مجتمع النهر في طرابلس
دراسة أعدّها الباحث والصحافي الراحل طلال منجد
في العام 1988. أعدّ الصحافي والباحث الراحل طلال منجد مذكرة بحث لنَيل شهادة الجدارة في العلوم الإجتماعية (انتربولوجيا)، في معهد العلوم الإجتماعية الفرع الثالث في الجامعة اللبنانية.
حملت الدراسة عنوان «مجتمع النهر في طرابلس». وفي مقدمة هذه الدراسة طرح منجد السؤال التالي: «لماذا مجتمع النهر؟».
ثم أجاب عن هذا السؤال فكتب: «يشكل مجتمع النهر في طرابلس النواة الأولى لمدينة طرابلس الداخلية وهو قد تعرض منذ مطلع ستينات القرن العشرين لتغيير شامل وعميق تناول معالمه وأسسه ووجوده الديموغرافي.
ولا يتعلق الأمر هنا بتناول النهر ككارت بوستال سياحي قديم أو البكاء على اطلاله وذكراه وانما يطمح البحث إلى محاولة تحديد نظام التفاعل الايكولوجي الإنساني المحلي وما قد يكشف عنه ضمن مدى زمني يتوقف عند مفصل حاسم هو قيام ما عرف «بمشروع النهر» في منتصف الستينات.
فمسألياً سيتناول هذا البحث كأهداف أساسية له محاولة كشف وتظهير وإعادة ترتيب «بعض» من معطيات قدمها هذا المجتمع المحلي والذي تغيرت معالمه الأساسية وتفرق ناسه وتبعثروا دون أن تتلاشى خزائنه الذهنية بالتأكيد».
في 30 أيّار الماضي رحل الصحافي والباحث الزميل في «التمدّن» طلال منجد، واحتراماً لذكراه، تنشر «التمدّن» على حلقات دراسته «مجتمع النهر في طرابلس»، وهي من أهمّ ما كتب عن نهر أبو علي والمجتمع الطرابلسي الذي كان يسكن ويعمل على ضفتيه.
الإطار التاريخي ــ الجغرافي
عام1289م قام السلطان المملوكي المنصور قلاوون بفتح مدينة طرابلس القديمة (الأسكلة أو الميناء اليوم) من أيدي الصليبيين آمراً بهدمها حيث أقترن إجلاء الصليبيين عن هذه المدينة بتدميرها كما حدث لمدينتي انطاكية وعكا.
وقد جدد السلطان قلاوون بناء المدينة ولكن هذه المرة على بعد ميلين من المدينة الأولى لجهة الداخل على الضفة اليسرى لنهر أبو علي وأول بناء شاده هو الجامع المنصوري الكبير. أما أول من نزل واستقر فيها فحوالي 600 فارس مملوكي برئاسة الأمير سيف الدين التقوى. وعندما أعيد بناء طرابلس أصبحت عاصمة لنيابة السلطنة المملوكية في القاهرة وسميت في المصادر العربية بإسم المملكة الطرابلسية الشريفة.
وينبغي التمييز بين نواتين لمدينة طرابلس: النواة الأولى وتمثل مدينة الميناء (الأسكلة اليوم) والنواة الثانية تمثل المدينة العتيقة (La vielle ville) حيث توجد أحياء السويقة والجسرين والقبة التي يفصلها نهر أبو علي عن حي باب الحديد وهضبة أبي سمراء في الشرق.
فنواة طرابلس الداخل نشأت إذن حول نهر أبو علي الذي يشكل معطى طبيعياً متداخلاً في أسس نمو وبناء المدينة وحياة السكان ومعيشتهم.
إن نظرة متفحصة لخريطة طرابلس القديمة بمبانيها ودورها وأسواقها وجوامعها وخاناتها وحاراتها ومحلاتها وبواباتها ترينا بوضوح أن القسم الأعظم من هذه المباني قد أنشىء على ضفاف النهر ذاته.
