أديبة الفيحاء جيهان غزاوي
الأستاذ معتز مطرجي
أديبة طرابلسية، تألقت في مجتمع ذكوري محافظ، خرجت عن نمط الحياة الرتيبة التي كانت تعيشها المرأة، وفكت غلال القيود الإجتماعية، وكأنها أخذت من اسمها الفارسي: الدنيا والعالم، محطة انطلاقة ادبية الى لبنان والعالم العربي. ظهرت نباهتها ووعيها....وهي دون العاشرة، فسجلت في دفاترها المخطوطة، خواطر ومذكرات على قدر كبير من الإدراك.
أديبة طرابلسية، تألقت في مجتمع ذكوري محافظ، خرجت عن نمط الحياة الرتيبة التي كانت تعيشها المرأة، وفكت غلال القيود الإجتماعية، وكأنها أخذت من اسمها الفارسي: الدنيا والعالم، محطة انطلاقة ادبية الى لبنان والعالم العربي. ظهرت نباهتها ووعيها....وهي دون العاشرة، فسجلت في دفاترها المخطوطة، خواطر ومذكرات على قدر كبير من الإدراك.
كانت إمرأة صلبة، شفافة، معطاءة، قامت وانتشت وترعرعت من داخل المدينة القديمة، لكن قنديلها انطفأ وهي في ذروة عطائها وريعان شبابها.
نذرت قلمها لخدمة الحقيقة في مجتمعها، وسعت الى أن يعم الخير ابناء بلدها، الذين طالما احبتهم وعملت على إعلاء شأن المرأة، فقد كانت كاتبة جريئة في أسلوبها الرشيق، دقيقة في قوة وبساطة، ليّنة بحسب ما تقتضيه المواضيع المنوعة، من غير ما تكلف في انتقاء الفاظها وعباراتها، وكأنها تعمدت هذا الأسلوب الشائع عند بعض الكتاب، هذا الأسلوب المليء بالتكرار، وترتيب الكلام العادي الذي يجافي العاطفة.
الأديبة جيهان غزاوي، أحبت اللغة والأدب، وجعلت منهما اداة لإظهار مواهبها...لها كتابات شتى، تنتزع موضوعاتها من صميم المجتمع.
في سيرتها نفحات روحية صادقة، وحنان الأمومة الرقيقة، وهي أيضاً ، مربية وروائية وناقدة وشاعرة.
وصفها الأديب يونس الأبن: مي الثانية.وقالت فيها الأديبة ادفيك شيبوب:"أديبة من لون وحدها، كانت جيهان ذات قلم قلّ أن يجارى في العبارة المرصوصة المكتملة البناء، يأسرك فيها النفس الزاهي لكأنه من غير هذا العصر، والكلمة الرشيقة المنتقاة بذوق، فخمة، نابضة الحروف حتى لكأن جيهان، إذ تبني عمارتها الادبية، إنما تتقطع حجارتها من مقالع عميقة الأغوار - من المرمر النادر- متفننة في صقلها وابراز سحرها".كما كتبت عنها سلمى الحفار كزبري ووداد سكاكيني. ولدت جيهان غزاوي في طرابلس سنة 1916، درست في مدرسة الطليان للبنات، إلا أن ظروفها العائلية اضطرتها لترك المدرسة أثر وفاة والدتها، لتنصرف الى الاهتمام بشؤون عائلتها، ولم تمنعها مشاغل البيت من متابعتها الحثيثة للمطالعة الواسعة، فنالت معرفة وثقافة عامة، أهّلتها للكتابة وأن تكون بين الأدباء، فانتسبت الى الرابطة الأدبية الشمالية الى جانب الاساتذه حسيب غالب ويونس الابن واكرم الصوفي وغيرهم، وكانت أول فتاة تدخل بترحيب كبير الى هذه الرابطة.
قرأت لكثير من كبار الأدباء والكتاب، وكان إعجابها شديداً بالاديبة مي زيادة، ووضعت دراسة عن ادبها بقيت مخطوطة، كما وجهت انتقاداً ادبياً الى سميرة عزام.
تركت مؤلفات منها: قصص صغيرة ومقالات في المجلات الادبية ومنها محاضرات واحاديث من محطات الإذاعة تبحث في التربية، وعلم النفس ثم دراسة بعض الشخصيات ذات الأثر الفعال في النهضة الحديثة، ومن مؤلفاتها غير المنشورة: الجوهرة الدفينة، طريق الجلجلة، قصة انسان، قلب المرأة ومكنوناتها وغيرها.
توفيت جيهان غزاوي عوني سنة 1956، وهي في الأربعين، وكانت قد تزوجت من السيد تحسين عوني وانجبت ثلاثة ابناء، نسيمة زوجة اللواء والوزير السابق سامي الخطيب وحسان ووليد عوني الفنان. وهناك شهادات حية عن الأديبة الطرابلسية المرهفة، فقد ظلت ادفيك شيبوب لمدة عشرين عاماً تحيي ذكرى جيهان في الاذاعة اللبنانية، واختم بما قالته ابنتها السيدة نسيمة عوني الخطيب: رحم الله المرأة الأم والأديبة والصديقة جيهان غزاوي، فما اجملها وهي على قيد الحياة، وما اعزها في القلوب والنفوس وهي في عالم بارئها العظيم.