أقيم في قاعة جمعية مكارم الاخلاق الاسلامية في طرابلس ندوة حول كتاب طرابلس وتحديات العيش الواحد من خلال السير والوثائق والتواريخ بدعوة من المركز الثقافي للحوار والدراسات وجمعية العزم والسعادة الاجتماعية وذلك نهار الخميس الواقع في 11/11/2010، وقد حضر الندوة الرئيس نجيب ميقاتي وجمع من الفعاليات الثقافية والاجتماعية في المدينة .
استهل الحفل بالنشيد الوطني اللبناني ثم كلمة ترحيبية لمدير "منتديات العزم" مقبل ملك بعدها كلمة رئيس "المركز الثقافي للحوار والدراسات" الدكتور عبد الغني عماد.
أقيم في قاعة جمعية مكارم الاخلاق الاسلامية في طرابلس ندوة حول كتاب طرابلس وتحديات العيش الواحد من خلال السير والوثائق والتواريخ بدعوة من المركز الثقافي للحوار والدراسات وجمعية العزم والسعادة الاجتماعية وذلك نهار الخميس الواقع في 11/11/2010، وقد حضر الندوة الرئيس نجيب ميقاتي وجمع من الفعاليات الثقافية والاجتماعية في المدينة .
استهل الحفل بالنشيد الوطني اللبناني ثم كلمة ترحيبية لمدير "منتديات العزم" مقبل ملك بعدها كلمة رئيس "المركز الثقافي للحوار والدراسات" الدكتور عبد الغني عماد.
كلمة الدكتور عبد الغني عماد
أود بدايةً أن أشكر هؤلاء الباحثين الذين قدموا بالفعل مادة بحثية علمية راقية، تشكل رداً منهجياً عقلانياً على كل محاولات تشويه صورة المدينة، والتي ينخرط فيها البعض عن قصد أو عن غير قصد. فطرابلس كما أثبت الباحثون في أبحاثهم، وكما نطقت وثائقها قدمت مشهداً متميزاً عبر تاريخها بين مدن الساحل في بلاد الشام، تضمن فيما تضمن نماذج وصور من العيش الواحد، ثبت أنه ليس ثقافة عابرة من تاريخ هذه المدينة، وليس حالة مصطنعة فرضها حاكم أو استوردتها سلطة، بل كانت نسيجاً حراً صنعه الأجداد في علاقات يومية تراكمت واغتنت فأصبحت نمط حياة وعيشاً واحداً مشتركاً في السراء والضراء. والعيش الواحد كما نقصده ونفهمه لم يصنع من فوق على مستوى السلطات الحاكمة بل كان من صنع الناس أولاً في الأحياء والحارات والأزقة، في الأسواق والحرف، في التجارة والأعمال، في العادات والتقاليد والأنشطة المختلفة التي مارسها الناس في حياتهم اليومية، تلك هي الأطر التي صنعت عيشنا الواحد في مدينتنا طرابلس، وحضنته وحمته على مدى الأيام من فلتان متطرف أو جنوح حاقد ينحو على ضفاف المصالح السياسية هنا أو هناك. فشكراً لكل باحث خط بقلمه كلمة في كتاب طرابلس وتحديات العيش الواحد.
يبقى كلمة شكر بإسمي وبإسم الباحثين نقدمها بمحبة لراعي مشروع احياء التراث الوثائقي والثقافي دولة الرئيس نجيب ميقاتي ولشقيقه الحاج طه وللأخوة في جمعية العزم والسعادة الاجتماعية ممثلةً بالصديق الدكتور عبد الإله ميقاتي، الذين احتضنوا منذ اللحظة الأولى هذا المشروع.
ولا أخفيكم أيها الأصدقاء إنني أشعر بالتشجيع والحماس كلما تحدثت مع دولته بما تم إنجازه من خطوات تتعلق بما يقوم به فريق العمل الذي أنجز بعون الله أرشفة وتحقيق حوالي خمسين سجلاً تتضمن حوالي إثنا عشر ألف وخمسمائة صفحة من الوثائق الهامة والمخطوطات المبعثرة، وهو بدأ بإدخالها في نظام معلوماتي حديث ومتطور يتيح للباحثين استرجاع أي معلومة مهما كانت تفصيلية أو فرعية وفور الإنتهاء من العمل سوف يوضع نتاج ذلك الجهد الضخم بتصرف الجميع من أبناء المدينة ومن الراغبين من طلاب العلم.