ويمكن أن نحدد البوابات القائمة على ضفاف النهر أو المتصلة به مباشرة خلال القرن السابع عشر كما يلي:
- بوابة الحديد عليها محلتا باب الحديد والرمانة.
- بوابة عقبة الحمراوي عليها محلتا بين الجسرين وقبة النصر.
- بوابة الدباغة عليها محلتا اليهود والتربيعة.
- بوابة القلعة على النهر عليها محلتا القواسير والمزابل.
- بوابة الطواحين عليها اليعقوبية والناعورا.
- بوابة التبانة عليها محلة التبانة ومحلة ساحة عميرة.
وتشكل هذه البوابات الست والمحلات الاثنتا عشرة من أصل 11 بوابة و24 محلة ما يمكن تسميته «بمجتمع النهر في طرابلس» ويبدأ عملياً من المولوية شرقاً إلى الزاهرية جنوباً حيث يمتد العمران على ضفتي النهر بشكل غير متوازن:
فإلى اليسار من النهر تمتد المدينة حتى باب بيروت في حين انها تصطدم في الضفة اليمنى بطلعة القبة التي لم تعرف في القرن السابع عشر إلاّ ثلاث محلات مما أثر تاريخياً كما يلاحظ الدكتور فاعور على مورفولوجية المدينة التي بدأت تميل إلى الإستطالة عندما تجاوز العمران حدود نواته القديمة (طرابلس القديمة) كسلسلة من الحلقات المتقطعة وغير المنتظمة بحيث أثرت الخصائص الطبيعية لموضع طرابلس على بنية المدينة وشكلها العام وذلك ان نموها واتساعها لم يكن في جميع الاتجاهات.
التسمية والنهر
يثير نهر أبو علي إشكالية أنتربولوجية حول تسميته فهو يعرف عند منبعه بنهر قاديشا (أي المقدس) وعند مدينة طرابلس بإسم نهر أبو علي.
والتسمية الأولى (قاديشا) قديمة ولها إشارة في العهد القديم. أما التسمية الثانية فلا يعرف مصدرها ولا تحديد دقيق أو نسبي لإطلاقها عليه مع تعدد التحليلات في سبب إطلاق هذا الاسم عليه. ويقول مارتن اليسوعي: «ان هذا الاسم لعله تغير بأمر أحد أمراء العرب. فيما يعتقد الدكتور سالم في كتابه طرابلس الشام أنه نسبة إلى فخر الملك أبي علي عمار بن عمار صاحب طرابلس قبل الصليبيين».
وجاء في مقالة للمؤرخ عيسى أسكندر المعلوف: «أنه كان يسمى أولاً «نهر الغضبان» للكناية من فيضانه الجارف، وان بعض المعمرين يزعمون ان بيمارستاناً كان عند جسر السويقة في سفح القبة (؟؟) وكان فيه خادم قاس شرس الأخلاق شديد الحول والقوة أسمه «أبو علي» وكانت تعتريه نوبات من الجنون شديدة تشبه حملات النهر الغضبان فائضاً فأكتسب هذا النهر اسم «أبو علي» لمراعاة النظير بين المشبه والمشبه به.. ».
رواية المؤرخ المعلوف لا يبدو أنها تستند إلى سند تاريخي ولا إلى بناء منطقي، من ناحية ثانية فإنه تعوزها دراسات وأبحاث تاريخية قاطعة حول البدء بإطلاق تسمية «أبو علي» على النهر، مع أرجحية بأن ذلك يعود إلى حقبة متأخرة من العصر العثماني. وقد نشرت مجلة «أوراق لبنانية» عام 1956 نصاً باللغة العامية لشاهد عيان يروي فيه طوفاناً للنهر عام 1842 ويدعوه بنهر «أبو علي». وكان النهر يرد في المصادر التاريخية «بنهر طرابلس» أو «النهر» مجرداً لدى الحديث عنه ضمن حيز المدينة.
