جامع سيدي عبد الواحد
يقع في زقاق ضيق في محلّة المهاترة. بناه الشيخ عبد الواحد المكناسي وهو من بلاد المغرب كما يتبيّن من تسميته (المكناسي)، ويعدُّ من الأولياء، نزل مدينة طرابلس بعد فتحها من قبل المماليك. وفي داخل المسجد، وفوق الدعامة المواجهة لنافورة الماء التي تتوسط المسجد اليوم، النقش الكتابي الآتي: "أنشأ هذا المكان المبارك العبد الفقير إلى الله تعالى عبد الواحد المكناسي غفر الله له ولمن كان السبب فيه، وذلك في تاريخ سنة خمس وسبع مئة"[1].
ويتميز هذا المسجد بالبساطة التامّة فهو يقوم على عقود ضخمة، قليلة الارتفاع، وهو صغير المساحة. وطراز قبّته وعقوده ودعائمه تجعله أقرب إلى مساجد المغرب الإسلامي من مساجد بلاد الشام. ومئذنته تختلف عن سائر مآذن طرابلس[2]. وقد كان لهذا المسجد صحن واسع تتوسطه نافورة ماء، إلاّ أنه يبدو اليوم من غير صحن، بعد أن تمّ عام 1396 هـ توسيع بيت الصلاة، مع الإبقاء على نافورة الماء في وسطه، وأقيم في طرف البناء الجديد مكان آخر للوضوء؛ ثم وضعت، داخل المسجد، لوحة رخامية، بالقرب من مدخله، لتخليد ذلك جاء فيها: "إنّما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلاّ الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين. شُيّد بناء هذا البهو وهذه القبّة من مال المحسنة الحاجة صبحية السيد حرم أمان السويسي في 3 محرم الحرام سنة 1396 هـ".
وممّا يلفت الانتباه أن النابلسي وابن محاسن[3] اللذين عدّدا مساجد طرابلس الجامعة في القرنين السابع عشر والثامن عشر، لم يأتيا على ذكر جامع عبد الواحد، علماً بأنه ثاني جوامع المدينة من حيث القدم؛ مما يحمل على الظنّ بأنه لم يكن من المساجد الجامعة، أو أنه كان مهملاً في ذلك التاريخ.
[1] - عبد العزيز سالم: طرابلس الشام في التاريخ الإسلامي، الإسكندرية، 1967، ص 408 وقد ذكر في بحثه (سبعمائة)؛ أنظر أيضاً فاروق حبلص: طرابلس/ المساجد والكنائس، دار الإنشاء للصحافة والطباعة والنشر، طرابلس، ط1، 1988، ص42 وقد ذكر في بحثه بأنها كتبت (سبع مئة) وأوردها كذلك.
[2] - السيد عبد العزيز سالم: مرجع سابق، ص 408.
[3] - إبن محاسن: المنازل المحاسنية في الرحلة الطرابلسية، تحقيق عدنان البخيت، دار الآفاق الجديدة بيروت 1981، ص (81- 84)؛ انظر أيضاً الشيخ عبد الغني النابلسي: التحفة النابلسية في الرحلة الطرابلسية، مخطوط، ص 75- 76.