ولكن هذا الأمر لا يكتمل ولا يكون لائقاً إلا بإنشاء مكتبة عامة متخصصة ومتحف للمخطوطات والوثائق تتضمن كل ما كتب عن طرابلس وما يكتب عنها، بحيث تصبح هذه المكتبة مقصداً لكل الباحثين الذين يريدون الإطلاع على تراث المدينة وإنتاج أبنائها ومخطوطاتهم.
إننا نتطلع يا دولة الرئيس إلى أن يتحقق هذا الهدف برعايتكم، ونحن كخطوة على هذا الطريق بادرنا إلى إطلاق موقع ذاكرة طرابلس وتراثها، هذا الموقع الإلكتروني الجديد الذي بدأ، وفور إطلاقه، يستقطب الكثير من القراء، يتطلع إلى أن يكون إضافة نوعية لتشكيل معطيات بحثية تكون صالحة كنواة لتأسيس أكبر مكتبة رقمية الكترونية تحتوي مواد ذات قيمة ثقافية وتاريخية عن طرابلس وتاريخها المعاصر، وقد تم رقمنة العديد من المواد وتنظيمها بالتعاون مع كبار الباحثين، وبين أيديكم مادة تعريفية عن الموقع الذي يتضمن في انطلاقته الأولى أكثر من 1900 دراسة
وبحث ومقال تتوزع على أكثر من 38 ألف صفحة.
أيها السادة الحضور
إن هذا التعاون المشترك بيننا في المركز الثقافي للحوار والدراسات وجمعية العزم والسعادة الاجتماعية أثمر بعون الله انطلاق مشروع نتطلع إليه لكي يساهم بحفظ ذاكرة المدينة بجدارة، عسى أن نوفق وإياكم.
كلمة الرئيس ميقاتي
والقى الرئيس ميقاتي كلمة قال فيها: أشعر اليومَ بكثيرِ من الفخر والارتياح وأنا أشارككم في هذه الندوة حول الكتاب الذي ضم أعمال المؤتمر الذي عقد في السنة الماضية بعنوان "طرابلس عيش واحد"، ذلك أن هذه المدينة على الرغم مما تعرضت له من إهمال وما تتعرض له من تشويه بقيت دائماً ، كما أثبتم ، حصناً للعيش الوطني الواحد بين أبنائها وملاذاً آمناً لم تعكره سوى مراحل عابرة في تاريخها. نحمد الله أيها الأخوة إننا ننتمي إلى مدينة تحمل ثقافة الاعتدال والوسطية في عقلها وقلبها وروحها وعيشها وممارستها على رغم كل ما قيل ويقال في بعض وسائل الإعلام التي تظلم طرابلس في الآونة الأخيرة فتشبهها، عن قلة دراية، تارةً بعاصمة الإرهاب والتطرف، وتارةً أخرى بمدينة اللون الواحد الرافضة للطوائف الأخرى.
أضاف: نقول للجميع بثقة وباعتزاز إن طرابلس شكلت على الدوام مثالاً في الانفتاح والاعتدال والوسطية والعلاقات المترابطة بين أبناء الوطن الواحد ، مسلمين ومسيحيين ، كما أظهرتم وبرهنتم في أعمال مؤتمركم وأبحاثكم العلمية والمدعمّة بالوثائق والشهادات الحيّة. طرابلس هذه كانت دائماً، على صورة أهلها وعائلاتها وتاريخها، نموذجاً متقدماً في العيش الواحد، وهذا النموذج يتعرض اليوم للتشويه والتخريب المقصود، كما كل شيء له علاقة بوحدتنا الوطنية في لبنان. لذلك علينا أن نولي المزيد من الاهتمام للعيش الواحد في طرابلس وأن نحميه ونصونه، ففي ذلك الخيار حماية لهوية طرابلس وقيمها ورسالتها التاريخية العريقة وحماية للعيش الواحد في لبنان.
