الديني والتجدد وإلغاء الحجاب.
وفي عام 1909 أصدر أحمد كمال حداد جريدة "جامعة الفنون".
وفي عام 1910 أصدر كل من محمد سامي صادق "الوجدان"، وعبد الرحمن عز الدين "شمس الاتحاد" وتوفيق اليازجي وناصيف طربيه "الاجيال".
وفي عام 1911 أصدر كل من: الشيخ جميل عدره "البيان"، أحمد سلطان "المحامي"، الشيخ منير الملك "المدلل"، محمد صلاح الدين مراد "السعدان"، عبد القادر المغربي "البرهان"، لطف الله خلاط "الحوادث"، والتي أزعجت بمقالاتها القائد جمال السفاح الذي عمد إلى نفي المرحوم لطف الله مع زوجته وأولاده إلى مدينة سيواس في تركيا عام 1914، حيث بقي في المنفى أكثر من ثلاث سنوات وأفرج عنه قبل إنتهاء الحرب الكونية الاولى بعشرين يوماً، وعاد إلى طرابلس ليتابع إصدار جريدته حتى العام 1956 حيث آلت ملكيتها بعد وفاته إلى سليم اللوزي، ثم إلى نقيب المحررين ملحم كرم.
في عام 1913 أصدر بطرس يمين جريدة "اهدن".
في عام 1914 أصدر ناصيف طربيه "الضمير".
ويمكن القول إن معظم هذه الصحف، قد توقفت عن الصدور، بزوال الحكم العثماني في أعقاب الحرب العالمية الأولى عام 1918، وجدير بالملاحظة، ان بعض هذه الصحف كالمدلل والسعدان، كانت تعالج المواضيع السياسية بأسلوب هزلي، فيه الكثير من السخرية والتهكم على الحكام وتصوير واقع الحال بشكل فكاهي طريف!..
بعد دخول الفرنسيين إلى لبنان، بدأت صحف محلية جديدة تبرز إلى الوجود، منها ما كان يؤيد الحركات الوطنية، ضد الانتداب، ومنها ما كان على نقيض ذلك.
فقد أصدر يوسف الفاخوري والياس طربيه "الرقيب" عام 1920، ثم تبعهما نوري الصوفي وأصدر "الثريا" في العام نفسه.
في العام 1921 أصدر نجيب عطيه "المهماز".
وفي العام 1922 أصدر الأمير أسعد الأيوبي "صدى الشعب".
وفي العام 1923 أصدر يوسف الفاخوري وناصيف طربيه "لبنان الشمالي".
وفي العام 1924 أصدر فريد أنطون "صدى الشمال".
وفي العام 1925 أصدر زخريا أسعد زخريا "الشفق".
وفي العام 1926 أصدر سليم غنطوس "الصباح".
وفي العام نفسه أصدر حنا الشماس "العصر الذهبي"، ثم تبعه زخريا أسعد زخريا وأصدر "أبجد هوّز"، بعد أن توقفت جريدته الأولى "الشفق".
في العام 1927 أصدر كل من: عبد الله الشامي وعبد الحليم مراد "التمدن الاسلامي". وجبر جوهر "العيون".
الامير أسعد الايوبي "الديك" بعد أن توقفت "صدى الشعب" التي ظل يصدرها خمس سنوات.
وأصدر توفيق المرعبي "النجوم" عام 1930 وسميح القصير "الشباب" عام 1935 وياسر الادهمي "الليل" عام 1935 وفريد بولس "الكفاح". رهيف الحاج "صوت الفيحاء" عام 1937.
جورج اسحق الخوري "الافكار" عام 1937. وقد آلت ملكيتها إلى وليد عوض حيث يصدرها في بيروت.
في العام 1938 أصدر جبر جوهر "الرائد" بعد أن توقفت "العيون".
وفي هذا العام أقدمت السيدة الفيرا لطوف وهي أول سيدة تقتحم ميدان الصحافة في طرابلس، وأصدرت "المستقبل".
كما أصدر علي عبد السلام الحلبي في العام نفسه جريدة "الاحلام" وسليم مجذوب "التمدن".
ولعل نشوب الحرب العالمية الثانية في هذه الفترة وامتدادها إلى ما بعد العام 1944، أخر صدور صحف جديدة.
ويمكن القول، أن معظم الصحف التي صدرت أبان الانتداب الفرنسي، لم يكتب لها الحياة طويلاً، فقد توارت الواحدة تلو الأخرى كالثريا، المهماز، لبنان الشمالي، الشفق، الصباح، والعصر الذهبي، أبجد هوز، التمدن الاسلامي، الديك، صدى الشعب، العيون، الشباب، الليل، والكفاح.
في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، كان لبنان قد نال استقلاله، وأخذت الصحافة المحلية تنشط من جديد، فأصدر حسن الحفار جريدة "الغربال" وما لبثت أن توقفت بسبب سفر صاحبها إلى المهجر.
كما أصدر الشيخ خالد العمادي عام 1946 مجلة "الرياض" ولم تعمر طويلاً.
محمود الادهمي "الانشاء" في العام 1947 وهي أول جريدة يومية تصدر في طرابلس.
وفي العام 1951 أصدر أنور عدره ورياض دبليز "الحضارة".
وفي العام نفسه أصدر بهاء مولوي "وكالة أنباء الشمال" لتزويد صحف العاصمة بأخبار طرابلس ومنطقة الشمال.
وفي العام 1953 أصدر محمد الخراط "الامان".