ان تعبير (قاديشا) أو المقدس غني بالإيحاءات الأسطورية ولا شك فأول ما يتبادر إلى الذهن مغارة قاديشا التي ينبع منها هذا النهر تحت غابة الأرز الشهيرة على ارتفاع حوالي 3088 م من سطح البحر (أعلى قمم لبنان الجبلية) ثم جريان هذا النهر في واد عميق يعتبر من أشد أودية لبنان عمقاً ووعورة ولكنه في نفس الوقت الوادي الغامض المسكون بالنساك والمثير للدهشة والحس الجمالي وهو وادي قنوبين.
ولكن الملفت للنظر إن هذا النهر بعد أن يسير مسافة 40 كلم على شكل قوس وعندما يصل إلى طرابلس يتكنى باسم إنساني خالص «أبو علي» يجمع إلى جوار بعض الملامح الغضبية التي وصفها المؤرخ المعلوف ملامح الشخصية الطرابلسية العامة أو شخصية القبضاي عموماً.
النهر والتفاعل الأيكولوجي
يرسم النهر مجراه الطبيعي ضمن حيز مدينة طرابلس ابتداءً من المولوية شرقاً ويجري بشكل شبه مستقيم لمسافة 820 م ومتوسط عرض 17,5م حتى جسر اللحامين حيث يتغير مجراه في حركة مفصلية تداخلت بها يد الإنسان إلى حد كبير.
من المولوية إلى جسر اللحامين، تجري الاستفادة من مياه النهر في إدارة ستة طواحين وتنتشر على جانبيه أهم أحياء النواة المدينية الطرابلسية: السويقة والجسرين من الجهة اليمنى وباب الحديد من الجهة اليسرى، وتتصل الضفتان اليسرى واليمنى بواسطة جسر البرطاسية أو جسر السويقة.
على الجانبين، بنيت المساكن والدور السكنية في حدود مجرى النهر. والطابق الأرضي منها، وهو على شكل قناطر غالباً، إما ان يكون بناء سكنياً أو مخزناً ومستودعاً. وكان ينزل إلى مجرى النهر بواسطة سلالم من عدة درجات تكون عادة موزعة بين البيوت والمباني أو عن طريق منحدرات ترابية.
ومن أهم معالم محلتي السويقة، باب الحديد، عدا البيوت: البيمارستان، حمام سندمر المعروف بحمام الحاجب، خان المنزل، البطريركية، قيسارية الافرنج، مسجد البرطاسي وست مدارس دينية.
أما الأسواق المجاورة فأهمها سوق سندمر في السويقة بجوار حمام الحاجب وأشتهر مملوكياً وعثمانياً بأنه سوق السلاح. وعلى الضفة اليسرى، سوق البازركان وسوق النحاسين وسوق حراج وهو من الأبنية الصليبية القديمة وعرف في عصر المماليك بالقيسارية وهو على نظام الخانات مؤلف من طابقين:
الأسفل لعرض البضائع والأعلى لحجرات النوم وهو في نهاية طريق السوسية.
عند جسر اللحامين، ينقسم النهر بفعل حاجز باطوني إلى نهرين: أعلى وأسفل، ويساعد على هذا الانقسام كون جسر اللحامين بني على قنطرتين تسببان انقسام المياه ويتكرس ذلك بالحاجز/ السد الباطوني المشيد وسط مجرى النهر بشكل منحنٍ طولاني لمسافة 80 متراً وبارتفاع حوالي المترين. وعندما تملأ المياه عمق النهر الأعلى تعود فتنحدر عن الحائط على شكل شلالات مائية نحو النهر الأسفل. وأقيم قبل نهاية السد سكر واسع للمياه يسمح عبر التحكم به بزيادة كمية المياه في النهر الأعلى أو الأسفل.
