جامع طينال[1]
يقع في مدخل طرابلس الجنوبي، باب الرمل. يسمّيه العامة طيلان، ويشاركهم في ذلك ابن بطوطة[2] والرحالة الشيخ عبد الغني النابلسي بقوله "...الثاني جامع طيلان، وهو جامع لطيف نيّر واقع خارج البلدة، قريب من الجبانّة، وأسلوبه عجيب، وتكوينه غريب"[3]، وعدّه الأمير محمد علي باشا، أكبر مساجد طرابلس، فقال عنه: "وذهبنا مع سعادة المتصرّف وبقية أصحابنا إلى الجامع الأكبر المسمى بجامع طيلان"[4]. كما ذكره العطيفي بقوله: "وبها جامع يقال له طيلون في الطرف الغربي من جهة البحر وهو جامع كبير ومعهد خطير، معدّ لمصلّى العيدين وللاجتماع في الامور العظائم وغير ذلك..."[5]. وذكره التميمي باسم طايلان[6]. أما الرحالة ابن محاسن، فقد ذكره باسم طينال، وقال عنه "... والثاني جامع طينال خارج المدينة من جهة باب أق طرق[7] المشهور بين الناس بباب إخترق، وهو جامع عظيم غالبه بالرخام الجسيم ولا سيما أرضه فإنّها كلّها بالرخام والباني مدفون به..."[8]. وكذلك ذكره محمد أمين صوفي السكري وحكمت شريف باسم طينال[9]. ويبدو أنّ تسمية طينال هي الأصح، لأنّ بانيه هو الأمير سيف الدين طينال الحاجب الأشرفي، نائب السلطنة في طرابلس سنة 736 هـ/1336 م كما يتّضح من النقش الكتابي الذي يعلو الباب الداخلي للمسجد، وهذا نصه: "بسم الله الرحمن الرحيم، أمر بإنشاء هذا الجامع المبارك المقر الأشرفي العالي المولوي الأميري الناصري نائب السلطنة الشريفة بطرابلس المحروسة، إتماماً في أيام الملك الناصر في شهر رجب سنة ست وثلاثين وسبعماية".. وفي نص الوقفية المنقوشة إلى جانب هذه الكتابة نجد إسم نائب السلطنة كما يلي: "بسم الله الرحمن الرحيم، أمر بإنشاء هذا الجامع المعمور بذكر الله تعالى مولانا المقر الأشرفي العالي المولوي الكافلي السيدي المالكي المخدومي السيفي طينال المالكي الناصري كافل الممالك الشريفة الطرابلسية...".
يعدّ هذا الجامع من أجمل جوامع طرابلس على الإطلاق، وهندسته لا تتبع النظام القديم للمساجد الإسلامية. وهو يختلف عن سائر مساجد المدينة بأنّ جدرانه الداخلية ليست مطلية بالملاط الأبيض؛ وبيت الصلاة فيه مقسّم إلى حجرتين كبيرتين يفصل بينهما باب داخلي كبير نقش بأعلاه اسم مؤسس الجامع ووقفيته. وهذا الباب هو أجمل ما في المسجد، وكذلك القباب الثلاث الواسعة التي تعلو سقف بيت الصلاة. وله منبر مزخرف تعلوه لوحة نقش عليها تاريخ إنجازه: "بسم الله الرحمن الرحيم، إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلاّ الله، فعسى أولائك أن يكونوا من المهتدين، تكمل هذه منبر في شهر ذي القعدة سنة ست وثلاثين وسبعمائة".
كما حفر بأعلى باب المنبر اسم بانيه: "عمل المعلم محمد الصفدي رحم الله من ترحّم عليه". وبجوار الجامع 4 حجرات لقضاة المدينة على المذاهب الأربعة.
[1] - وردت هكذا في سجلات المحكمة الشرعية في طرابلس: سجل 1، تاريخ 1077- 1078 هـ/1666- 1667 م، ص 139.
[2] - إبن بطوطة: الرحلة، دار صاد، بيروت، 1964 م، ص 64.
[3] - عبد الغني نابلسي: التحفة النابلسية في الرحلة الطرابلسية، مخطوط، ص 75.
[4] - محمد علي باشا: الرحلة الشامية، دار الرائد العربي، بيروت، 1981، ص 196.
[5] - رمضان بن موسى العطيفي: رحلة من دمشق الشام إلى طرابلس الشام، تحقيق إسطفان فيلد، نشر بإسم رحلتان إلى لبنان بيروت 1979، ج2، ص 20.
[6] - التميمي وبهجت: ولاية بيروت، دار لحد خاطر، بيروت، 1979، ج2، ص 121.
[7] - ويعرف أيضاً "باب الغنشاه، ينظر سجلات المحكمة الشرعية في طرابلس: سجل 8، ص 176.
[8] - إبن محاسن: المنازل المحاسنية في الرحلة الطرابلسية، تحقيق عدنان البخيت، دار الآفاق الجديدة، بيروت، 1981، ص 82.
[9] - محمد أمين صوفي السكري: سمير الليالي، مطبعة الحضارة، طرابلس، 1327هـ، ج1، ص 103. وحكمت شريف: مخطوط تاريخ طرابلس الشام، 1332هـ، ص 150. أنظر أيضاً: الأوقاف في بلاد الشام منذ الفتح العربي الإسلامي إلى نهاية القرن العشرين، من المؤتمر الدولي السابع لتاريخ بلاد الشام (17-21شعبان 1427هـ/10-14 أيلول 2006م، المجلد 4، عمر عبد السلام تدمري، تحرير محمد عدنان البخيت، منشورات لجنة تاريخ بلاد الشام – الجامعة الأردنية، عمان، 1431هـ/2010م، ص30.