الشيخ عبد اللطيف عبد السلام زيادة
(1924-2001)
قاضي الشرع الحنيف بطرابلس وعضو المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى.
ولد في طرابلس، ودرس في القسم الشرعي في كلية التربية والتعليم الإسلامية. وكان من أساتذته الشيخ كامل الميقاتي والشيخ عبد الحميد الحامدي والشيخ جميل عدرة، والشيخ صلاح الدين أبو علي مبعوث الأزهر الشريف والشيخ فؤاد اشراقية.
بعد تخرجه من القسم الشرعي سافر إلى مصر 1945 والتحق بكلية الشريعة في الأزهر حيث نال الإجازة العالية. وكان أثناء دراسته يميل إلى القضاء الشرعي فتخصص فيه ونال فيه إجازة عالية.
وعندما رجع إلى طرابلس، مارس المحاماة الشرعية، كما ساهم في القضايا الوطنية والمطلبية فخطب في الجماهير وقاد المظاهرات، وتعرض لمحاولة اغتيال (17 تموز 1915).
وفي العام 1953 تولى تدريس الإفتاء ثم تولى القضاء الشرعي في طرابلس 1959 فكان من ألمع القضاة، كما وجهت إليه وظيفة الإمامة والتدريس والخطابة في عدد من مساجد طرابلس. واشتهر بتخريجاته الفقهية. وفي مطلع السبعينات راح ينشر مقالات وأحاديث دينية وأخلاقية في جريدة الحضارة الطرابلسية بعنوان "مع الله" وكذلك في جريدة "التمدن".
قبيل وفاته صدر له كتاب "لقاء الإيمان في رحاب القرآن" في 231 صفحة.
الإهداء: "إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه".
يشتمل الكتاب على مقدمة (ص4-6) وفيها يتحدث عن طفولته ودراسته في المدرسة السلطانية بطرابلس (الجديدة اليوم) وملازمته والده سنتين في مكتبه الكائن في (خان المصرية) لمساعدته في "تنظيم دفاتر الأوقاف"، على أن يتخذها مهنة له بتدبير من والده، غير أن القدر كان يهيئه لعمل آخر، وهكذا كتب له أن يدخل القسم الشرعي بدار التربية والتعليم الإسلامية، فيتخرج منه، ثم يلتحق بالأزهر الشريف، حيث تابع تحصيله خلال ست سنوات. ولم يكتف بالزاد الذي تلقاه عن مشايخه في الأزهر كما يقول: ".. ذلك لأن برامج التعليم المقررة آنذاك بحدودها المعروفة لم تكن تشبع رغبتي كطالب علم يتهيأ لحمل أدق رسالة في عصر مخيف غزت فيه أفكار الشباب رسالات أخرى، فصممت على حملها بشكل صحيح متكامل يحدد العلاقة التي أردتها بيني وبين الناس خاصتهم وعامتهم على السواء".
ويقول: "من أجل ذلك أخذت أحلم بالمزيد من الزاد خارج نطاق الكلية أوقات فراغي وأصبح البحث عن مجهول لا أعرفه هاجسي الوحيد ليعطيني من الزاد ما نقص.. ولما كانت الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى، فقد جمعني القدر في رحاب هذا المجهول الذي كنت أفتش عنه. ولم أدر حتى الآن هل كان ذلك خيالاً في منامي أم حقيقة في يقظتي.. والذي يمكنني تقريره هو أن هذا المجهول قد شدني إليه شخصه قبل أن استمع إلى سحر بيانه، قامته متوسطة، كثيف اللحية، عريض الجبين، رأسه بالشيب قد اشتعل، محدوب الظهر، مما يشير بأن عظمه قد وهن. تكسوه مسحة من نور.. وما إن بادرته بتحية الإسلام حتى تلقيت أحسن منها فأذن لي بالجلوس وابتدأ اللقاء.." (ص4-6 المقدمة).
وتستمر اللقاءات حتى بلغ تعدادها العشرة. وفي كل لقاء كان الشيخ عبد اللطيف يسأل والشيخ الوقور الجليل يجيب والأسئلة والأجوبة كلها تدور حول مسائل إيمانية.
وفي نهاية آخر لقاء يكشف لنا الشيخ عبد اللطيف الحقيقة فيقول: ".. وسألت نفسي عما إذا كانت هذه اللقاءات في اليقظة أم في المنام؟ أم كانت حقيقة أم خيالاً؟ ومكثت غير بعيد، ثم أيقنت بأنني كنت أحاور نفسي بنفسي، وكنت السائل والمجيب في آن واحد، وأن لقائي مع أبي الأنوار لم يكن إلا صورة تصويرية لحوار بين سائل ومجيب، يجعل القارئ متشوقاً لمعرفة الجواب بعد عرض السؤال. مما أتاح لهذا الانجاز العلمي- وأقولها بكل تواضع- أن يكون شعلة نور بقدرة خالق النور، وقمة عطاء بفضل المعطي الوهاب، خصوصاً وقد باركني شيخان كبيران وأعطياني الكثير الكثير من الرعاية وحسن الدراية "أما الشيخان هذان فهما الشيخ سعيد الحموي قدّس الله سره، والشيخ عادل أبو شنب..".
وهذان الشيخان كانا من المتصوفة على ما جاء في كتاب الطرق الصوفية ومشايخها في طرابلس للدكتور محمد درنيقة.