ويشكل النهران معاً حوضاً مائياً واسعاً يبلغ عرضه حوالي 39 متراً والنهر الأسفل يلف هنا بشكل نصف دائري وبعرض 18 متراً عند جامع التوبة في محلة الدباغة ويتابع مسيره نحو الزاهرية فالتبانة. ويبلغ قطر الالتفاف 500م وتتفرع عنه ساقية بعرض مترين تعرف بساقية الدباغين وتعود لتلتقي بالمجرى الرئيسي.
أما النهر الأعلى فيتفرع إلى ثلاثة جداول: الأول بعرض أربعة أمتار وهو يدير طاحونة المسلخ ثم يتجه نحو البداوي ليروى بساتينها.
والجدول الثاني بنفس العرض وعليه أقيمت ساحة المسلخ البلدي حيث يعود هذا الجدول ليلتقي بالنهر الأسفل في التبانة، وتعرف نقطة التقائهما بملتقى النهرين حيث تتوحد المياه من جديد لتسير نحو مصبها المعروف ببرج رأس النهر عند شاطىء البحر غربي طرابلس.
أما الجدول الثالث فيتفرع أصلاً من جدول المسلخ ويخترق حيز الالتفاف الدائري ليصب في النهر الأسفل بعد أن يروي مساحة واسعة من البساتين. إن هذه الشبكة من تقسيم المياه (قناطر جسر اللحامين والحاجز/السد الباطوني) ومن التفريع (الجداول والسواقي) هي من صنع الإنسان ولوظائف واستخدامات مختلفة منها إدارة الطواحين وري البساتين وفصل جدول خاص بالمسلخ وساقية خاصة بالدباغة وجدول ثالث لري بساتين الزاهرية وذلك عبر التحكم بتقسيم وتوزيع المياه وفق أعراف وتقاليد معينة مما يشكل هندسة مائية منتظمة ومبتكرة.
ان مظاهر التفاعل الايكولوجي سنراها لاحقاً بشكل أكثر دقة وتفصيلاً وعلى أصعدة مختلفة من استخدام مياه الشفة وإدارة الطواحين والدباغة والقصابة وأمكنة السكن واللهو والعمل والتداخل مع عادات وتقاليد ومعتقدات مجتمع النهر في طرابلس.
طواحين مجتمع النهر
ترجع أهمية الطواحين في مجتمع ما إلى أن هذا الابتكار لم يكن ليتم إلاّ حيث تشح الأيدي العاملة أو يندر نظام السخرة. ولقد تطورت الطواحين المائية مع الزمن، لكن أهم أنواعها المعروفة هي الطاحون الأغريقي وهو لا يعتبر طرازاً جيداً من الطواحين ولكنه يؤدي مهمة طحن الغلال في نهاية المطاف. وطاحون «فتروفيوس» المهندس الروماني الذي أبتكر الطاحون المعروف باسمه والمتفوق من الناحية الهندسية تفوقاً عظيماً. ثم طاحون العجلة المائية الرأسية الذي نظر إليه على أنه أكثر تقدماً من سلفيه. وبالنسبة لطرابلس فقد عرف بمجتمع النهر نظام الطواحين المائية، واستخدمه بامتياز وتوسع. ففي القرن السابع عشر، كان يوجد خمس مطاحن وهي: سندمر والسلطان والمنصورية والجديد والدرويشية. ولقد تضاعفت مع الأيام حتى بلغت الثماني مطاحن في الخمسينات وهي:
1- الطاحونة الجديدة إلى أقصى الجهة اليمنى الشرقية من النهر.
2- المنصورية وهي الجهة اليسرى مقابل مبنى المولوية.
3- الجغل الصغير وتدعى أيضاً طاحونة حرب إلى الجهة اليمنى الشرقية من النهر في محلة البحصة حيث جرى تفريع لجدول من المياه يدير أيضاً.
