الشاعرة ناديا نصار
الأستاذ معتز مطرجي
كانت ناديا نصار من الشاعرات القليلات في حياة طرابلس الأدبية في منتصف القرن العشرين. فَتَنَها الأدبُ العربي الراقي فأقبلت عليه في مطالعات متصلة، متذوقة بنهم قوي، سحر شعراء العربية في العصور الذهبية، وراقَها أن يكون هذا التراث أثراً باقياً على الحياة، فانكبت على أسفار الأدب ودواوين شعره تلتهمها وتطالعها بعمق، حتى أصبحت وهي في حياتها الخاصة وتفكيرها الأدبي، عربية النزعة والميول، فتنتقي الكلمات وتصوغها كما يصوغ الجوهري قطعة من الحلي، ثم تعود فتسبك هذه الألفاظ في قالب من الشعر فتخرج منها أبياتاً وقصائد جميلة، موسيقية النبرات، رنانة الألفاظ، وتمتعت بشهرة واسعة لم تتوصل اليها سيدة أخرى في زمانها، وهذه المكانة مدينة بها إلى ثقافتها الأدبية ولحسن إلقائها الشعر في منتديات المدن العربية، ولقد صفّق لها الجمهور الأدبي وهو مأخوذ بموسيقى الكلمات، ووصفتها إحدى رفيقاتها بأنها متحف جميل مكوّن من عناصر جميلة، وأن فنَّها الشعري مثل روحها والحقيقة.
وشاعرتُنا مخلصة في حبّها لمجتمعها ووطنها ولصداقاتها وعلاقاتها مع الآخرين، تقف عند قولها، لا تتغير ولا تتحول عن أخلاقها النبيلة مهما تغير الناس.
وفي شعر ناديا نصّار تتجلى البساطةُ والصدق، ذاك أن الشاعرة اصطبغ شعرُها بصبغتها، ومن جميل ما أعطت وبديع ما أتت به قصيدتها بعنوان "شوق السلام":
وأحب آفاق الحياة
مدى انتشاء وانعتاقْ
وأعيش في ظمأ القلوب
مع اللهيب.. صدى احتراقْ
وأطوف في شُعبِ الضلوع
الحانيات.. هوىً يُراق
وشفاً من الأحلام في
ليلى المريضة في العراقْ
خذني إليك عبر حبٍّ
منعشٍ، ولظى عناقْ
خذني إليك سماتِ وجدٍ
خالدٍ، ومدى انسياق
إلى أن تقول:
أأراك يا لبنان عُدتَ
وقد حنوتَ على الرفاق
وأراك بالإنسان لا خِدَعَ
الضمير ولا النفاقْ
فالبغضُ جوعُ الشرِّ
وهو يعيش من زرع الشقاق
وفي قصيدة السراب تقول:
كان عمري عذاب عمر وجيع
وحياتي مرّت بغير ربيع
وحياتي رماد ماضٍ تولى
ذاب في هيكل الأسى كالشموع
وحياتي دموع قلب شجيّ
ربَّ قلبٍ بكى بغير دموعِ
يا أساة الجراح عمري صقيعٌ
علِّلوني فقد يذوب صفيعي
أيعود الزمان؟ أسفح عمري
علّلوني... أما له من رجوعِ؟
كان دفءُ الحياةِ عندي سراباً
عطشي ظلُّ للسراب وجوعي
وجاء في ديوان الشعر الشمالي الذي أصدره المجلس الثقافي للبنان الشمالي سنة 1996 عن الشاعرة ناديا نصار ما يلي:
ولدت في طرابلس سنة 1934. تلقّت دروسها الابتدائية في مدرسة راهبات المحبة بطرابلس وأتمّت دراستَها الثانوية في كفرون رفقه.
درست في طرابلس أعمال السكرتيريا وعملت موظفة في شركة نفط العراق مدة 15 عاماً.
كانت عضواً في منتدى طرابلس الشعري وهي رائدة فكرة إنشاء الصالونات الأدبية.
شاركت في عدد كبير من الأمسيات الشعرية في طرابلس ودمشق واللاذقية وحماه وجبلة.
قدّمت شعراً في إذاعات الوطن العربي كما في بيروت والكويت. كتبت في الصحافة الأدبية كناقدة وبشكل خاص في مجال النقد التشكيلي.
نشرت ثلاثة كتب هي:
- ديوان: وجد تعرّى منشورات بعلبكي عام 1969.
- خطرات على ساحل المعرفة. كتاب وجداني نثري.
- ديوان زمن العشق بمساعدة اتحاد الكتاب العرب بدمشق.
- وهي عضو اتحاد الكتاب العرب بدمشق، ولها محاولات لإنشاء فرع له في طرابلس. توفيت في 11 نيسان 1994 بطرابلس.