نسيم نعمة خلاط
(1833-؟)
ولد نسيم خلاط في طرابلس وتعلم في مدارسها، غير أنه ما لبث أن لازم أحد المرسلين الأميركان وأخذ عنه اللغة الإنكليزية كما تعلم اللغة الإيطالية على راهب إيطالي، ثم راح يتثقف على نفسه من خلال مطالعات مكثفة باللغات الثلاث: العربية والإنكليزية والإيطالية.
بدأ حياته العملية ترجماناً لقنصلية الولايات المتحدة الأميركية بطرابلس واستمر في عمله هذا حتى سفره إلى مصر حيث أنشأ في مدينة الإسكندرية محلاً تجارياً بشراكة ابن عمه أسعد مخائيل خلاط.
ويبدو أن النشاط التجاري كان مزدهراً.. فلما آثر شريكه العودة إلى وطنه، استقدم المترجم أخويه تيودور وقيصر لمساعدته فراجت أعمال المحل واشتهر بحسن المعاملة. وقد ترك نسيم مصر عائداً إلى طرابلس سنة 1872 لينشئ فرعاً لمحله الاسكندري.
وفي طرابلس عين خلاط عضواً في مجلسها البلدي، وكذلك عين عضواً في كل من شركتي الترامواي بين البلد والأسكلة (الميناء) والشوشة بين طرابلس وحمص وحماه. ثم انتخب عضواً في مجلس إدارة طرابلس ونال من الحكومة العثمانية الرتبة الثانية والوسام العثماني الثالث والمجيدي الرابع، كما يذكر عبد الله نوفل في كتابه تراجم علماء طرابلس وأدبائها (ص130-131).
وكان نسيم خلاط واسع الاطلاع، حر الضمير، وكاتباً بارعاً وجريئاً مقداماً. فقد سافر إلى أوروبة سنة 1900 وألف في أثر سياحته في مدنها، كتاباً يعد من أفضل ما صنّف في أدب الرحلات.
كما كان له مقالات شائقة في مجلتي المقتطف والمنار، وكان ينظم الشعر في بعض الأوقات. وقد ذكر نوفل أنه ترجم قصيدة دانتي من الإيطالية.
ومما يذكر له أنه كان أحد المؤسسين لمدرسة بكفتين الداخلية الأرثودكسية وقد بذل في سبيل إنشائها مالاً وجهداً، "فمشت المدرسة شوطاً بعيداً من النجاح" إذ يسّر الله نخبة من أبناء الطائفة خدموها بكل إخلاص "فنالت المدرسة شهرة واسعة وخرج من صفوفها بضعة من كبار الأدباء.." وكانت وطنية الروح والنهج وغلب عليها التساهل الديني الذي كان يرفرف بين جدرانها.