4- طاحونة الدرويشية في هذه المنطقة.
5- الجغل الكبير وهي تقع في مجرى النهر الرئيسي وتتصل بالضفة اليمنى.
6- سلطان إلى الضفة اليسرى قرب جامع البرطاسي.
7- المسلخ في الجهة اليمنى بعد جسر اللحامين وفي المحلة المعروفة بهذا الاسم.
8- سنبل وتقع بعد ملتقى النهرين في محلة التبانة.
وبنيت مطاحن طرابلس وفقاً لطريقة «فيتروفيوس» وطريقة العجلة المائية الرأسية ولكل مطحنة جدولها الخاص أو سدها الخاص المبني عادة من التراب أو الأحجار أو جذوع الأشجار أو منها جميعاً وتكدس عبر قاع الجدول حتى تبدأ المياه في التجمع حيث يجري التحكم في قوة ومسار اندفاعها لإدارة عجلة الطاحونة عبر بوابة أو سكر خاص.. «ان عصر السدود الصغيرة أيام الطواحين كان عصراً هاماً في تاريخ الإنسان في مجال العلوم الهندسية. فهو بمثابة نقطة التحول الحيوي في مصدر الطاقة من عضلات الإنسان إلى قوة الآلة. كان الإنسان يتعلم قرناً بعد قرن كيف يجعل الطبيعة تعمل من أجله».
تنطوي مطاحن طرابلس عدا عن قدرة تسخير المياه على توسع في المهمة الرئيسية التقليدية للمطاحن في تأمين طحين الخبز للأفران والبيوت، فلقد قدمت مطاحن مجتمع النهر أنواعاً خاصة من طحين الحلويات فكل نوع من الحلويات له طحينه الخاص وكل نوع من الطحين له حجره الخاص بالإضافة إلى طحن بعض أنواع الحبوب ومنها الفلفل والبهارات والكمون والمحلب والصعتر والسمسم حيث كانت هذه المشتقات تستخدم بكثافة في السوق المحلية وتصدر إلى الأسواق المجاورة (الريف والمدن اللبنانية والسورية).
وفي نفس الوقت، فإن المطاحن كانت تقوم بوظيفة موازية هي عصر الزيتون - أثناء مواسمه - وبالإيجار المؤقت لبعض العائلات التي تخصصت بهذه المهنة تجارياً: عدرة، وعويضة.
وعرفت طرابلس في القرن 17 معصرة خاصة بعصر السيرج في محلة الجسرين أي زيت السمسم وهو أستعمل للإضاءة ودهن الأجسام لبعض الأمراض وللطحينة وحلاوة الطحينة.. أي المزيد من التوسع في الحلويات والتركيز في الطعام المطبوخ.
لكن آخر الخمسينات، تأسست على التوالي ثلاث مطاحن تعمل بالطاقة الكهربائية هي مطحنة عز الدين في الميناء ومطحنة النهرين في التبانة ومطحنة شاهين في البحصاص، مما أثر كثيراً على عمل المطاحن المائية بحيث أنحصر عند قيام مشروع النهر بطحن الذرة فقط. وفيما بعد توقف عمل المطاحن الكهربائية في طرابلس لدى إنشاء المطاحن الكبرى في بيروت.
كانت طواحين طرابلس تعمل على مدار السنة - ما عدا أواخر الصيف - بسبب شح المياه وبعد ايام الشتاء الغزير. والعمل كان يجري ليلاً ونهاراً وحتى اثناء الأعياد لتلبية الطلب المتزايد على الطحين. ومن حين لآخر كان يتم تغيير حجر الرحى عندما يبرى «لتسنينه» بالنقر عليه وخاصة في الليل مما كان يصدر «أصواتاً ناعمة خفيفة موسيقية يغفو على وقعها الأطفال في البيوت المجاورة للمطاحن».
النهر ومياه الشفة
يتبع في المرة القادمة