الشيخ عبد الفتاح الزعبي
(1840-1935م)
هو ابن محمد بدر الدين الزعبي. ولد في طرابلس وتلقى علومه فيها حيث درس الفقه والأدب. ولما شبّ تسلم زاوية الزعبية في محلة السويقة بطرابلس. كما تسلم وظائف الخطابة والتدريس والإمامة في الجامع المنصوري الكبير. وما لبث أن عينته الدولة العثمانية نقيباً للأشراف عن مدينة طرابلس[1] وخصصت له مرتباً شهرياً، لما كان يتمتع به من علم ودين وأثر مشهود. ويبدو أن الرجل نهض بدور مهم في حياة المدينة، ولا سيما لجهة التوجيه والإرشاد، وكان جهوري الصوت، سريع البديهة، وحججه دامغة. وكانت له معرفة واسعة في علم الأنساب، وترك مخطوطة أسماها (أنساب عائلات طرابلس). وقد جمعت خطبه المسجدية التي كان يلقيها في الجامع المنصوري الكبير وفي زاويته في كتاب سمي (المواعظ الحميدية) وهو مطبوع. ويبدو أن دور اللهو والقمار وغيرها انتشرت في أيامه، بحيث رغب فيها الشباب مبتعدين عن مجالس الذكر، فانبرى الشيخ الزعبي لمحاربتها، وراح يحث جمهور الطرابلسيين على مجانبتها ويحضهم على حضور حلقات الذكر التي كان يقيمها في الزاوية تعبداً لله وتجهداً. كما كان يحارب أدعياء التصوف الذين اتخذوا منه شعاراً يخفون تحته نفاقهم وضلالهم المتمثل بترك التكاليف الشرعية، والتحلل من الشريعة الإسلامية. كما كان يحث الناس على الزهد في الدنيا والعمل للآخرة، مسفّهاً أقوال من راحوا ينكرون كرامات الأولياء. فنظم قصيدة (كرامة الكرامات) بيّن فيها إيمانه العميق بكرامات الشيخ محمد الجسر الطرابلسي ومسجلاً إعجابه بالشيخ حسين الجسر جامع كرامات والده ومناقبه الحميدة.
وظل هذا دأبه، يخطب في الناس، يوجه ويرشد، ويحث على طاعة الله وينهاهم عن الموبقات والشرور، ويبين لهم طريق الخلاص في الدنيا والآخرة، إلى أن توفاه الله. وكانت وفاته في العام 1935م.
آثاره
ترك الشيخ عبد الفتاح الزعبي خطباً مسجدية جمعت في كتاب مطبوع، كما ترك عدداً من المنظومات الشعرية أكثرها في الشعر التعليمي الديني، فضلاً عن الرثاء ومدح مشايخ النقشبندية والقادرية.
أما شعره: وأكثره ديني تعليمي، فنمثل عليه بما ورد في قصائده الثلاث (منظومة في أسماء الله الحسنى، منظومة في أسماء النبي العدناني، أرجوزة الآداب المرضية في الطريقة النقشبندية).
مؤلفاته
1- أرجوزة الآداب المرضية في الطريقة النقشبندية الخالدية، لا مط، 1305هـ.
2- الإيجاز في مدح سيدنا الباز. لا مط، لا ت.
3- منظومة في أسماء الله الحسنى. المطبعة الأدبية، بيروت، 1315هـ.
4- منظومة في أسماء النبي العدناني. لا مط، لا ت.
5- المواعظ الحميدية.
6- أنساب عائلات طرابلس (مخطوط).
[1] قامت الاسرة الزعبية بإنشاء زوايا عديدة في طرابلس للقادرية. وآل الزعبي ينتسبون إلى عبد القادر الجيلاتي وقد نزحوا من عكار إلى طرابلس منذ أكثر من أربعماية سنة. فأقبل عليهم أهلها ينهلون منهم العلم الديني ويدخلون في طريقتهم الصوفية. وبسبب انتهاء نسب العائلة بالرسول (ص) كانت طرابلس تختار شيخاً من الزعبية لمذهب نقيب الأشراف. وهو منصب أحدث في العهد التركي. حيث كانت الدولة العثمانية تعين، في كل مدينة شخصاً من سلالة الرسول (ص) متمتعاً بالكفاءة العلمية وممتلكاً لعدة آثار من مؤلفات أو خطابة أو نبوغ.. وتطلق عليه اسم نقيب الأشراف وكانت تخصص له مرتباً شهرياً.