وقال : إن الاهتمام بالتراث الثقافي والعمل على إحيائه يشكل اليوم أحد أولويات المدن العريقة في العالم. وطرابلس تمتلك عن حق مخزوناً تاريخياً وعمرانياً يشكل كنزاً مهماً بالنسبة لأبنائها، لكنه في الحقيقة والواقع لا يزال بعيداً عن الاهتمام الجدي، لذلك يأتي اهتمام الأخوة في "المركز الثقافي للحوار والدراسات" ومبادرتهم إلى إحياء التراث الوثائقي والثقافي ليشكل ضرورة حضارية وخطوة مهمة في هذا الطريق، الذي سوف ندعمه إن شاء الله من خلال تحقيق وإنجاز "المتحف الدائم للتراث الثقافي والوثائقي" في طرابلس كما وعدتكم في المؤتمر العام الفائت.
وعن الوضع السياسي قال : يمر لبنان حالياً بمرحلة صعبة جداً حافلة بالتشنج السياسي والانقسام الحاد الذي يهدد نسيجنا الوطني وعيشنا الواحد، وتزدهر في هكذا أجواء ضاغطة ، طروحات لا تأتلف مع الواقع ، ولا تجيب عن تطلعات اللبنانيين التواقين الى التوافق والمصالحة والشراكة الوطنية الحقيقية التي أرساها إتفاق الطائف الذي لم تسمح الظروف السياسية التي مر بها لبنان في الأعوام الاخيرة بتطبيقه كاملا ، نصاً وروحاً، مما أحدث خللاً في مسيرة السلم الأهلي التي كانت ثمرة طيبة من ثمار هذا الاتفاق . ولعل من غير المنطقي أن يلجأ البعض ، في هذا الجو المشحون، الى الحديث عن تعديلات أو إصلاحات ندخلها على إتفاق الطائف، لأن أي بحث في هذا السياق لن يكون موضوعياً ولا متوازناً، فضلاً عما يمكن أن يسببه من خلافات تضاف الى النزاعات الراهنة التي لم ننجح في وضع حد مستديم لها .
وقال : من المستغرب أيضاً إصرار البعض على سياسة العناد والمكابرة وتمسك البعض الآخر بطروحاته وباتهامات التخوين التي لا طائل منها ، من دون الأخذ في الاعتبار أنه لا يمكن لأحد أن يختزل كل الآراء أو أن يفرض رأيه على مجمل الشعب اللبناني. ومع ذلك فإنني على ثقة بأن الغلبة ستكون للاستقرار والتفهم والتعقل، لأن هذا هو الأمر الصحيح والسليم، ولأن هذا ما خبرناه في تاريخنا الحافل بالمحن، فلم العودة إذن إلى التجارب الخاطئة ونحن نعرف طريق الصواب بعقولنا وقلوبنا على حد سواء؟
من جهته أكد الدكتور جان جبور "أن تاريخ طرابلس القديم والحديث تميز دائماً بلوحات راقية تعكس العيش المشترك بين كافة الطوائف في المدينة ، وأن المادة التي جمعها الباحثون في الكتاب تشكل وثيقة مهمة جدا".
اما عميد معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية الدكتور هاشم الايوبي فاعتبر "أن القيم المشتركة عند المسلمين والمسيحيين العرب هي التي ساعدت على حماية العيش المشترك طيلة قرون وانه بزوال هذه القيم يحدث ظلم كبير". واشاد بأبحاث المشاركين في مؤتمر "طرابلس عيش واحد" التي أثبتت أن القيم الاخلاقية والدينية والانسانية هي التي تحكم تصرفات أهل طرابلس وتحدد سلوكياتهم فيما بينهم".
وقد تم بعد الندوة إطلاق الموقع الخاص على الانترنت لمشروع إحياء التراث الوثائقي والثقافي في طرابلس وتوزيع الكتاب على الحضور.
يذكر أن كتاب "طرابلس وتحديات العيش الواحد من خلال والوثائق والسير والتواريخ " يتضمن أبحاث المؤتمر الذي عقد في فندق كواليتي ان في طرابلس في شهر آذار من العام 2009 بدعوة من "جمعية العزم والسعادة الاجتماعية " و"المركز الثقافي للحوار والدراسات".