الشيخ عمر الرافعي
(1881-1960م)
الشاعر والمفتي.
والده هو الشيخ عبد الغني الرافعي الذي كان رئيساً لمحكمة استئناف الحقوق في مدينة صنعاء باليمن. وقد ولد عمر فيها. غير أنه تلقى علومه الابتدائية والإعدادية في طرابلس، ثم أكمل دراسته الإعدادية في بيروت وبعدها غادر إلى استانبول حيث التحق بكلية الحقوق، إلا أنه لم يكمل دراسته، فسافر إلى مصر متفقهاً في العلوم الدينية، آخذاً عن أساتذته ولا سيما الإمام الشيخ محمد عبده، والشيخ حسين المرصفي، والشيخ بخيت وغيرهم من العلماء.
عندما أنهى دراسته في الأزهر، حاول أن ينشىء جريدة في حلب إلا أن السعاة وشوا به، فلم يحصل على الإذن بإصدارها (1906). عاد بعدها إلى طرابلس 1907 ليعمل في المحاماة. وعندما حصل الانقلاب العثماني 1908 رغب في الالتحاق بسلك القضاء. فعين عضواً ملازماً في محكمة بداية نابلس. وبعد بضعة أشهر نقل إلى بيروت ثم إلى طرابلس، ثم عاد إلى محكمة بيروت بناء على طلبه. وبعد ذلك كلف بعضوية محكمة بداية حماه، لكنه اعتذر عن قبول المنصب وانصرف عن خدمة الحكومة، وعاد إلى سلك المحاماة بدمشق 1912. وعندما نشبت الحرب العالمية الأولى 1914 أصابه ما أصاب أمثاله من الأحرار من اضطهاد وتعذيب وسجن. فقد اتّهم بأنه كان يدعو إلى إقامة حكومة عربية في بعض أجزاء الممتلكات العثمانية، فألقي القبض عليه في إحدى ضواحي طرابلس، وكان الوالي التركي عزمي بك يلاحقه ملاحقة شديدة. وجيء به مكبلاً بالأصفاد إلى بيروت ثم أرسل إلى دمشق ليحكم عليه بالإعدام. إلا أن الحكم خفّف إلى السجن المؤبد. وكان سجنه بدمشق حيث مارست السلطات بحقه شتى أنواع التعذيب (من منع من الاختلاط إلى سوء تغذية، إلى حمل السلاسل والسير بها زمناً طويلاً، إلى المنع من النوم، إلى الإهانات) وكان ذلك سبباً لابتلائه بعدد من الأمراض، فدخل المستشفى للمعالجة، بعد أن ساءت حالته الصحية كثيراً.
وعندما دخل الجيش العربي مع الحلفاء دمشق أطلق سراحه مع سائر المساجين 1918 ولم يجد الشيخ عمر عند حكام دمشق الجدد أذناً صاغية فيئس وعاد إلى طرابلس.
وفي العام 1919 عين معاوناً للمدعي العام بطرابلس ثم رقي إلى وظيفة المدعي العام في صافيتا، ثم أعيد إلى بيروت قاضياً للتحقيق، وما لبث أن تقلب في مناصب قضائية في عدد من البلدات إلى أن أحيل إلى التقاعد في العام 1930.
بعد تقاعده انصرف الرافعي إلى المطالعة ولا سيما في كتب الصوفية، وآثر العزلة عن الناس، والتأمل في كيفية العمل لإنهاض أمته. وما لبث أن انخرط في الطريقة النقشبندية.
وفي أخريات أيامه جرى انتخابه مفتياً 10 آذار 1948 لكنه لم ينل المنصب رسمياً، غير أن جماهير المدينة انطلقت تهتف: لا مفتي إلا عمر، فاعترف به الناس مفتياً شعبياً وجرى تتويجه في دار أحد الوجهاء الطرابلسيين كما يذكر ذلك الدكتور درنيقة في كتابه (ص209).
مؤلفاته
ترك الشيخ عمر الرافعي عدداً من المؤلفات لم يطبع منها سوى ديوانه (مناجاة الحبيب) الذي جمع فيه قصائد طويلة في مدح الرسول وآل بيته وأصحابه (المطبعة العصرية صيدا1952) في مجلدين، ومن مؤلفاته:
- أساليب العرب في الشعر والرسائل والخطب، 800 صفحة.
- القضية المضرية في القضية العربية.
وله قصائد متفرقة نشرها في جرائد طرابلس والصباح والبرق والحوادث والراصد وصدى الشعب والرأي العام ومجلة العرفان.
وصفه د. تدمري فقال: "وكان ممتلئ الجسم، طويل القامة، منور الوجه والشيبة، مستدير الوجه عليه سيماء الصلاح والتقوى، محترماً من الجميع، له هيبة ووقار، وكان ديّناً ورعاً، تقياً، صالحاً". (مجموعة علماء المسلمين، ج 3، ص 398).