وفي العام 1954 أصدر أحمد ممتاز كباره "التحرير".
وفي العام 1962 أصدر بهاء المولوي "الانتقاد".
كما أصدر أحمد زكي أفيوني "الصرخة" ثم "صوت العروبة" ثم "نداء الشمال" والتي آلت ملكيتها إلى أحمد عكاري عام 1967.
وأصدر فواز فايز سنكري "صوت البلاد" عام 1971.
وفي العام 1972 أصدر سليم مجذوب "صوت طرابلس" بعد أن آلت ملكية جريدته "التمدن" إلى مؤسسة دار البلاد للطباعة والنشر بشخص الاستاذ فايز سنكري.
الفيرا لطوف عادت وأصدرت "اللطائف" عام 1972 بعد أن انتقلت ملكية جريدتها "المستقبل" إلى بيروت.
وأصدر جميل العلي "يقظة لبنان".
وابراهيم السعيد "المجد الرياضي" وهي أول جريدة رياضية تصدر في طرابلس.
"التحرير" آلت ملكيتها إلى فؤاد دعبول عام 1984.
وفي عام 1989 أصدرت جبهة الانقاذ الاسلامية، بشخص رئيسها الدكتور محمد علي ضناوي، مجلة "الضياء".
وفي العام 1989 آلت ملكية "صوت الفيحاء" إلى مؤسسة "نون" بشخص رئيس مجلس ادارتها حسين الجسر.
طارق دملج ويقظان قاوقجي أصدرا "الفيحاء الاقتصادي" عام 1990.
بهاء مولوي أصدر "الجماهير" عام 1991 بعد أن تخلى عن امتياز جريدته "الانتقاد".
في العام 1991 أصدر مظهر محمد الحموي مجلة "التقوى الاسلامية" ويغلب عليها طابع التوجيه الديني.
وللمرة الأولى في تاريخ الصحافة الطرابلسية اشترت شركة الهاني مجلة "الاديب" من بيروت وأصدرتها في طرابلس ابتداءً من أول العام 1992.
وأصدر كمال حيدر "الكمال" كما انتقلت ملكية امتياز "الرقيب" إلى شركة المنار للطباعة والصحافة والنشر.
والصحافة المحلية، إجمالا كانت متعبة ضعيفة، يكاد يكون صاحبها هو المحاسب وأمين الصندوق والجابي والمحرر وكل شيء فيها، فمدخول الجريدة المادي، يكاد لا يكفي صاحبها فكيف له أن يستعين بمحررين وموظفين آخرين؟
وقد بيعت معظم امتيازات الصحف الطرابلسية إلى العاصمة ولم يبق منها اليوم سوى أربعة صحف سياسية هي الانشاء، التمدن، صوت الفيحاء، والرقيب. وست صحف أدبية هي صوت طرابلس، الفيحاء الاقتصادي، يقظة لبنان، صوت البلاد، التحرير والجماهير، وصحيفة رياضية هي المجد الرياضي.
ويمكن القول ان جميع هذه الصحف باتت تصدر شهرياً او فصلياً!... لأن ما تتحمله من أعباء مالية ضخمة بسبب ارتفاع نفقات الطباعة وثمن الورق وأجور البريد، لا يتناسب اطلاقاً مع المداخيل الضعيفة...
وتابعت الساعة تقول: في ختام حديثي عن الصحافة المحلية، لا بد من تسجيل بعض الملاحظات حول أوضاع هذه الصحافة:
1- ظلت الصحافة المحلية، طوال تسعين سنة الماضية تقوم على المجهود الفردي، وان كل الأعباء من إدارة وتحرير ومحاسبة وتوزيع وتقصي أخبار، تقع على عاتق صاحب الجريدة وحده. فهو صاحبها والموظف الوحيد فيها، لذلك بقيت الصحافة المحلية، تراوح مكانها، ضعيفة هزيلة، لم تتمكن من إثبات وجودها الى جانب صحافة العاصمة.
2- الاعلان التجاري، الذي تتكل عليه صحف العاصمة في تغطية قسم كبير من نفقاتها، مفقود تماماً في طرابلس، ويقتصر دخل الجريدة المحلية على الاعلانات الرسمية التي لا تغطي عشرة بالمئة من نفقاتها، وعلى الاشتراكات الهزيلة من المؤسسات والشركات والأفراد.
3- المتمول الطرابلسي، كان يدفع للجريدة المحلية اشتراكه، من باب رفع العتب، وليس عن قناعة بضرورة تشجيعها ومساندتها، ويعتبرها مفروضة عليه فرضاً، وكانت يده مغلولة الى عنقه في تعامله مع الصحافة المحلية.
4- جرت أكثر من محاولة لدمج الصحف المحلية بجريدة واحدة، تستطيع مجاراة صحف العاصمة، غير ان إنتماءات أصحاب الصحف، وتأييد كل منهم لجهة سياسية معينة في المدينة، حال دون تحقيق هذه الأمنية.
5- في الأفق، اليوم، تلوح بارقة أمل تبشر بمستقبل لا بأس به للصحافة المحلية، تجلى مؤخراً في محاولات جريئة لعدد من الصحف السياسية، التي أضحت تصدر، ولأول مرة، عن مؤسسات او شركات، بشكل لا يقل عن مستوى صحف العاصمة، تحريراً واخراجاً وطباعة، نأمل ان تنجح وتستمر...
* * *
تطور الاوضاع الاقتصادية والمالية
تاريخ انشاء المصارف في طرابلس
يتبع...